الجزائر

أساتذة يؤكدون بخصوص مصادرة الأراضي الفلاحية من قبل المعمّرين



أساتذة يؤكدون بخصوص مصادرة الأراضي الفلاحية من قبل المعمّرين
أكّد المشاركون في ندوة تاريخية، نظمت أمس، حول موضوع (مصادرة الأراضي الفلاحية ومنحها للمعمرين الفرنسيين)، خلال فترة احتلال الجزائر، أن الإدارة الاستعمارية الفرنسية كانت تحاول من وراء هذه السياسة تجريد كافة الجزائريين من مقومات الهوية الوطنية التي تربطهم بالأرض المتوارثة عن الأجداد، معتبرين أن هذا الإجراء الفرنسي كان بمثابة تشجيع مباشر لتوسيع الحركة الاستيطانية في الجزائر.وأوضح باحثون ومختصون في تاريخ الجزائر وثورة التحرير، خلال هذه الندوة التاريخية التي بادرت بها جمعية “مشعل الشهيد” بالتنسيق مع منتدى جريدة “المجاهد” في إطار منتدى الذاكرة، أن مصالح الاستعمار الفرنسي تفنّنت في سياسة نهب ومصادرة الأراضي الفلاحية التي كانت تابعة لملكية الجزائريين قبل 1830، منتهجة في ذلك أسلوب مصادرة الأراضي باسم القانون.وأكد هؤلاء الباحثون أن هذه الممارسة الاستعمارية القمعية التي كانت تنتهجها فرنسا الاستعمارية تمخّضت عنها جملة من القرارات والمراسيم في إطار تطبيق مبدأ المصلحة العامة (كمد الطرق وإقامة الجسور والمراكز العسكرية.. وغيرها)، على غرار مرسوم 22 جوان 1834 الذي ينص على اعتبار الجزائر جزءا من الممتلكات الفرنسية وقرار سبتمبر 1830 الذي ينص على مصادرة أراضي المسلمين المنحدرين من أصول تركية.وفي هذا الإطار، أكد أستاذ التاريخ بجامعة الجزائر، السيد محمد لحسن زغيدي، أن مصادرة الاستعمار الفرنسي لأراضي الجزائريين كانت مبنيّة أساسا على ترسانة كبيرة من القوانين والتشريعات تمّ اللجوء إليها لإضفاء طابع الشرعية والاحتكام للقانون في ذلك، إلاّ أن هذا الإجراء في حقيقة الأمر يعد جائرا وغير شرعي، حيث يرمي في الواقع إلى محاولة طمس أي معلم يرمز للشخصية والهوية الجزائرية المرتبطة بالأرض الأم.وأوضح الأستاذ زغيدي، في هذا الاطار، أن فرنسا الاستعمارية رمت بكل ثقلها من أجل انتزاع ملكية الأراضي الفلاحية من ملاكها الشرعيين (الجزائريين) وجعلها مصدر رزق للمعمرين الأوربيين الذين شجّعتهم فرنسا على الاستيطان في الجزائر بصفتهم إقطاعيين، مضيفا أن الإدارة الاستعمارية آنذاك وزّعت ما يعادل مليوني هكتار من الأراضي الصالحة للزراعة على ما يفوق مليون مستوطن طوال عام كامل من الاحتلال وهو ما شجّع المستوطنين الأوربيين على البقاء في الجزائر والاسترزاق من محاصيل هذه الأراضي .وقال المتحدث، مقابل ذلك فإن “الاستعمار الفرنسي عزّز سياسته الاستيطانية في مصادرة أراضي الجزائريين بأكثر من 20 مرسوما ونصا قانونيا، ترمي جلها إلى نزع الملكية الشرعية لهذه الأراضي وتحويلها تلقائيا إلى وصاية الإدارة الفرنسية الإقطاعية”. معتبرا أن الهدف الرئيسي من وراء هذه السياسة هو السّعي بشتى الوسائل المتاحة لانشاء قرى جديدة في إطار المستوطنات التي أوكلت لها مسؤولية استغلال الأراضي الزراعية والاستثمار فيها.وبعدما تحدّث مطوّلا عن سياسة مصادرة الأراضي واستخدام الجزائريين في استثمارها وزراعتها، ذكّر السيد زغيدي بأن فرنسا كانت تلجأ في غالب الأحيان إلى إجبار الملاّك الشرعيين على بيع أراضيهم في إطار ما يعرف بالمزاد العلني.وبدوره، أكد الأمين العام لاتحاد الفلاحين الجزائريين، السيد محمد عليوي، أن تعنّت إدارة الاحتلال الفرنسي في نهب أراضي الجزائريين عجّل في تأجيج الثورات الشعبية والانتفاضات المسلحة في وجه المستعمر، موضحا أن الثورة المسلحة التي جاءت فيما بعد كانت تضع نصب عينيها قضية استرجاع الأراضي والأملاك الشرعية للشعب الجزائري كونها ممتلكات تتعلق بشرف كافة الجزائريين دون استثناء.وقال السيد عليوي في تدخل له خلال هذه الندوة إن الفلاحين الجزائريين عانوا كثيرا من سياسة مصادرة الأراضي وتحويلها إلى النظام الاقطاعي، مشيرا في السياق إلى أن هذه السياسة لم تستثن هؤلاء الفلاحين الذين أجبروا على العمل في هذه الأراضي بأثمان جد زهيدة بصفتهم “خمّاسين” لدى الكولون.وللإشارة، نظّمت هذه الندوة التي شاركت فيها شخصيات وطنية وأساتذة وإعلاميون إلى جانب بعض أعضاء الاسرة الثورية، في إطار الاحتفالات المخلدة للذكرى ال50 لاسترجاع السيادة الوطنية.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)