تتكاثر أصابع الاتهام، هذه الأيام، وبطريقة مركزة وموحدة وأحيانا عشوائية، نحو عينة من الأساتذة، ممّن يحمّلهم الأولياء وحتى مسؤولين في وزارة "التغبية"، مسؤولية انهيار المستوى والنتائج الكارثية التي حصدتها نسبة واسعة من التلاميذ في امتحانات الفصل الأول!ليس دفاعا عن الأساتذة، لو قال قائل، بأن الظروف التي يشتغلون فيها، لا يمكنها أيضا إنجاح مهمة التعليم، كما أن التعليم يستحيل أن ينجح في غياب التربية، وهذه الأخيرة طبعا هي واحدة من مهام ومسؤوليات الأولياء والعائلة، لكن في هذا المقام، تصرخ أصوات عالية: وهل ظروف المستودعات التي يبيع فيها أساتذة الدروس الخصوصية، أحسن من وضعية المدارس؟
فعلا، حتى نعثر على الحلّ المبعثر، يجب أن يعترف الأساتذة المعنيون -وهم في اعتقادي ضحايا لمنظومة مدرسية وجامعية- بأنهم كذلك جزء لا يتجزّأ من المشكلة، حتى لا يتم هكذا "مسح الموس" بطريقة تعسّفية وغير مهنية، في تلاميذ لا حول ولا قوّة لهم!
نعم، الأستاذ الذي يطلب من الوليّ تدريس ابنه في البيت، لا يستحقّ أن يحمل محفظة ويرتدي مئزرا، ويكون من الفيلق الذي كاد فيه المعلم أن يكون رسولا، وحتى لا نسوّد كلّ أبيض، ونبيّض كلّ أسود، بالفعل، هناك أزمة أساتذة، خاصة وسط الجيل الجديد من المعلمين الذين يعتقدون بأن التعليم مهنة إدارية أو إنتاجية كغيرها من سائر المهن والوظائف!
لا يُمكن للتلميذ مهما كان مستواه ودرجة تفوّقه، أن يدرس في البيت دون المدرسة، فالمدرسة هي الأصل، والبيت هو الفصل، الأولى هي المنبع، والثانية هي المشكاة التي تستقبل وتأتمر للأوامر، أمّا أن يتملّص معلمون -وليس كلهم طبعا- من رسالتهم التي تبقى نبيلة وصعبة في نفس الوقت، ويرمون بمهمتهم إلى الأولياء، فهذا ما لا يقبله العقل حتى في لحظة الهبل!
أخطر ما نواجهه اليوم، هو رمي كلّ طرف لدوره ومسؤوليته على كاهل الآخرين، بحجج واهية ومبررات معلبة ومعتوهة، ولكم أن تتصوّروا هل يُعقل ويُقبل أن تتنازل المدرسة عن وظيفتها إلى البيت، ويقذف الأستاذ بمهامه إلى الوليّ، وبعدها يتحدث هؤلاء وأولئك عن النتائج والمستوى والنسب المئوية والاحترام المتبادل!
على من لا يُمكنه تحمّل ما يجب أن يتحمّله الأستاذ، اختيار مهن أخرى منذ البداية، بدل التدافع والبكاء أمام المدارس العليا للأساتذة، ثم بعد التعيين والتوظيف، ينحرف المعيّنون عن واجبهم، ويُريدون أن يشغلوا معهم الأولياء وغير الأولياء في العملية التدريسية، لكن دون اقتسام الأجرة معهم!
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 24/12/2018
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : الشروق اليومي
المصدر : www.horizons-dz.com