يبدو أن التدخل العسكري الفرنسي في مالي جاء متسرعا وبدون حسابات دقيقة، بدليل أنها أخذت في مراجعة هذه الحسابات بعد أن اصطدمت بالواقع على الأرض وبالطبيعة الاجتماعية للمنطقة.
كما يبدو أن باريس أرادت أن تحقق إنجازا كما فعلت أمريكا في أفغانستان لكن شتان بين المنطقتين، ذلك أن أمريكا خبرت المنطقة وهيأت كل الظروف لتدخلها لحسم الوضع لصالح الاستراتيجية التي تريدها بعد أن حسمته ضد الاتحاد السوفياتي سابقا بأدوات محلية، قبل أن تدخلها في حرب أهلية أتت على الأخضر واليابس.
وفرنسا التي جرت أمريكا بالأمس إلى المستنقع الفيتنامي هاهي تحاكي هذه الأخيرة وتنجر وحدها للمستنقع المالي ضاربة عرض الحائط بجميع المساعي والحلول المقترحة لتطويق الأزمة وتجنيب هذا البلد والمنطقة بكاملها عواقب تدخل عسكري قد لا تحمد عقباه.
فهل كانت فرنسا أكثر ذكاء من الدول الغربية للإقدام على هذا التدخل وبالسرعة غير المنتظرة أم أن مصالحها في المنطقة أعمتها عن العواقب التي حسبت لها دول غربية ألف حساب؟ وهي البلدان التي أصبحت تخوض حروبها بحصيلة صفر خسائر بعد ضمان استمرار مصالحها في المناطق التي تتدخل فيها.
وبماذا ننصح فرنسا اليوم ؟ هل بالتراجع أم بالاستمرار؟ الجواب يبدو صعبا بعد أن أغلق تدخلها كل الأبواب أمام الحل السلمي للأزمة الذي سعت إليه دول المنطقة وقطعت فيه أشواطا كبيرة في تقريب وجهات نظر الأطراف المتنازعة.
وبالتالي فإن الاستمرار في العملية العسكرية إلى مالا نهاية سيخلق توترات أخرى المنطقة في غنى عنها، كما أن تراجعها سيعطي الجماعات الإرهابية ومن يقف وراءها من سماسرة السلاح وتجار الازمات انطباعا بأنها ذات شأن وبالتالي تشجيعها على التمادي في مخططاتها التدميرية.
الكرة إذن في الملعب الفرنسي لرسم نهاية للأزمة تكون في صالحها وفي صالح مالي والمنطقة برمتها.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 10/03/2013
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : اليوم ع سالم
المصدر : www.el-massa.com