الجزائر

أزمة الديون السيادية في أوروبا تغير النظر إلى روسيا عدو الأمس يتحول إلى شريك استراتيجي اليوم



لم تظهر الخلافات السياسية على السطح هذه المرة بين الاتحاد الأوروبي وروسيا رغم وجودها في ملفات مختلفة مثل الوضع في سورية والملف النووي الإيراني وملفات سياسية أخرى معروفة بين الطرفين، وفسر غياب إبراز الخلافات الروسية الأوروبية التقارب الاقتصادي بين الطرفين والأكثر من ذلك الاحتفال بدخول روسيا إلى منظمة التجارة العالمية بعد 18 سنة من الانتظار، ولم تلاحظ أن نية من الطرف الأوروبي خاصة إفساد عرس مدفيدف في بروكسل، كما كان الحال سابقا والأرقام التي سردها الرئيس الروسي في ندوته الصحفية جاءت لإثبات علاقة روسيا كشريك استراتيجي للاتحاد الأوروبي، كيف لا وهي التي تؤمّن له الإمداد بالطاقة. ويساهم الاتحاد الأوروبي بدوره في تمويل بناء الأنابيب الناقلة للطاقة والعابرة للقارات كما ذكر بذلك الرئيس الروسي. والأكثر من ذلك، فإن دعم روسيا لليورو أصبح ضرورة استراتيجية لروسيا التي تملك 41 في المئة من الاحتياطي النقدي وكذا السندات كلها بالعملة الأوروبية، وطالبت قادة الاتحاد بالصبر والتأني وعدم إظهار الخلافات للحفاظ على اليورو العملة الأوروبية الموحدة وعلى وحدة المجال الأوروبي بصفة عامة. الاتحاد الأوروبي تلقى أيضا هدايا أخرى من روسيا تتمثل في القبول بالمساهمة في برنامج الإنقاذ الذي وضعت للاتحاد الأوروبي للقضاء على أزمة الديون السيادية، عبر صندوق النقد الدولي واستعداد روسيا التباحث مع قادة الاتحاد لإيجاد آليات أخرى تمكّنها من مساعدة أوروبا للخروج من أزمتها.  الجانب الأوروبي الذي غيّب هذه المرة المواقف السياسية والإيديولوجية، قرر الاستثمار في برنامج مدفيدف لتحديث الاقتصاد الروسي الذي رصدت له موسكو المليارات، وقرر الذهاب بهذا الاتجاه بإلغاء التأشيرة التي كانت مفروضة على الروس من أجل تسهيل تنقل رجال المال والأعمال ومهن أخرى يتم تحديدها لاحقا، كمرحلة أولى بحيث لن تطلب دول الاتحاد تأشيرة للروس الذين يأتون في إطار فترات إقامة محدودة بدءا من السنة القادمة على أن يتم إزالة الفيزا على الجميع مستقبلا.  بعد الخلافات التقليدية بين ما كان يسمى صراعا بين الغرب والشرق استطاعت المصالح الاقتصادية أن تقلل من حدته إلى درجة غاب فيها الحديث عن احترام حقوق الإنسان والديمقراطية، وعن الانتخابات الحرة وغيرها من القضايا الخلافية سابقا، استطاعت أزمة الديون السيادية أن تغير طابع العلاقات بين روسيا والاتحاد لتتحول إلى شريك استراتيجي يجب الحفاظ على العلاقات معه ولو على حساب الدفاع عن المبادئ التي ميزت السياسة الغربية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. من بروكسل : لخضر فراط


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)