الجزائر

أزمة الاستفتاء: باب الفرص لم يغلق بعد



أزمة الاستفتاء: باب الفرص لم يغلق بعد
بقلم: عريب الرنتاوي*
تقترب أزمة استفتاء إقليم كردستان من بلوغ ذروتها لم يتبق سوى أسبوع على موعد إجرائه فيما الوساطات الإقليمية والدولية ما زالت تصطدم بالفجوة الواسعة التي تباعد ما بين بغداد وأربيل ولغة _الحوارس بين الجانبين تتحول إلى تقاذف بالاتهامات والتهديدات والأيدي تتوزع على _أزندة البنادقس والقلوب على حد سواء.
من بين أهم الوساطات الناشطة على خط بغداد - أربيل تلك التي أطلقتها واشنطن في ربع الساعة الأخير ... وتقول _التسريباتس أنها تنطوي على عناوين عدة من بين أهمها: تعميق المسار الفيدرالي في المرحلة القادمة تزامناً مع إطلاق حوار جدي بين بغداد وأربيل مجدول زمنياً فضلاً عن طرح قضية الكونفدرالية ربما لأول مرة على جدول أعمال المتفاوضين.
برلمان كردستان اجتمع على نحو طارئ لأول مرة منذ عامين تقريباً وقرر إجراء الاستفتاء في موعده لكنه أبقى القرار النهائي بيد القيادة السياسية في الإقليم تحسباً لأية طارئ وتجاوباً مع أي عرض قد تقدمه واشنطن وتقبل به بغداد ويلبي الحد الأدنى لمطالب الكرد العراقيين.
الشيء ذاته تجلى ما بين سطور مسعود البرزاني رئيس الإقليم في رسالة تُليت بالنيابة عنه في ملتقى _الديمقراطية وتقرير المصيرس الذي نشارك فيه عرباً وكرداً إذ في الوقت الذي شددت فيه الرسالة على إجراء الاستفتاء في موعده إلا إنها لم تغلق باب الحوار والتسويات والحلول الوسط وهذا أمرٌ مفهوم فالإقليم ورئيسه بشكل شخصي لن يتراجع عن فكرة الاستفتاء في الموعد المحدد في الخامس والعشرين من أيلول/ سبتمبر الجاري إلا نظير _مكتسباتس يستطيع بها تسويق تراجعه وتسويقه.
حتى الآن وبصرف النظر عن مآلات وساطات ربع الساعة الأخير فإن بمقدور البرزاني أن يشعر بالارتياح لما تحقق من إنجازات على المستويين العام والخاص:
على المستوى العام وضع الاستفتاء قضية استقلال الإقليم على جدول أعمال الدولي وبات أهم عنوان على الأجندة العراق في مرحلة ما بعد داعش ... هذا تطور مهم وسيصبح من الصعب على أية أطراف أخرى أن تجادل وتضغط لمنع الاستقلال الكردي عند المحاولة التالية ... هذا أمرٌ يمكن القول إنه بات محسوماً خصوصاً مع وضع قضية _الكونفدراليةس على جدول الأعمال متجاوزة _الفيدراليةس كسقف لمطالب الكرد.
وعلى المستوى العام أيضاً نجح البرزاني في شد العصب القومي لأكراد العراق بعد أن اشتدت بهم الضائقة الاقتصادي والتهديد الأمني والانقسام السياسي ... لا صوت في الإقليم يعلو على صوت الاستفتاء وصاحب حقوق الملكية الفكرية في هذا المشروع هو البرزاني شخصياً.
أما على المستوى الشخصي فقد نجح الرجل في تفعيل البرلمان الكردي المعطل وجذب القوى الأخرى إلى جلسات البرلمان مرجئاً حتى إشعار حكاية الانتخابات وتجديد الشرعيات وهو المنتهية ولايته منذ عامين ويسعى في التمديد والتجديد والتوريث شأنه في ذلك شأن كثير من الحكام العرب.
تتوزع فرص نجاح الوساطة الأمريكي وفشلها مناصفة بين الاحتمالين كما تقول مصادر كردية مطلعة هنا في السليمانية ... كل شيء جاهز ووارد ... لكن ما يخشاه الكرد أن يكون مرور الزمن نوعاً من تقطيع الوقت بدل أن يُستغل في بناء تفاهمات وتوافقات حول القضايا بين المركز والإقليم ... فيما تدرك بغداد بكل من فيها أن الكرد ماضون في مشروعهم الاستقلالي طال الزمن أم قصر وبصرف النظر عن طبيعة _الصفقةس التي يمكن ان تعرض عليهم.
قلنا سابقاً أن مسألة استقلال كردستان ليست سوى مسألة وقت وأن على العرب التكيف مع هذه الحقيقة وأن الانفصال الطوعي خير من الوحدة القسرية وأن البحث يتعين أن يجري حول المستقبل وما يمكن أن يستبطنه من فرص بدل البقاء في أسر الماضي بما فيه من عقد وذكريات مؤلمة ... وما ينطبق على العرب ويطلب منهم ينطبق بالدرجة ذاتها على الكرد الذين يتعين عليهم الخلاص من خطاب _المظلوميةس منذ اللحظة التي سيصوتون فيها ب _نعمس لاستقلال الإقليم وألا يتورطوا في إعادة انتاج تجارب _المركزس في بغداد وألا يسلكوا طريق الشوفينية العربية المركزية مع غيرهم من مكونات الإقليم.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)