الجزائر

أزفون تحتفي بابنها المجاهد "طرحة محند" في ذكرى اندلاع الثورة



أزفون تحتفي بابنها المجاهد
احتفت قرى ومداشر منطقة أزفون، شمال تيزي وزو، السبت، بابنها المجاهد "طرحة منحد" الذي وافته المنية مطلع الشهر المنصرم عن عمر يناهز ال78 سنة، تاركا وراءه إرثا زاخرا بالإحسان والخير الذي يشهد له به البعيد قبل القريب، وتاريخا حافلا نقش فيه اسمه بأحرف من ذهب ضمن صفوف جيش التحرير الوطني.الرجل المتواضع، الذي فضل طيلة حياته البقاء بعيدا عن الأضواء، عاش يتيما واحتضنته الثورة لدهائه وذكائه الحاد، ولد ذات شتاء من سنة 1939 بقرية اشكابن بأزفون، عاش يتيم الأب وتولت والدته تربيته هو شقيقيه، انتقل إلى ولايات مجاورة وفي سن حديثة ليعمل كأجير ويعيل العائلة على العيش وسط الظروف الصعبة للأهالي خلال فترة الاستعمار، كان مقربا من أخواله وأبنائهم الذين تربى وسطهم، وعرف بذكائه وفطنته منذ الصغر.
تم حبسه لمدة 25 يوما على مرحلتين من طرف المستعمر الفرنسي بسبب "الترخيص بالمرور" ومباشرة بعد إطلاق سراحه قام بتمزيق كل الوثائق التي يحملها وقرر الالتحاق بالجبل رفضا للظلم والإهانة الممارسة من قبل المعمر ضد الجزائريين.
تم تجنيده من قبل المدعو "ارزقي اسقان" كمسبل وبعدما ارتقى ليكون مسؤول المسبلين في أزفون كلها، قبل أن يلتحق بالجبل سنة 1957 بعد الوشاية به، واضطر لتغيير اسمه وحمل اسم جده لتمويه سلطات الاستعمار.
التحق مباشرة بفرقة الكومندوس بصفوف جيش التحرير الوطني وحارب في كل إقليم الولاية التاريخية الثالثة، وكانت أولى العمليات التي شارك فيها، الهجوم على دورية في قرية اسناجن بتيقزيرت، حيث تم قتل جميع المتواجدين فيها ونزع الأسلحة والألبسة منهم، وقد حارب طيلة مشواره الثوري بسلاح غنمه من عمليته الأولى ورفض تغييره، إلى غاية إصابته في تمشيط قادته قوات الاحتلال في المنطقة.
نجا من الموت المحقق في ذات العملية التي شهدتها منطقة ايت سيد علي بافليسن، حيث أصيب بجرح غائر على مستوى الكتف وقد تمكن من الاختباء تحت إحدى الصخرات، وقد تتبع عسكري وكلب مدرب آثار الدماء إلى أن وصلوا إليه وعادوا أدراجهم، حيث سقط بالقرب منه أحد الشهداء واعتبروا الدماء له، ونظرا لبعد المكان عن المغارة التي يعالج فيها المجاهدون، تمكن من الوصول بشق الأنفس وتقاطر جرحه دودا، لدى علاجه، وقد رحل وفي جسده عدة شظايا ورصاصة، لم يكن مناسبا انتزاعها من جسمه خوفا من إصابته بالشلل.
بقي يحارب في الجبال جنبا إلى جنب رفقة رفقاء السلاح، وعند الإعلان عن وقف إطلاق النار، كان في منطقة امزيزقو غير بعيد عن قرية القاهرة في عرش اث جناد، حيث احتفلوا بإطلاق النار واستنزاع الاستقلال، إلا أنه رفض العودة إلى القرية خجلا من أمهات رفقائه الذين سقطوا في ميدان الشرف.
ومن حرقتها على فلذة كبدها، لم تصدق والدته أنه لا يزال حيا وقد عاد الجميع دونه، انتقلت على بعد عشرات الكيلمترات مشيا على الأقدام لرؤيته وعاد بعدها إلى قريته.
المجاهد وطيلة حياته كان يقول"عشت يتيما، وتربيت على يد والدتي والثورة، فضل والدتي لا ينكره أحد علينا، رضعت من صدرها حب الوطن قبل الحليب، غذت فينا الروح الوطنية وأعطتني وقودا للثورة.
بعد الاستقلال مباشرة شغل منصب حاجب الوالي بتيزي وزو، رغم أنه أمّي ولم يتلق أي تكوين، لكنه كان بحكمة ومستوى ذكاء خوله ليكون ذا مكانة مرموقة وكلمة مسموعة، بقي بذات المنصب إلى غاية إحالته على التقاعد، كما كان عضوا في محافظة حزب جبهة التحرير الوطني.
كان إنسانا بسيطا، متواضعا وخدوما لكل من يقصده، شارك في تنمية وتطوير المنطقة التي انحدر منها، وكريما سخيا لا يغض البصر على حاجة كل من عرفه.
إكراما لذكراه وعرفانا بما قدمه للوطن، قام أبناؤه بتنظيم وعدة بمناسبة الفاتح نوفمبر بقرية ثابودوشت بازفون، استدعى إليها جميع سكان القرى المجاورة، وقد حضر عدد من أصدقائه ورفقاء السلاح، الذين أشادوا بخصال الفقيد ومساره.
وقد فضل المجاهد أن يدفن في حديقة منزله في ذات القرية، حيث استجابت العائلة لطلبه.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)