الجزائر

أخصائيون يؤكدون أن أغلب ضحاياه فتيات: اضطرابات الأكل العصبية تهدد صحة و سلامة المراهقين


تعد مرحلة المراهقة منعطفا حرجا و حساسا في حياة الإنسان، نظرا للتغيرات التي تطرأ على المراهق من الناحيتين العضوية و النفسية، فيعيش تجربة حياتية جديدة، و اضطرابات عديدة، قد تطال شهيته للطعام، فيفقد الرّغبة فيه أو يصاب بالشره، و هما اضطرابان يصنفان في خانة اضطرابات الأكل العصبية.رميساء جبيل / حليمة خطوف
أوضحت طبيبة عامة للنصر، أن هذه المرحلة، تشهد تغيرات بالجسم، أهمها إفراز الهرمونات الجنسية، و كذا «هرمون السعادة» الذي يجعل المراهق مرهف الحس و يتأثر بسرعة، فيما قالت أخصائية نفسانية أن الإناث أكثر تأثرا من الذكور بهذه الفترة العمرية، و ينصح مختص التغذية العلاجية، بضرورة الاهتمام بالجانب الغذائي، و كذا ممارسة الرياضة.
مراهقون يتحدثون عن معاناتهم من اضطرابات الأكل..
تحدثت هالة، ابنة 16ربيعا، و هي تلميذة في الطور الثانوي، للنصر، عن معاناتها من فقدان الشهية منذ صائفة 2021 ، و انعكاسات ذلك على نموها و بنيتها الجسدية، و معاناتها من مشاكل صحية، كالشعور بالتعب و الإرهاق و الوهن، و كذا نقص الوزن، فهي تزن 40 كيلوغراما، كما أنها تعاني من نقص النمو و عدم زيادة الطول، فطولها 1.54 م، إلى جانب إصابتها بمرض «سيلياك»، و ربطت المتحدثة فقدانها الشهية، بمشاكل عائلية، خاصة مع والديها، لأنهما لا يعاملانها بنفس الطريقة التي يعاملان بها إخوتها، حسبها. أما رحمة ابنة 17 ، فهي عكس هالة، تعاني من الشراهة منذ الطفولة، كما قالت للنصر، مؤكدة أنها لا تستطيع التحكم في نفسها، خصوصا عندما يتعلق بالحلويات، فأصيبت بمرض السكري و هي في 13 من عمرها، و رغم ذلك لم تتوقف عن تناولها، ما أدى إلى تفاقم مرضها، و دخولها إلى المستشفى في شهر نوفمبر المنصرم، و فرض عليها الأطباء الالتزام بحمية غذائية صارمة و الامتناع عن تناول السكريات، ما جعلها تصاب باكتئاب حاد. بينما تعاني سامية، البالغة من العمر 30 سنة، من مرض «أنوركسيا»، و هو عبارة عن فقدان الشهية للطعام، يصاحبه فقدان غير طبيعي في الوزن و ترى سامية أن الوجبات الغذائية التي كانت تعتمدها في فترة المراهقة هي السبب، حيث كانت تكتفي بشرب الحليب، أو أحد مشتقاته، ما أدى إلى بروز مشاكل صحية على المدى البعيد، بدءا بنقص وزنها، إذ تزن حاليا 47 كيلوغراما، و يبلغ طولها 1.67م.
* أخصائي التغذية العلاجية داودي عبد الودود
هذه المرحلة تتطلب نمطا غذائيا صحيا و متنوعا
أكد المختص في التغذية العلاجية داودي عبد الودود، في حديثه للنصر، على ضرورة أن يحتوي طعام المراهقين على الألياف و البروتينات، بالأخص الحيوانية منها، و جعل تناول المواد الغذائية المفيدة و الغنية عادة في حياتهم اليومية.
و أوضح المختص في ذات السياق، إنه لا يتم إلزام الأشخاص الأصحاء بالالتزام بنظام غذائي معين، بل تقدم لهم نصائح لإتباع نمط غذائي صحي متنوع، و ممارسة الأنشطة البدنية.
و أضاف المختص، أن بعض الأطعمة تتسبب في ردود أفعال التهابية و حساسية جلدية، تختلف من شخص إلى آخر، و أغلبها عبارة عن مأكولات مصنعة تحتوي على مزيج من الدهون المتحولة، و السكر الأبيض.
* الطبيبة لمياء محلول
إفرازات هرمونية و تغيرات جسدية و سلوكية
تعتبر الطبيبة العامة لمياء محلول، المراهقة منعطفا حساسا جدا في حياة الإنسان، تتطلب اهتمام الأولياء بأبنائهم المراهقين في البيت، بإتباع أساليب متنوعة من الإصغاء و الحوار و تمكينهم من التعبير عن آرائهم و منحهم بعض الاستقلالية بشكل متوازن، مشيرة إلى أن جسم الإنسان في هذه المرحلة، يشهد عدة تغيرات تؤثر في سلوكياته و تصرفاته و كذا قراراته، ناهيك عن ميولاته.
وأضافت الدكتورة محلول، أن هذه المرحلة العمرية تشهد أمورا لم يتعود عليها الجسم، على غرار إفراز الهرمونات الجنسية التي تؤثر بشكل كبير على المراهق و تنجم عنها تحولات جسدية، على غرار الزيادة في الطول و الوزن، و كذا ظهور الحيض عند الفتاة، و تغير الصوت بالنسبة للذكور، إلى جانب إفراز هرمونات السعادة، خاصة الأندورفين و السيروتونين، بكثرة عند هذه الفئة، ما يجعلها أكثر حساسية، فأبسط الأمور من شأنها أن تفرحهم أو تحزنهم، و قد يدخلون في دوامة اكتئاب تصيبهم باضطرابات عديدة ، منها ما يتعلق بالأكل، فيقبلون على تناول الأغذية بنهم كبير، أو ينقطعون تماما عنها، لفترات تختلف من حالة إلى أخرى. جدير بالذكر أن المشاكل النفسية و الاجتماعية، تبرز أكثر في بداية مرحلة المراهقة أو خلالها، حيث يكون المراهقون أكثر استقلالية و حركية، كما يصبح معظمهم خارج السيطرة المباشرة للبالغين. و تتكون القدرة على التفكير المُجرَّد و المنطقيّ في بداية مرحلة المراهقة، ما يؤدي إلى تعزيز إدراك الذات، و نظرًا لحدوث الكثير من التغيُّرات البدنية خلال الانتقال إلى هذه المرحلة، يتحوَّل إدراك الذات إلى وعي ذاتي غالبًا، و يُصاحبه شعور بعدم البراعة، كما ينشغل المراهق بمظهره و جاذبيته، مع بروز حساسية متزايدة، إزاء الاختلافات عن أقرانه. ويعتبر التفكير الزائد في الأداء المدرسي، من أكثر أسباب الضغط النفسي عند المراهقين في المجتمع الجزائري، إذ تصاحب بداية المراهقة ،اضطرابات نفسية و فيزيولوجية، و تقلبات مزاجية، أبرزها التوتر النفسي و الإجهاد، إضافة إلى الضغط العصبي، فمعظم المراهقين يقلقون على مستقبلهم الدراسي.
* النفسانية سهام حمادنة
الفتيات الأكثر تضررا ..
قالت الأخصائية النفسانية سهام حمادنة للنصر، أن فقدان الشهية العصبي، ظهر في الدليل التشخيصي للأمراض العقلية الذي وضعته الجمعية الأمريكية للطب العقلي في سنة 1980 ، و هو اضطراب يبدأ منذ الطفولة و يظهر بشكل جلي في فترة المراهقة، و قد تم تصنيف اضطرابات الأكل ضمن الاضطرابات النفسية.
و أكدت المتحدثة، أن هذه الاضطرابات ناجمة عن الشعور بنقص عاطفي، خصوصا في علاقة المراهق بأحد الوالدين، خصوصا الأم، فالإفراط في الأكل يعكس الرغبة في إشباع الحرمان الداخلي، أما الامتناع عن الأكل، فيعكس الرغبة في الانتقام من أحد الوالدين.
و أضافت الأخصائية أن الشره العصبي و فقدان الشهية العصبي، يظهران بكثرة عند الفتيات أثناء مرحلة المراهقة، لأنهن يعانين في هذه المرحلة، من انخفاض تقديرهن لذواتهن، و يكن أكثر عرضة للإختلالات العاطفية، مقارنة بالذكور، كما أن المراهقات أكثر اهتماما و انشغالا بمظهرهن و علاقاتهن مع الآخرين.
و تابعت النفسانية أنها تعتمد في علاج هذه الحالات، على طريقة العلاج النسقي الأسري، الذي يعتمد على التنسيق مع أولياء المصابين لتجاوز هذه المرحلة الحساسة، و مساعدة أطفالهم على استيعاب التغيرات التي حدثت في حياتهم.
* الأخصائي النفساني مليك دريد
المراهقة فترة حساسة يتحكم فيها الأهل..
أكد من جهته الأخصائي النفساني مليك دريد، أن مرحلة المراهقة تتميز بتغيرات سلوكية و نفسية و اجتماعية، نتيجة التحولات الفيزيولوجية التي تطرأ على الفرد بالإضافة إلى بداية النشاط الهرموني، لهذا يمكن القول أنها تغيرات طبيعية تلي مرحلة البلوغ مباشرة، لهذا يلاحظ أغلب الآباء في كثير من الأحيان، تغيرات مزاجية على أبنائهم، كالغضب و سرعة الاستثارة ، نتيجة رغبتهم في لفت الانتباه و البحث عن الاهتمام و إثبات الذات.
و أكد دريد، أن بعض المراهقين يميلون إلى الشراهة في الأكل، كرد فعل طبيعي على حالة الاكتئاب التي يعانون منها، نتيجة غياب الفهم و التفهم و الاهتمام من طرف الوالدين و المجتمع ككل. كما أشار إلى أن إحساس المراهق بغياب الاهتمام، قد يكون خيالي، و قد يكون حقيقيا أي أن الوالدين موجودين بجسديهما فقط، في غياب التفاهم و الحوار، في المقابل يلاحظ بعض الأولياء، أعراض فقدان الشهية عند أبنائهم في بداية مرحلة المراهقة، وهي أعراض شائعة عند المراهقات بالدرجة الأولى، و قد تفسر كتعبير عن رفض التغيرات الجسدية الجديدة التي تبرز لديهن بشكل سريع و بصورة غير متوقعة. من جهة أخرى، يعتبر النفساني المراهقة مرحلة عادية، لكن تجاوزها بسلام يتوقف على مدى وعي الوالدين و المحيط الاجتماعي، بالخصائص النفسية للأبناء خلالها، فغياب الحوار في الأسرة وعدم التفهم والانتقاد المستمر، إضافة إلى المقارنة السلبية، تعد عوامل تجعل المراهق يلجأ إلى حلول خاطئة، بغية تجاوز هذه المرحلة، كالانحراف الاجتماعي و ما يدرج في نطاقه. و تلجأ بعض المراهقات إلى الهروب من البيئة الاجتماعية، حسب محدثنا، و هو أمر ناجم عن غياب الوعي و الثقافة النفسية عند بعض الأولياء حول كيفية التعامل مع طبيعة المرحلة، خصوصا بالنسبة للفتيات.
واقترح دريد مجموعة من الحلول التي من شأنها أن تسمح للمراهق و أهله، بتجاوز المرحلة بسلام، إذ يعتبر الحوار داخل الأسرة من بين الأسس التي تقوم عليها التربية السليمة في هذه المرحلة الحساسة. كما أن للإصغاء الجيد لمشاكل وانشغالات المراهق و تفهمه دور في توجيهه التوجيه الصحيح بشكل سليم وهادئ، دون عناد و دون نقد مستمر، فالعنف و الغضب عند المراهق أحيانا، عبارة عن رد فعل طبيعي لإثبات الذات و الانتقال من مرحلة التبعية للأسرة إلى مرحلة الاستقلالية و الاعتماد على النفس و الإحساس بالوجود و الانتماء، دون إغفال دور المتابعة و المراقبة الأبوية و الاستثمار في الأنشطة الرياضية والثقافية التي لها دور فعال في استخراج طاقات المراهقين، و كذا تحسين صورة الذات و الثقة بالنفس.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)