وضعت الروائية الجزائرية أحلام مستغانمي تعليم الأطفال ضحايا الحروب والفقر والظلم، "قضيتها الكبرى". وقالت الروائية في كلمة ألقتها بمناسبة الحفل الذي أقيم على شرفها بمقر المنظمة الأممية بباريس، إنّ "قضية تعليم الأطفال ضحايا الحروب والفقر والظلم، هي القضية الكبرى التي سأكرّس لها جهدي وما بقي لي من عمر، فمنها يبدأ أوّل مشروع لإنقاذ المستقبل، مستقبل الأفراد كما مستقبل الأوطان، أطفال لم يملكوا يوما لعبة وكانوا لعبة الكبار.. إن لم نغيّر أقدارهم، غدا العالم بين أيديهم لعبة قابلة للانفجار".في هذا السياق، تساءلت مستغانمي "بماذا نبدأ؟ بمحاربة الإرهاب، التطرّف، الجوع، الفقر، الظلم، الجهل، الطائفية؟ ماذا علينا أن ننقذ أولا؟ السلام، الأمن، التعايش، التسامح، الحرية؟.. على العالم أن يتّفق أولا على مفهوم هذه الكلمات التي تختلف معانيها حسب مآسي الشعوب أو مصالح الدول الكبرى".. مشيرة إلى أنّه منذ عقدين من الزمن و«بذريعة محاربة الإرهاب، البعض ينفق المليارات في حروب لن تزيد الإنسانية سوى ظلم وفقر وجهل.. أي إرهاب، لذا يشتعل في العالم أكثر من حريق سيصعب إطفاؤه". وأضافت أنّه في مختلف أرجاء العالم "يستمر اشتعال فتيل الحرائق الذي يكلف إطفاؤها ثمنا باهظا. واعتبرت أنّ البؤس والرعب أعادا رسم خرائط العالم، وسيدقان في أبوابنا جميعا قريبا.وتوقّفت مستغانمي عند الواقع الذي يعيشه أكثر من 500 مليون طفل في دول ومناطق تتأثّر بالنزاعات المسلّحة، وتوقعت أن ينتهي ربّما ثلث هذا العدد أو أكثر يتامى ومشردين، وقالت: "لن يدخلوا مدرسة، وستتكفل الشوارع بتربيتهم، وسيُزج بهم في حروب لا يعرفون لها سببا، ويحملون بنادق أطول من قاماتهم ويَقتلون ويُقتلون، وسيعرفون الجوع والعنف والتعذيب، ويُستغلون جسديا استغلالا رهيبا، وستحوّلهم تراكمات الكراهية إلى وحوش بشرية"، معتبرة أنّ هذا الأمر يُعدّ القنبلة التي يجلس عليها العالم اليوم وتهدّد أسس الإنسانية، ولا يمكن تفكيكها إلاّ بالتعليم ورعاية ملايين الأطفال المشردين بفعل الحروب. وقالت صاحبة "ذاكرة الجسد": "لقد كلّفنا الجهل بفعل دمار النفوس البشرية وتشوّهها، أكثر مما خلّفت الحروب من خراب، لكن عندما تضع الحرب أوزارها تتنافس الدول لتقاسم عقود إعادة إعمار البلدان، ولا أحد معني بإعمار وترميم ما تهشَّم في الإنسان".من جهتها، أشارت المديرة العامة لليونسكو إيرينا بوكوفا إلى أنّ تعيين أحلام مستغانمي "فنانة اليونسكو من أجل السلام" هو "استمرارية جميلة" لليوم الدولي للغة العربية، مشيرة إلى أنّ تعيين المرأة الأولى التي نشرت ديوانا باللغة العربية سنة 1973، هو "تكريم كبير" تقدّمه اليونسكو للغة العربية وله دلالة "خاصة". وأضافت أنّه من خلال موهبة والتزام هذه الأديبة الكبيرة "نعبّر عن قناعتنا بأهمية الكتاب في العالم العربي، والمساهمة الكبيرة لهذه اللغة في الثقافة العالمية"، مشيرة إلى أنّ الروائية الجزائرية تجسّد أهمية هذه اللغة. وقالت: "تجسّد أحلام مستغانمي أهمية هذه اللغة والأدب وعلاقته ببلدكم الجزائر، الذي لديه تقاليد أدبية وشعرية عريقة"، مشيرة إلى أنّ تعيين مستغانمي هو عبارة عن تكريم لها على مساهمتها في إشعاع اللغة العربية والأدب العربي النسوي.بوكوفا أشارت إلى أنّنا أمام المجازر التي تُرتكب في الشرق الأوسط، بحاجة إلى كلمات صحيحة لإدانة المساس بحقوق النساء وتضرر تعليم الأطفال جراء هذه النزاعات، معتبرة أنّ تعيين مستغانمي في هذا المنصب يندرج في مسعى تواصل النضال من أجل الأطفال والحفاظ على التراث الثقافي والتنوّع الثقافي والكرامة الإنسانية.للتذكير، في رصيد أحلام مستغانمي العديد من المؤلفات بيعت بملايين النسخ. وعلاوة على إثرائها الأدب العربي بمؤلفات أدبية وشعرية، دأبت مستغانمي في كتاباتها على تحسيس قرائها بمواضيع هامة، كالرشوة والظلم والكفاح من أجل حقوق المرأة. كما تُعدّ سفيرة "الفورام". وتمّ انتخابها شخصية سنة 2015 من طرف مؤسسة "أطفال السلام باليمن"، وعيّنتها مجلة "فوربس" الأمريكية كواحدة من بين العشر نساء الأكثر تأثيرا في العالم العربي.وللإشارة، "فنانو اليونسكو من أجل السلام" هم شخصيات ذات صيت عالمي، يستعملون تأثيرهم وشهرتهم ونفوذهم لترقية رسالة وبرامج اليونسكو.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 18/12/2016
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : نوال جاوت
المصدر : www.el-massa.com