الجزائر

أحزاب .. البيع بالجملة



أظهرت التجربة الديمقراطية عبر العالم أنّ الأحزاب السياسية هي المعول عليها في إضفاء لمساتها السياسية على البناء الهيكلي للدولة ما يعطي دفعا و بعدا ديناميكيا على معركة التسيير بكل أبعاده، و ظلت الأحزاب في البناء الديمقراطي حجز الزاوية الذي تعود إليه السلطة من فرط الوزن الزائد للطبقة الحزبية في الوسط الشعبي . و رغم الاختلاف في الفكر و التوجه و طرق الوصول إلى المبتغى فإنّ ذلك يصنع التميّز و يزيد في الدفع نحو البناء السياسي للدولة . و قد أكدت السنوات التي استغرقتها الأحزاب في صناعة نفسها و «تكوين» خطابها السياسي و من باب التجربة التي عاشتها منذ بدء التعددية مرتبطة بمصلحة النظام السياسي و كأنّها خلقت منه ، فلم تستطيع التحرر و لا إقامة كيان مستقل يصنع منها الانفراد في الشكل و المضمون ، فليس ثمّة في الجزائر جرأة حزبية إذ تجد تلك التي ذابت في السلطة و التي انصهرت مع النظام و تعمل لصالحه في حين تلك التي تنعت نفسها بالمعارضة تسبح في فلك السلطة و لو على بعد غير كبير ، و هذا ضمني فساد سياسي لأنّ الأحزاب إنّما جاءت من أجل انتقاد السلطة و نظامها و المشاركة في صياغة القرار من أجل الشعب . و ليس دخول المعارضة اسميا فقط و دون نية صادقة في الوقوف في وجه السلطة عندما تخطئ و تقدر العواقب بطريقة غير ديمقراطية ، فالأحزاب عين ثالثة لا تنام، بل ترعى و تراعي مصالح الشعب ، و هي التي تريد أن تجعل منه رأس مالها تحسبا للمواعيد المصيرية في حياة البلاد . و لعلّ ما يدل على فساد الأحزاب بما لا يدع مجالا للشك يتمثل في أنّ الانتفاضة التي قادها الشعب ، إنّما جاءت لتعبر عن تواطؤ فادح للأحزاب مع السلطة ، و هي الأحزاب التي توفرت لها مقومات و ظروف إقامة نظام حكم نموذجي في المنطقة بعد انتفاضة أكتوبر و تجدد دماء الدولة من خلال التعددية السياسية التي فرّخت أحزاب كما و غابت عنها النوعية ، و لا تزال الدولة تواصل منح الاعتماد من أجل إقامة الأحزاب بعدد أفسد اللعبة و شتّت الاهتمام السياسي و الشعبي . رغم أنّ ذات الأحزاب كان يجب أن يوكل إليها دور مهم في كشف الفساد ومواطن استغلال السلطة ودورها في انتشار ظاهرة الفساد في المجتمعات. إلا إن العديد من هذه الأحزاب يبتعد عن معالجة ما يعانيه داخلياً من فساد سواء مالي أو سياسي. و قد أبانت التجربة الديمقراطية في الغرب أنّ المعارضة لا يبنها كم هائل من الأحزاب بل واحد أو اثنين و يعود الدور المتبقي إلى المنظمات الجماهيرية و المهنية التي لا تقل مشاركتها في الحياة السياسة من أجل شعوبها ضراوة من الأحزاب السياسية.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)