تذكرت، أمس، أمريكا في عز حملة الرئاسيات المقبلة، ضحايا 11 / 9 بكثير من الخشوع، وشيء من الاستثمار السياسي لهذه الأحداث، التي ما تزال تشكل معينا لا ينضب ليستثمر فيه رجال السياسة في أكبر حزبين أمريكيين. وما زالت تبعات هذه الأحداث تطبع سياسة أمريكا الخارجية، ليس في أفغانستان حيث تقود أمريكا حربا على الإرهاب منذ أزيد من 10 سنوات، ولا في العراق وحدهما، وإنما في كل المعمورة، منذ أن استصدرت قانونها للحرب على الإرهاب، القانون الذي عاثت به فسادا في حق مبدإ حقوق الإنسان، وسمحت لنفسها بموجبه بإعادة تشكيل خريطة الشرق الأوسط، المنطقة التي كانت أمريكا اتخذتها مشتلة لزراعة العنف الإسلامي والحركات الإسلامية التي استعملتها وما زالت تستعملها ذريعة للتدخل في الشأن الداخلي لبلدان المنطقة.
منذ أيام نشرت المواقع الاجتماعية شريط فيديو تتحدث فيه هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية الأمريكية وتشهد بعظمة لسانها أن الذين تحاربهم بلادها اليوم بناء على أحداث 11 / 9 هي من صنعتهم بمساعدة شيوخ الوهابية السعودية واستعملتهم في حربها ضد الاتحاد السوفياتي، وقد نجحت في الإطاحة بالاتحاد السوفياتي، ولا يجب اليوم - قالت - أن تتهرب من المسؤولية.
لم تقل هيلاري طبعا، أنها أعادت تدوير هذه المجموعات الإرهابية، مثلما يُعاد تدوير النفايات الصناعية، وهي اليوم تستعملها في ما بات يعرف بالربيع العربي، وفي قلب الأنظمة العربية التي شاخت وصارت حجر عثرة في طريق المشروع الأمريكي للشرق الأوسط الجديد. ولا بأس، ما زال الإسلام السياسي صالحا للاستعمال في كل زمان ومكان في العرف الأمريكي، فهل هناك ما هو أفضل لقيادة القطعان التي تسمى شعوبا عربية، أكثر من أفيون الدين؟! فها هو الربيع العربي، وها هي ثمار 11 / 9، وها هي القاعدة وأخواتها تعطي أمريكا موسما مثمرا مثلما خططت له وأكثر، وها هي تربة البراكين الأمريكية المفجرة في المنطقة العربية تبدو أكثر خصوبة من تربة البراكين الطبيعية. فقد أثمر الربيع العربي الذي خططت له أمريكا غداة 11 / 9، ليس انقلابات في المنطقة العربية فحسب، بل حروبا ودمارا، وحقق لها فتحا لم تكن لتحلم به، ورهنت الشعوب العربية المغلوبة والكافرة بالأنظمة مصيرها ومصير بلدانها وثرواتها ومستقبلها بين يدي أمريكا إلى الأبد.
أمريكا خسرت برجي التجارة، وقرابة الثلاثة آلاف قتيل، لكن العرب خسروا الماضي والمستقبل. ولا يفرح الإخوان بنصرهم، فهو مؤقت، وهم مجرد بلادن آخر ستفجرهم أمريكا وتتخلص منهم حالما ينتهي دورهم، مثلما انتهى دور مبارك، وقبله صدام.
تاريخ الإضافة : 11/09/2012
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : حدة حزام
المصدر : www.al-fadjr.com