هو الشيخ الإمام العارف بالله، الكامل، المحقق الرباني، أبو عبد الله سيدي محمد بن قاسم القندوسي، نسبة إلى بلده الأصل القنادسة، التي أخذ من زاويتها علومه الأولية، وهي اليوم بلدة عامرة في بشار جنوب غرب البلاد.
كان الشيخ موجودا ببلدة القنادسة إلى حدود عام 1201هـ / 1790م، حيث يكون قد هاجر بعد هذا التاريخ ونزل مدينة فاس المغربية، التي فتح الله عليه فيها، فآثر المقام بها.
كان الشيخ -رحمه الله- رجلا متواضعا، حسن المعاشرة، لونه أسمر يميل إلى السواد، وكان يعيش من عمله في السوق، حيث كان يبيع الأعشاب ويكتسب منها بسوق العشابين بمدينة فاس.
وكان رحمه الله مستور الحال لا يكاد يعرفه أحد بولاية ولا بخصوصية إلا الخواص من أصحابه ممن خالطوه وعرفوه عن قرب، أو ممن كشف لهم عن بعض أسراره. ولكن من رحمة الله أن كشف في آخر حياته بعض أسراره، وقد أظهرت التآليف التي ألفها أن له باع ويد طولى في علوم القوم، حتى لزمه بعض تلامذته واعتمد عليه ولم ينتسب في العلم لغيره.
وذكر أنه كان يشرح الرسالة ويقرأها في جامع الضريح الإدريسي بين صلاة المغرب والعشاء.
وقيل أن اللوحة المزخرفة التي تزين الجامع الإدريسي، والموجودة أعلى الكرسي الذي كان يجلس عليه لتدريس الرسالة هي من وضع المؤلف رحمه الله تعالى، ومن خطوطه الرائعة، إذ قد وهبه الله تعالى مهارة بالخط.
كما أنه كتب به مصحفا ضخما في اثني عشر مجلدا بخط كوفي إفريقي بديع، قال من رأى بعض أسفاره قل أن يوجد له نظير في الدنيا وكانت له أيضا إضافة إلى كل ذلك مشاركات في نصح حكام المسلمين وعامتهم، بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويظهر ذلك جليا من خلال مخاطباته ومراسلاته التي كان يخاطب بها عامل فاس وواليها في أيامه .
ذكر جعفر الكتاني في فهرسته أن الشيخ سيدي محمد بن القاسم قد اخذ الطريقة القادرية عن شيخه سيدي عبد القادر البغدادي.
وأخذ كذلك سند الطريقة الزيانية الناصرية عن شيخه شيخ الزاوية القندوسية سيدي محمد الملقب بابن عبد الله بن أبي مدين بن محمد الأعرج بن سيدي محمد بن أبي زيان القندوسي، مؤسس الزاوية القندوسية وإليه تنسب الطريقة الزيانية.
أشار أغلب من ترجم للشيخ رحمه الله تعالى أن له تآليفاً وكتبا كثيرة يرجع إليها، منها كتاب التأسيس في مساوس الدنيا ومهاوي إبليس ، كتاب البوارق الأحمدية في الحركة والسكونية ، كتاب أهل الصفا في الصلاة على النبي المصطفى .
توفي رحمه الله تعالى، ضحى السبت ثاني عشر جمادي الأولى عام 1278هـ/1861م وقيل 1281هـ، وقد دفن خارج باب الفتوح، بروضة أولاد السراج القريبة من روضة العلماء بفاس، وقبره رحمه الله تعالى مزار معروف.
yamane mortada - kenadsa - الجزائر
13/12/2011 - 23503