الجزائر

"أبو مروان الشريف" و"سيدي ابراهيم بن تومي" مناراتان تضيء سماء بونة



تتميز مدينة عنابة، عروس الشرق الجزائري، بمعالمها الدينية وآثارها التاريخية، التي تعد من رواد الصناعة السياحية بأبعادها الثقافية والتاريخية في المنطقة، ولأن عنابة ستحتضن فعاليات "شان 2023"، وقفت الجهات المحلية على تهيئة وتجهيز هذه المعالم الدينية، خاصة منها المساجد ذات الطابع المعماري والهندسي الإسلامي، في طابعها العثماني. وعليه، فإن الزائر إلى "بونة"، سينجذب للفسفيساء المتراصة التي طبعت جدران المدينة القديمة "بلاص دارم"، الحاضنة لأهم وأكبر المعالم الدينية التي مرت عليها حضارات متفرقة، وأهم جامع مازال شامخا في سماء مدينة عنابة، ويتردد عليه المستلهمون لروحانية المكان من كل حدب وصوب، إذ لم يتخلف عنهم طلبة العلم والأئمة، وحفظة القرآن، وهو مسجد "أبو مروان الشريف".مسجد "أبو مروان الشريف" أقدم جامع في الجزائر
سيتحول مسجد المدينة القديمة بعنابة "جامع أبو مروان الشريف"، بعد أيام قليلة، إلى مقصد حقيقي للباحثين عن التاريخ ومآثر المنطقة، حيث يعتبر جوهرة حقيقية في تاريخ "بونة"، خاصة أن أغلب سكان المنطقة يعتبرونه قطعة ثمينة، وفيه يرتاح كل مرتاديه، حتى القادمين من مختلف ولايات الوطن وخارج الجزائر. وقد انتهى القائمون على هذا الجامع منذ أيام، عملية تنظيف سجاده وتهيئته، استعدادا لاستقبال ضيوف الجزائر في بيت من بيوت الله، حيث يتوفر الجامع على ركن جميل للوضوء، يحاط بفسيفساء جميلة مستوحاة من التاريخ الإسلامي، تبعد عنه قليلا نافورة في وسط صحن الجامع، لها عبق مميز، فيلفت الزائر في أول دخوله للمسجد، انتباهه رقرقرة الماء الصافي، وهو ما زاد من بهاء هذا الصرح الديني الذي يعتبر "أول قطعة تحررت في الجزائر، بعد استرجاعه سنة 1945 من طرف أهل عنابة، وزاره أول أئمته آنذاك، الشيخ محمد النمر، وقد تم غلق المسجد سنة 1994، بعد تعرضه لأضرار بسبب انفجار باخرة السلاح في الميناء المحاذي له، ليعاد فتحه من جديد أمام المصليين والسياح."
كما تعتبر مأذنة الجامع صرحا جميلا، يظهر للرائي وسط المباني المتراصة بالمدينة القديمة "بلاص دارم"، وهو ما سيزيد من شد انتباه القادمين من الأربع جهات، خاصة خلال شهر رمضان، حيث يحن الكثيرون لمثل هذه الفضاءات الدينية العتيقة من أجل أداء صلاة التراويح والتقرب إلى الله بالنوافل والدعاء، في جو روحاني يعود بهم إلى زمن بعيد، يذكرهم بالتاريخ العميق للجزائر، وما تتوفر عليه من معالم دينية كثيرة. ولإبقاء هذه المنشأة الدينية القديمة قائمة، بعد أن بدأت جدرانها في التآكل، خصصت الدولة في وقت مضى، غلافا ماليا معتبرا من أجل تهيئتها، وقد قدر ب14 مليار سنتيم، وتم ترميمه، مع الحفاظ على طرازه المعماري الاسلامي. علما أن وزارة الثقافة صنفته ضمن المعالم الوطنية، باعتباره من أقدم المساجد في الجزائر.
وليس بعيدا عن جامع "أبو مروان الشريف" ببعض خطوات، يقع على هضبة عالية موالية للسكنات القديمة جامع"صالح باي"، الذي كان في وقت مضى مقصدا حقيقيا لرواده، من أجل التبرك به. هذا المسجد القريب من جهة الميناء، واحد من المعالم الدينية التي تحتضنها مدينة عنابة، كما يُعتبر أول مسجد ذي طابع معماري تركي أناضولي في الجزائر. ويمتلك مسجد "صالح باي" مأذنة واحدة بارتفاع يصل إلى 16 مترا تقريبا، وهي المأذنة الوحيدة التي ترجع إلى العهد العثماني. بالإضافة إلى أنه يتمتع بالأبواب والأقواس المزركشة باللون الفيروزي الجميل والجدران المزخرفة بالنقوش الإسلامية، ويجب التنويه إلى أنه يشبه مساجد الأندلس العتيقة. وقد تم تهيئته وترميمه من طرف الجهات المعنية، من أجل تحويله إلى معلم ديني وتاريخي يزوروه الوافدون على مدينة عنابة.
"سيدي ابراهيم بن تومي" يزين مدخل عنابة
جامع "سيدي ابراهيم بن تومي"، ويعرف أيضاً باسم قبة وضريح سيدي ابراهيم التومي، هو مسجد تاريخي يقع في مدينة عنابة، تم بناؤه خلال العهد العثماني، في القرن الثامن عشر الميلادي، وقد تم تسميته تيمناً ب"ابراهيم بن تومي" (المرداسي)، وهو من أهم شخصيات المدينة، وأحد علمائها المشاهير، الذي يقع ضريحه داخل القبة. يقع جامع "سيدي ابراهيم بن تومي" عند البوابة الرئيسية لولاية عنابة، وبالضبط عند وادي البجيمة في الجهة الغربية، المحاذية لكنيسة "لالة بونة"، وتعود تسمية هذا الجامع إلى سيدي ابراهيم بن تومي، وهو قطب من أقطاب المدينة وأحد علمائها المشاهير، كان يلقب بالمرداسي نسبة إلى قبيلة مرداس العربية الشهيرة، أحد فروع بني رباح، من الأعراب الهلاليين الذين أرسلهم الخليفة المستنصر بالله الفاطمي إلى إفريقيا، وقد توفي سيدي ابراهيم بن تومي ليلة الإثنين التاسع من رمضان سنة 1087ه / 1676 م، وأقيمت قبة على ضريحه عند وادي البجيمة بتكليف من حاكم الجزائر آنذاك، وقد سهر على إتمام إنجازه محمد بن سطا الذي تفنن في زخرفة جدرانه الداخلية، وأعطاها لمسة أندلسية إسلامية لا نظير لها في العالم الإسلامي. وقد شيدت في الجامع قبة كبيرة تزينها هندسة معمارية مستوحاة من الحضارة الأندلسية، فالزائر للجامع يظهر له لأول وهلة وكأنه في الأندلس، ويتحول الجامع في كل تظاهرة دينية أو احتفالية، إلى منتجع سياحي بامتياز، كما يعتبر مقصدا للمسلمين من كل دول العالم.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)