الجزائر

أبراج العثمانيين في الجزائر مهددة بالزوال وعرضة للتهميش!



أبراج العثمانيين في الجزائر مهددة بالزوال وعرضة للتهميش!
- برج بربروس من رمز لحماية الأسطول إلى بيت قصديري لثلاث عائلات- برج الكيفان مكان مشبوه يستقطب ذوي السوابق والمنحرفينفي الوقت الذي تسعى بلدان مختلفة من العالم للبحث عن حضارات تمتد إليها عبر الأزمنة وتنسب لنفسها تحفا لم تكن يوما تخصها، بحثا عن مصدر جديد للواردات تنمية للحركة السياحية فيها والثقافية على حد سواء، تجد أن للجزائر معالم وآثار تحكي بنفسها تاريخا عريقا وأساطير قوم مروا من هنا تركوا بصمة خالدة تضاف إلى عراقة البلد من كل النواحي، كان لها أن تستثمرها لتكون بذلك عهدا جديدا يدر أموالا ضخمة على شعبها من خلال فتح أبواب السياحة في معالم تاريخية آثارها لاتزال بارزة إلى يومنا هذا لكن.. تآكلت أحجارها وسقطت تحفها الفنية العريقة مع مر الزمن و لاتزال إلى يومنا تكافح بحثا عن ترميم يطيل بقاءها شامخة تروي قصصها لزائريها وتمتص ما أمكن من البطالة بفتح مناصب شغل جديدة لاقتصاد سياحي حديث للجزائر.بناءا على ما تقدم ارتأت ”الفجر” أن تسلط الضوء على معالم أثرية تعود للعهد العثماني، منها أبراج كانت محميات للأسطول العثماني الجزائري المصنفة منها وأخرى غير مصنفة، استغلت بطريقة أفقدت المعلم قيمته التاريخية واختزلت قيمته بتحويل بعض قصور الدايات والبايات والآغاوات والرياس إلى إدارات ومؤسسات لهيئات رسمية. من أجل الاقتراب من هذا الاستغلال العشوائي والتهميش لبعض المعالم تمكنت ”الفجر” من الوقوف عن قرب لدى بعضها، والتي اتخذناها كأمثلة على سبيل الذكر لا الحصر لأنها بينة وما خفي منها أعظم!.برج بربروس.. من تحفة حصن إلى بيت يأوي 3 عائلات بالرايس حميدوأكثر ما جذبنا في الموضوع هي روايات قصور وأبراج تزخر بها الجزائر العاصمة لم نحظ ولو مرة واحدة بالتمتع سياحيا بتحفها وجرنا الفضول لزيارتها ومحاكاة أساطيرها، ولكن كانت الصدمة كبيرة حين قادتنا أول زيارة إلى برج بربروس الكائن بمحاذاة بلدية رايس الحميدو، بلابوانت بالعاصمة. وبعد لهفتنا للوصول إليه بصعود منحدر سيرا على الأقدام، برز لنا البرج ”الدبان”، كما عرف سابقا، محاذيا لمقر البلدية أو بالأحرى التي بنيت بحديقته البرج وصُدمنا لما علمنا أن البرج قسم إلى 3 منازل تأوي 3 عائلات قطنته منذ سنوات بعيدة وغيرت فيه مظاهر الحياة، رغم أن أركانه وهيكله يحكي قصص خير الدين وشقيقه عروج بربروس اللذين أمرا ببناء البرج واتخاذه حصنا لمدفعيات تحمي الساحل الجزائري من أي عدو أجنبي، ولفرض الضرائب على كل السفن التجارية المارة بالبحر المتوسط في تلك الفترة، والذي بات حاليا مهددا بالانهيار في أي لحظة لعدم استفادته من الترميم.أصررنا على دخول البرج والوقوف عند حجم الفترة التي عرفت فيها الجزائر قوة أسطولها، وكان أول وجهة لنا بعد صعود سلالم طويلة يقابلها باب حديدي رمادي وعلى جنبه الأيمن، مدخل ضيق يؤدي إلى بوابة ثانية لعائلة أخرى والجهة اليسرى مدخل ثالث، بدقات خفيفة على الباب الأوسط وبدعوات بتسهيل مهمتنا، فتحت الباب عجوز تجاوزت الستين من العمر، طلبنا منها إن كان بإمكاننا دخول البرج ومشاهدة فنيات بنائه، وبعد تفكير عميق استقبلتنا العجوز وسمحت لنا بالدخول فكان أن أول شيء لمحناه هو علو الأسقف الخاصة بالبناية ذات الشكل المقوس، وغرفة بالجهة اليسرى وغرفة صغيرة تصعد إليها عبر درج خشبي. أخبرتنا العجوز أنه كان في زمنه عبارة عن رواق يؤدي إلى الجهة اليمنى يصب عن الجارة المحاذية لهم. وعن شعور العائلة بحكم سكنهم في برج يعود للعهد العثماني، أخبرتنا العجوز أنها اعتادت على ذلك وأن الكل بمدينة ”لابوانت” يعرفون ”قصر بربروس”، كما تعودوا على مناداته، وأضافت أنهم رغم سكنهم بالبرج منذ الاستقلال الا أنهم حافظوا على شكله الفني رغم بعض التعديلات التي تقتضيها الحياة اليومية، مشيرة إلى أنها تطمح لو تلتفت لهم السلطات وترحلهم إلى سكنات لائقة.ومن هناك إلى الجهة اليمنى من القصر أين تسكن عائلة أخرى، اتجهنا إليها بعدما ودعنا جارتها العجوز، ودخلنا من الباب الرئيسي إلى بهو المنزل الذي ينتهى بشرفة واسعة عالية تطل على البحر وبأسلفها حديقة بنيت بها مقر بلدية الرايس حميدو، ومن الجانب الأيمن تم تصميم باب أخرى غير الباب الرئيسية للبرج الذي شاهدناه عند الجارة. وبدخولنا إلى الجهة الأخرى انبهرنا بجمال العمارة وبطريقة البناء التي تعتمد على الأقواس، حيث نجد مباشرة لدى الدخول من الجانب الأيمن غرفة تؤدي إلى غرفة أخرى لها مخرج سري، وقد صُدمنا خلال تفحصنا للرطوبة التي أكلت جدرانه، وبسبب مرور سنوات طوال على بنائه سقط سقفه العلوي. ومن الجانب الأيسر هناك غرفة صغيرة مبنية على شكل دائري ذكرت صاحبة المسكن أنها كانت عبارة عن شرفة تطل مباشرة على البحر تم تعديلها لتتحول إلى غرفة صغيرة تمارس فيها الخياطة اليدوية!. ومن الجانب الأمامي للمدخل هناك رواق ضيق يربط ببيت الجارة، كما هناك رواق صغير حولته العائلة إلى مطبخ صغير؟!. وقد ذكرت صاحبة المسكن بعد حديثنا إليها أنها راسلت في العديد من المناسبات مديرية الثقافة بولاية الجزائر من أجل اتخاذ تدابير لإعادة ترميم البرج للحفاظ عليه بشكله العثماني، كما اتصلت بمديرية حماية وحفظ الآثار للبحث عن سبيل لتصنيف البرج وإدراجه ضمن المعالم الأثرية التي تعود لعهد بربروس، كما تقدمت بعدة طلبات لمسؤولي بلدية الرايس حميدو من أجل ترحيلهم إلى مساكن اجتماعية لائقة وتحويل البرج إلى معلم أثري سياحي.. لكن لا حياة لمن تنادي!. وفي اطار زيارتنا للبرج استطلعنا سقفه بعد صعود على سلم بمسافة زادت عن 3 أمتار، حيث اتضحت لنا جليا الأماكن التي كانت توضع فيها المدافع في عهد بربروس، والتي كان يتم من خلالها ضرب السفن التي تعارض دفع الجزية ومستحقات المرور من البحر المتوسط. كما ذكرت محدثتنا أنها رغم إقامتها بمعلم أثري إلا أنها كانت تدفع قيمة الإيجار للديون الوطني للترقية والتسيير العقاري ببئرمرادرايس، والتي تقدمت منهم ذات يوم من أجل إصلاح سقف البرج الذي كان يسرب مياه الأمطار إلى الداخل، الأمر الذي ألزمها دفع 30 ألف دج من أجل ذلك. كما أن ديوان الترقية رفض إصلاح البرج بحكم أن البرج ليس تابعا لملكية الديوان وإنما لوزارة الثقافة، على حد تعبيرها.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)