الجزائر

أبدا.. لم نفقد هويتنا!



أبدا.. لم نفقد هويتنا!
ونحن نعد الملف الخاص بخمسينية الاستقلال، طرحت مسألة الهوية في النقاش، من طرف الزملاء ب"الفجر"، ومن قبل من تحدثنا إليهم ليقدموا مساهماتهم بالمناسبة. فهل استرجع الجزائري هويته المسلوبة باسترجاع الاستقلال؟!
في اعتقادي ما كان لهذا السؤال أن يطرح إطلاقا، حتى وإن كان محور نقاش طوال السنوات الفائتة وقبل أن تعاد للغة الأمازيغية مكانتها، وتصبح لغة وطنية ثانية بموجب تعديل دستوري سنة 2002، وهذا لأن الهوية الجزائرية لم تفقد لأن المخطط الاستعماري الذي حارب اللغة والدين والشخصية العربية الأمازيغية، لم يفلح، ولم يتمكن من سلب الإنسان الجزائري هذه الهوية الراسخة ليس فقط في اللسان وفي المورثات، بل أيضا في الأفئدة.
ففرنسا لم تتمكن حتى من سلب هوية المهجرين قسرا إلى مستعمراتها في كاليدونيا الجديدة والجزر الأخرى. فقد أظهر تحقيق قام به التلفزيون الجزائري مع أحفاد المنفيين من رفاق المقراني والحداد وبوبغلة، وغيرهم من وجوه المقاومة الشعبية، أنهم مازالوا يحافظون على لسانهم العربي والأمازيغي، ومازالوا يسمون أبناءهم العيفة ورابح ومقران، ومازال للبرنوس مكانته المقدسة عندهم، مثلما حافظ المهجرون إلى الشام من رفاق الأمير عبد القادر على جزائريتهم، ومازال منهم من يتحدث الأمازيغية بطلاقة وكأنه نزل للتو من جبال جرجرة.
فهل عندما نتحدث الفرنسية، ونظهر بمظهر أوروبي، يعني هذا أننا فقدنا هويتنا؟!
صحيح أن فرنسا حاربت الملاءة، مثلما شجعت زوجة الجنرال ماسو النساء الجزائريات على خلع الحايك، في محاولة يائسة لتشجيع الجزائريات على الاندماج في المجتمع الأوروبي، لكن ذلك لم يكن كافيا، وليس المظهر هو ما يصنع الهوية، وإن كان رمزا ثقافيا لشعب ما.
لكن الهوية الجزائرية ما كانت لتصمد أمام مخطط التنصير والتغريب الذي طبقته فرنسا خلال 132 سنة من وجودها على ترابنا، لولا غيرة المرأة الجزائرية التي وضعت حاجزا على عتبة بابها لكي لا تتسرب إليها مؤثرات التغريب، فحاربت اللغة الفرنسية في البيت، وكانت حارسة للسان العربي الأمازيغي، وحامية للتقاليد، فكانت هي الحارس الأمين على إرث آلاف السنين من التراث والتقاليد التي هي أساس الهوية.
زملائي في "الفجر" قالوا إن الجزائري صار لينا مع المؤثرات التي تأتينا من الخارج، سواء من الغرب، أو من العرب، ويكفي أن ننظر من حولنا في الشارع لنرى المتأثرات بالزي الغربي، والمتأثرات بالزي الإيراني والخليجي والهندي، وذاك الذي يستقر بضعة أشهر في بلد ما ويعود لينسى لهجته ولغته. فبماذا نصف هؤلاء، إن لم نقل عنهم إنهم فقدوا هويتهم؟!
نعم من الصعب أن تصمد شاباتنا أمام ما تمطرنا به الفضائيات من أزياء وموضة، وأساليب طبخ، وطرق ترتيب البيت، وحتى أمام اللهجات، لكن هذا من ميزة الإنسان، فالشعوب كانت دائما تتأثر وتؤثر بثقافات وفي ثقافات غيرها، وربما تسارعت هذه التأثيرات الآن وبرزت أكثر في حياتنا اليومية، بسبب وسائل التواصل بحكم العولمة، فقد صرنا نشهد الحروب والأحداث العالمية على المباشر، وصار العالم قرية صغيرة.
فعلى حد قول الأديب اللبناني أمين معلوف الذي دخل منذ أيام الأكاديمية الفرنسية في كتابه "الهويات القاتلة" إنه وبسبب وسائل التواصل من فضائيات وأنترنت وكتب، فإننا بعد خمسين سنة لن نعرف "جنسية" الطبق الذي نتناوله في مطبخنا لأن الكثير من الحدود ستسقط وهذا ليس معناه أننا فقدنا هويتنا!؟


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)