الجزائر

آليات التمحيص لدرء التجاوزات



الغربلة ستكون حتمية
حددّت الدساتير الأولى في الجزائر و أيضا الدستور الأخير المعدّل في 2016 آليات عمل و تعامل المجلس الدستوري باعتباره أعلى هيأة قضائية في البلاد مع المواعيد الانتخابية و الانتخابات كإجراء في حدّ ذاته منذ انطلاق مسارها ، باستدعاء رئيس الجمهورية للهيأة الناخبة إلى إعلان النتائج و تلقي الطعون و الفصل فيها و ترسيم النتائج نهائيا ، كما للمجلس الدستوري صلاحيات و آليات التعامل مع المرشحين لمقعد القاضي الأول في البلاد ، هذا الاختصاص منحه له الدستور ، ونظمه القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات رقم 16-10 والنظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري ، ولذلك فإنه يراقب بداية التصريحات بالترشيح التي يودعها المرشحون لدى الأمانة العامة للمجلس الدستوري ويفصل فيها ، كما يراقب الطعون المقدمة من طرف المرشحين الذين قد يطعنون في القرارات الصادرة عن النتائج المؤقتة للانتخابات الرئاسية ويفصل فيها ، ويقوم المجلس الدستوري أيضا بالرقابة على حسابات الحملات الانتخابية للمرشحين وطرق تمويلها و أيضا الوسائل التي تمّ بها جمع التوقيعات و مطابقتها للقانون والقانون العضوي للانتخابات ، وتجب الإشارة بأن القرارات الصادرة عن المجلس الدستوري في هذا المجال لا تخضع لأي رقابة ولا يمكن الطعن فيها تطبيقا لنص المادة 191 من الدستور الجزائري لسنة 1996 المعدل والمتمم و بالتالي المرشحون مدعوون للرد على كل أسئلة و اهتمامات المجلس في إطار القانون و في آجال محدّدة.
شكل التعديل الدستوري الجزائري لفبراير 2016 حدثا هاما على صعيد الإصلاح المؤسساتي سواء في جانبه الهيكلي أو الوظيفي ، وذلك بهدف تطوير ومواكبة هذه المؤسسات للمستجدات والتغييرات التي دفعت المؤسس الدستوري الجزائري نحو إجراء مراجعة معمقة لأبواب وفصول مختلفة في الدستور السابق ولعل من أبرز الإصلاحات الدستورية التي حملها التعديل الدستوري الأخير التعامل مع المرشحين للانتخابات ، تلك التي تخص جهاز المجلس الدستوري الذي مكنتّه الآليات الجديدة من التقرّب أكثر من المسار الانتخابي و الوقوف على جميع الشروط التي تسمح بالترشح للمنصب و التحقيق في الثروة و المسار المهني و السوابق أيضا . وبقدر ما ارتكزت تلك الإصلاحات على تحديث تشكيلة المجلس وشروط العضوية فيه ، بقدر ما ارتكزت كذلك حول مراجعة كيفية تدخل المجلس الدستوري في المسار وهو يقوم بدوره الأصيل في مراقبة مدى دستورية القوانين والتنظيمات المنظمة للترشح أولا قبل الوصول إلى الطعون و الاخطارات التي لا تأتيه إلّا من ثلاث جهات و هي رئيس الجمهورية و المجلس الشعبي الوطني و مجلس الأمّة وهو الأمر الذي يتجلى بوضوح من خلال تعديل آلية إخطار المجلس الدستوري ، بهدف توسيع مجالات وفرص تدخله. خاصة بعدما كشف الواقع الدستوري المعاين لحصيلة نشاط المجلس الدستوري ولفترة معتبرة على فتور في عمله في السنوات الماضية و الدساتير التي فاتت.
وعلى هذا الأساس يتّضح مدى إسهام التعديل الدستوري لسنة 2016 في إخراج المجلس نحو الحركية والفعالية المتطلبة لتطوير نظام الرقابة الدستورية على الانتخابات بكل مراحلها .


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)