الجزائر

''آلة خفية'' تتحدى إصلاحات بوتفليقة



''آلة خفية'' تتحدى إصلاحات بوتفليقة
من يستجمع مكونات الحاصل الاجتماعي والسياسي، في البلاد، يشعر وكأنما ''جبهة رفض'' تشكلت لشل رغبة الناخبين في الانتخاب يوم 10 ماي.. تشكلت ''عن قصد'' أم ''عن عفوية'' فمحصلتها واحدة، هي إبطال مفعول التغيير.
في كل الانتخابات التي شهدتها الجزائر، تشكلت هذه ''الجبهة''، لكن الفارق بين الاستحقاقات السابقة واستحقاق العاشر ماي الداخل يبدو شاسعا شساعة الدعاية التي منحت لإصلاحات بوتفليقة، وبنت عليها مصالح الوزير ولد قابلية أرضية ''التهديد والوعيد'' ضد من يتعرض للانتخابات بسوء.
الملاحظ أن خطين اثنين فقط يسيران نحو ترغيب الجزائريين في التوجه إلى صناديق الاقتراع يوم ''الامتحان''. خط ''الداخلية''، الوصية سياسيا وتقنيا على السير الحسن لمجرى الانتخابات، حتى ''نحف'' ولد قابلية وصار يشعر بأنه وحده المسؤول عن إنجاح اليوم الموعود، وخط ''قادة أحزاب'' أرهقتهم الحملة الانتخابية توددا لأصوات تضمن لهم وصولا آمنا إلى قبة زيغود يوسف، مع التذكير بأن ''الخطين لا يلتقيان إلا على ملء الصندوق''.
والمتتبع لمجرى الأمور، يشعر بأن هناك خيوطا أخرى محشوة بأشواك، صنعت جبهة رفض، تشن حربا من وراء ستار، لكن دخانها بدا ظاهرا للعيان، ''حربا خفية'' تدور رحاها بين طرفين، واحد يدفع إلى إنجاح الموعد التشريعي، لتحقيق ''ربيع جزائري''، وآخر يعمل على بناء جدار بين الناخب والصندوق يوم 10 ماي.
أغفلت الجبهة الاجتماعية، بالتمام، في موازين العملية الانتخابية، وتركت لأفعى مقاطعة، تخشاها الحكومة، لكنها لم ترتب أسباب إطفاء لهيبها، فتخلت عن جزائريين في بؤرة ''إشاعة'' أيقظتهم صباح يوم جمعة تلاشت بركاتها ''بالسباب''، عندما زج بهم في طوابير محطات بنزين، في مشهد عنوانه ''العار''، لكن تفاصيله ''مخيطة'' بإبرة ''خياط بارع'' يعرف جيدا أن الجزائريين يعلمون أنه ''حيثما وجدت إشاعة.. فثمة خراب أو اضطراب''، ومتأكد أن الجزائريين، حينما يحل الخراب والاضطراب، تواجهه السلطة بكل ''الشكليات''، والشكل هذه المرة هو ''الانتخاب''، وهي الرسالة التي أريد تمريرها بندرة ''البنزين'' بدلا من ''إشعال صناديق الانتخاب بالبنزين''.
لم يكن الجزائريون ضحية ''التسريبات الكاذبة ''هذه المرة فقط،، فقد دوت إشاعات كثيرة تلقفها الشارع وتداولها بشكل خلاق وبالسرعة المطلوبة، واستفاق مروجو الإشاعات على حقيقة وجود نسق اجتماعي جزائري يتقبل الإشاعات بصفة فورية، وبلا عناء، ويتداولها بسرعة البرق. فقد أخرجت الإشاعة الرئيس بوتفليقة من مكتبه ليكذب مرضه (2007) عندما راح يزور القرضاوي، الذي كان راقدا بمستشفى عين النعجة، وأخرجته مرة ثانية، لنفس السبب، عندما استقبل النجم زين الدين زيدان أمام كاميرا التلفزيون (2009).
التسريبات الكاذبة في الجزائر عرفت أوجها خلال السنوات الأخيرة، وتزامنت مع حراك سياسي، بعضه ظاهر ومعظمه دار في سرايا الخصوم كما المؤيدين للرئيس بوتفليقة، بينما اختلفت الأسباب والدوافع، والدافع هذه المرة يحتاج إلى ''اكتشاف''، وقد يعرف السبب دون بذل جهد، حينما نتذكر فقط أننا على مقربة من انتخابات. وإن كان الرئيس بوتفليقة عرف كيف يطفئ هشيم الإشاعة بخرجاته، تلك، فإن الحكومة عجزت عن وصفات لإطفاء لهيب جبهة اجتماعية، بل أن عدم تكليف نفسها عناء إيجاد حلول لأساتذة التربية ''الإينباف''، المنتظر دخولهم في إضراب، و''عمال البلديات'' الذين يشلون هيئاتهم اليوم، و''أمناء الضبط'' الذين شلوا المحاكم و''الأطباء الأخصائيين'' المتوقفين عن العمل، واحتجاجات الأطباء العامين ومتقاعدي الجيش وغيرهم.. يطرح عدة تساؤلات، في حين علمت السلطات الجزائريين أنه لما تريد إنهاء أزمة لا يعترض طريقها أحد. فلماذا لم تفعل، اليوم، لتأمين مشاركة ترقى ل''التغيير'' في انتخابات بدت حملا ثقيلا على شخص ولد قابلية وحده، بعدما حول إلى ''درع''، تماما كما كان اللاعب ''عبد القادر العيفاوي'' درعا أمام زملائه لما غرس في جسده سكين وقوض ملعب سعيدة، في مقابلة أهل المدينة مع أهل فريقه اتحاد العاصمة، الأسبوع الماضي، في سابقة طالت بعد ذلك ملاعب كبيرة وجهوية عديدة. يتساءل الجميع: لماذا لم يحدث مثيل لها في السابق (بنفس الكارثية والمأساوية)؟ ولماذا في هذه المرحلة بالذات يسقط قتلى وجرحى في ملاعب جزائرية تحصي أرقاما صادمة، صدمة أرقام يضعها التجار على مواد استهلاكية (على رأسها البطاطا) دوخت الميسورين ماديا، قبل مغلوبين عن أمرهم، تعودوا على حد أدنى من ''التقوت'' كتعودهم على إدارة ظهورهم لنداءات الانتخاب.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)