الجزائر

آخــــــــر الخطــــــــى نشوة الانتظار الذي لا يَنتظِر



في الداخل، هناك، في أبعد نقطة داخلنا، في ذلك المكان الخارج عن السياقات والمحرج للأبعاد، هناك، وبالضبط في النقطة الأبعد، يوجد ذلك الشيء الأقرب إلينا.هي مفارقة اللغة الصوفية المتبتلة التي انتبهت إلى أن الجدران التي شيدت للفصل بين المتضادات هي ذاتها جدران الوصل.هنالك، يرتدي الكلام وهج الصمت، وحلة الابتهاج غير المشروط، إذ هو ابتهاج بالكينونة التي فينا، حتى إذا كانت تخص أبعد نقطة في الكون..الكتابة على هذه الصفحة مثل الفخ، عليك أن تنحاز إلى شيء ما، مبلورٍ سلفا، وأن تدخل في دوامة الـ "من أنت؟" والتي تأخذ بعدا تراجيديا أكثر في بعض حالات تفاقم هوس الانتماء إلى أنانيتنا الضيقة، لتأخذَ شكلَ السؤال القاتل: "مع من أنت؟". فنحن لسنا هذا الشيء المبلور سلفا، لأنه مهما اتسع، لن يسع زخامة سؤال الكينونة.صحيح أننا مجملُ المبادئ التي ننحازُ إليها في لحظةٍ يقظة جميلة تشبه اليقظة التي تحصل لبعض الرهبان وهم يتأملون، تحت شجرة بابوا ضخمة، في مسألة الدجاجة التي داخل الزجاجة.ولكن نحن أيضا هذا الذي لم يتشكل بعد، الذي هو في طور التكوين، وفي رحم الأسئلة الحارقة التي تعتمل في كانون المكابدة والاشتغال الحدسي والشغوف والصادق بقضايا الإنسان على هذه الأرض.كم من وقت يلزم للصخرة كي تنبتَ على أحرافها الحياة.في لحظة مبهمة، خارجةٍ عن نطاق الحساب الزمني الذي يُثقِلُ ذاكرةَ الذاكرة بالتفاصيل العارضة، يتكشف أمامك جبل الوهم الذي يكون قد ملأ قلوبنا بالمغزى، ويَبرز من تحت ركام الوقت مقدارُ الكذب الذي كان محيطا بنا والذي هو كذبنا نحن على نفسنا، عندما منحنا المتون الجاهزة أحقية التعاطي مع قضايانا الصميمة. في تلك اللحظة القاسية الجميلة بذبحها للوهم الذي كان عنوان العنفوان لدينا، تنفتح الستارات على دهشة الخراب والخواء الذي بالداخل.يا الله..كل شيء بالداخل، خرابك وعمارك، شمسك وليلك، تقواك وفجورك، صحراؤك ونقطة الغدير التي تسقي واحة روحك.لذلك، عندما جلسنا قليلا تحت شجرة البابوا برؤوس صلعاء، وبقلنسوات برتقالية، والتي بكل تدرجات البرتقال عبر فصول العمر.. لون الدهشة المطمئنة إلى شتاتها الجميل، جلسنا برهة كانت بمقدار الحب الذي ذروته لحظة سقوطه في الهباء.. هباء الوهم الذي يكفي لبناء حب جديد، أنضج، أكثر توازنا، لكن أبدا لا تتكرر مواضيعه.عندما جلسنا القرفصاء وبين عينينا فلسطين تماما في النقطة الحمراء المتوهجة، بدت لنا فلسطين لغة، إما أن نتقنها أو لا، نعرف تهجئتها أو لا نعرف. أصحابها هم كلُّ المتكلمين بها..بدت لنا فلسطين، وهي في ثياب الطفولة الأولى، كيمياءً ورمزا..كيمياءً .. لأنها معادلةٌ تحمي توازنا داخلنا، ورمزا .. كونها تتجاوز حيثيات البناء والهدم والتنقيب، وتحتويها كأُمٍّ يزيدها الجرحُ عنفواناً على عنفوان، كالأنبياء الذين لم يأتِ ذكرُهم في النصوص الظاهرة، هم هنا، حتى لو لم يكونوا هنا.لغةً.. لأنها هي التي تمنح الدلالات.كم معولاً قادرٌ على هدم لغةٍ هي أبجديةُ الرمل والندى. وكم يلزم من الوقت لذلك، هل هو الوقت الذي يلزم للصخرة كي تنبت على أحرافها الحياة.هكذا هي الكيمياء تفرض قوانينها المكتشفة أولا بأول. كل ذرة يرافقها كون من التاريخ والحكايات والأسرار.وهكذا هي الأرض، أكثر من كونها حيزاً مادياً، هي ذاك الجزء الذي.. في أبعد نقطة داخلنا.. تلك النقطة الأقرب إلينا من حبل الوريد. رشيدة خوازم


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)