الجزائر

آخر مرة شاهد فيها ابنه سمير كانت في إحدى ليالي شتاء 2005



آخر مرة شاهد فيها ابنه سمير كانت في إحدى ليالي شتاء 2005
انقلبت يوميات الصياد المتقاعد 'مدراوي الشيخ 'الذي تعدى سن الستين ببضع سنوات رأسا على عقب أشهر قليلة بعد غياب ابنه سمير الذي قرر المجازفة بحياته رفقة أصدقائه في ليلة من ليالي شتاء 2005 من خلال الهجرة غير الشرعية على متن زوق صيد بحثا عن عيشة رغدة تفننت وسائل الإعلام في رسمها لشبابنا و غذاها نجاح أصدقائهم و جيرانهم الذين عادوا إلى ذويهم سالمين غانمين.'عمي الشيخ ' الذين اختار أحد أركان مقهى المنطقة التي يقطن بها ببلدية بوزجار مكانا له لم نجد صعوبة في العثور عليه حيث لمحناه على بعد أمتار يمشي بخطوات متثاقلة إلى مكانه المعهود ويداه ترتعشان وكأنه شيخ طاعن في السن .. و رغم إلحاح البعض على عدم التحدث إليه وقلب مواجعه لأنه قد يرفض ذلك إلا أننا نجحنا في إقناعه بالسرد بعض التفاصيل عن قصة سمير الغائب.. وبكلمات تكاد لا تفهمها نظرا لصوت عمي الشيخ الخافت ومرضه المفاجئ الذي أصابه نتيجة الاخبار المختلفة والمتضاربة حول مصير ابنه الغائب التي ما فتئت تصل العائلة عقب اختفاء سمير قال الوالد أنه لم يعلم أن ابنه يحاول الحرقة وتفطن له عندما دخل في ذلك اليوم المشؤوم الى منزله عائدا من رحلة صيد بالبحر كعادته كونه أحد صيادي المنطقة المعروفين حيث لمح لباس سمير الذي يستعمله للصيد مرميا بفناء المنزل لينتابه الخوف والقلق على مصيره خاصة وأن الأحوال الجوية آنذاك معروفة بعدم الاستقرار ناهيك عن أن الوالد يعي جيدا ما قد يخبؤه البحر للمجازفين خلال هيجانه .سمير كان يعرف مسبقا جواب والديه إزاء فكرة الهجرة السرية ولتجنب أي عرقلة اغتنم مبيت والدته عند أهلها وخروج الوالد إلى الصيد ليغادر المنزل دون رجعة وحتى دون أن يسلم على أحد ويودعه .. المعلومات التي حصل عليه الوالد والأم أيضا هو أن ابنهما هجر رفقة أقرانه من شباب المنطقة على متن 3 قوارب صيد في تلك الليلة وحسب تصريحات الناجين فإن قارب واحد نجح في الوصول الى إسبانيا فيما قد يكون الزورقان المتبقيان قد تاها في عرض البحر نظرا لسوء الأحوال الجوية . تعلق العائلة بخبر حياة سمير ورفض فكرة غرقه في الأسابيع الأولى من الغياب جعلها لا تتوانى في التنقل من مدينة الى أخرى كلما وصلتها أخبار عن احتمال رأية الشاب المفقود الى أن توصلت الى معلومات تقول أنها من قبل شخص يقطن بإحدى ولايات الوسط تنقل خصيصا إلى بوزجار وبحث عن عائلة سمير وبعض رفقائه الذين امتطى معهم قارب الموت منذ 9 سنوات خلت ليوصل رسالة من المفقودين لذويهم تؤكد تواجدهم بالمؤسسة العقابية بالدار البيضاء .. حيث يقول عمي الشيخ أنه قد يكون الخبر صحيح لأن القارب إذا تاه قد تجرفه التيارات الى مدينة الناظور باعتبار أن المهاجرين خرجوا من منطقة بوزجار. هذه المعلومة كانت بمثابة جرعة أمل التي زادت من تعلق الوالدين بحلم رأيت فلذة كبدهما من جديد فسارعوا إلى تنصيب محام ومراسلة وزارة الداخلية للتحري عن الخبر لكن حسبهما يكونان قد أخطآ الوجهة لأن الجهة المعنية هنا هي وزارة الخارجية لا الداخلية و بين الرسائل الموجهة إلى السلطات الجزائرية و المؤسسة العقابية بالدار البيضاء لا يزال عمي الشيخ وزوجته ينتظران بصيم أمل يدلهما على سمير الغائب الحاضر دائما في الوجدان .




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)