الجزائر

80 بالمائة من عمارات المدن الكبرى حُوّلت أقبيتها وأسطحها إلى منازل العيش في جحيم أقبية العمارات عمره 25 سنة



500 عائلة بباب الزوار تتقاسم الأكل مع الجرذان كانت زيارة أقبية عمارات حي ''سوريكال'' بباب الزوار بالعاصمة، أشبه برحلة في العصور الغابرة،
 أين كانت الحشرات والجرذان تقاسم الإنسان فراشه ومأكله.. هذا هو حال 492 عائلة بهذا الحي، تنتظر أن تلتفت إليها السلطات بعد 25 سنة من التجاهل.
 القاسم المشترك، فضلا عن العيش في أقبية تنعدم فيها أدنى شروط العيش الكريم، هي الأمراض التي تفتك بالصغير والكبير، من حساسية وربو.
 الحالة الأولى التي زرناها كانت عائلة عيسو عمر، المتشكلة من 5 أفراد، الوالدين وثـلاثـة أطفال. فبعد أن ضاقت الحياة بالوالد، قرّر تحويل قبو إلى مسكن عقب زواجه، ما دام أن كل طلبات الاستفادة قوبلت بالرفض، حيث يقول محدثـنا: ''أتحدى مسؤولي البلدية إن قامت بمنح سكن اجتماعي لأي أحد من أبناء الحي خلال العشريتين الأخيرتين، وكأن البلدية لم تقم ببناء ولو مسكن واحد. انظري لحالتي، فحتى زوجتي من ضحايا الإرهاب شاهدت والدينا يموتان أمامها، ولم تتحصل على أي حق في إطار ضحايا المأساة الوطنية''.
نفس الديكور من البؤس كان بأقبية تعيش بها عائلات حمتيش، قشار ومختاري، بعمارة غير بعيدة. فبدل أن تنبعث روائح الطهي في تلك الساعة من النهار، اكتسحت تلك الأقبية روائح المياه القذرة وخريرها عبر قنوات الصرف التي تصب بغرفة صغيرة بداخل أحد الأقبية. رب إحدى العائلات قال: ''تقدمت بطلب الحصول على سكن منذ أكثـر من 20 سنة، لكن لا رد منذ ذلك التاريخ. في كل مرة يأتي أعوان البلدية لإحصائنا كالماشية، ثـم ينصرفون لحالهم، ونبقى نحن نعاني الأمرّين بين الأمراض والجرذان''.
حال عائلة رابية شريف لم يكن أحسن من سابقتها، حيث يضطر الوالد افتراش الأرض للنوم في مساحة لا تسمح له بأن يمدّد أطرافه السفلى، وهذا ليسمح لزوجته وأبنائه الثـلاثـة من النوم على السرير. صاحبنا يعيش في هذه الوضعية منذ سنوات، دون أن يبزغ في الأفق بصيص أمل يتشبث فيه لينتشل فلذة أكباده من العيش في قبو.
كان يمكن أن نزور المئات من الحالات، كل واحدة تنسيك التي سبقتها في تعاسة العيش، بحكم أن كل أقبية عمارات حي السوريكال بباب الزوار يعيش فيها ما بين 3 إلى 6 أفراد وأحيانا أكثـر.
فحسب لجنة الحي، هناك 492 عائلة لا تزال السلطات المحلية تدير لهم الظهر، حيث لم يستفد أحد منهم من الترحيل، ولا حتى امرأة فقدت زوجها في حادث مرور أليم منذ سنوات، وهي تصارع اليوم على جبهتين، العيش في قبو وتربية ابنيها.


رئيس مجمع المهندسين المعماريين لـ''الخبر''
80 بالمائة من عمارات المدن الكبرى حُوّلت أقبيتها وأسطحها إلى منازل

 كشف السيد عبد الحميد بوداود، رئيس مجمع المهندسين المعماريين، أن عمليات المسح والمتابعة التي قامت بها الهيئة، بيّنت أن ما بين 70 إلى 80 بالمائة من البنايات والعمارات القديمة في المدن الكبرى حولت أقبيتها أو أسطحها إلى منازل ومحلات للنشاط التجاري والصناعي التقليدي.
  ونبّه الخبير في تصريح لـ''الخبر''، أن الظاهرة أخذت أبعادا خطيرة، نظرا لغياب المراقبة والمتابعة، مضيفا بأن البلديات والجماعات المحلية وعددا من الهيئات، مثـل دواوين الترقية العقارية، تتحمل المسؤولية لما آلت إليه وضعية العمارات والبنايات في العديد من الأحياء، خاصة في المدن الكبرى، وعلى رأسها العاصمة. وشدّد الخبير على ضرورة القيام بإحصاء شامل للإرث المعماري، مشيرا إلى أن الظاهرة اتسعت من المنازل التي تعود إلى العهد الاستعماري، أي تلك التي بنيت قبل 1962، إلى العمارات الجديدة التي شيّدت خلال السبعينيات والثـمانينيات.
وتشمل الظاهرة استغلال الأسطح والأقبية وتحويلها لمنازل، ولكن أيضا لورشات للصناعات ومخازن. مضيفا أن غياب هيئات الرقابة، على غرار ما عرفته الجزائر سابقا، مثـل هيئة الجسور والطرقات وإلغاء وظيفة الحاجب والبوّاب وغياب المتابعة من قبل البلديات والجماعات المحلية ودواوين الترقية، فتح الباب أمام كافة التجاوزات، يضاف إلى ذلك عدم تسوية وضعية معظم البنايات أصلا، مما يصعب عمليات المتابعة القضائية ومتابعة المخالفات، فمعظم البنايات لا تتوفر على شهادات ملكية ورخص بناء وشهادات مطابقة، ولم يدفع قانون 08/15 المتعلق بتسوية البنايات حتى الهيئات العمومية لتقديم ملفات تسوية.
وشدّد الخبير: لقد بيّنت عمليات المسح انتشار الظاهرة في العديد من المناطق الحضرية، سواء الأحياء القديمة مثـل باب الوادي ووادي قريش والحراش، أو الأحياء التي شيّدت خلال الثمانينيات في عين النعجة وبراقي والكاليتوس والكثبان وغاريدي.
الجزائر: حفيظ صواليلي


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)