الجزائر

‏3 ديسمبر اليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة‏المعاقون.. أنصفهم القانون وظلمتهم نظرة المجتمع!



تحتضن دار الثقافة ''مولود معمري'' بولاية تيزي وزو ابتداء من 5 ديسمبر الجاري، وعلى مدار ثلاثة أيام، ذكرى أحد أعمدة الفن والمسرح الجزائري الذي حتى وإن رحل، إلاّ انّه ترك بصمته وروائعه التي لا تزال ماثلة على ركح المسارح الوطنية، حيث سطّرت نشاطات متنوّعة تخليدا لروح الفنان المسرحي محند أويحيى المعروف على الساحة الفنية باسم ''موحيا''، وذلك بمبادرة من مديرية الثقافة للولاية بالتعاون مع المسرح الجهوي ''كاتب ياسين'' ولجنة النشاطات الفنية والثقافية للولاية.
وسطّر القائمون على تنظيم الذكرى برنامجا ثريا، يستهل بمعرض يضمّ مقالات وصورا حول حياة والمسيرة الفنية للراحل ''موحيا''، الذي يعدّ أحد المثقفين الذين خدموا اللغة الأمازيغية بالقلم والفكر، حيث كتب الشعر والمسرحية وجمع الحكايات القديمة وترجم بعض أمّهات الأدب العالمي إلى اللسان الأمازيغي، بعد أن أدرك أهمية الترجمة في ترقية الثقافة المحلية وإثرائها بالتجارب الإنسانية.
كما سيكون جمهور تيزي وزو وعشّاق المسرح بصفة خاصة، على موعد بقاعة المسرح الصغير بدار الثقافة ''مولود معمري''، على موعد مع شهادات حية عن حياة والمسيرة الفنية للراحل ''موحيا'' يليها إلقاء محاضرة متبوعة بنقاش حول ''الترجمة والتكيّف التي أنجزها موحيا".
ويتخلّل برنامج الذكرى عرض مونولوغ بعنوان''أورقاغ موثاغ'' (حلمت أنني مت) للمسرح الجهوي لبجاية، ومسرحية أخرى بعنوان ''سي لحلو'' من تقديم فرقة ''امسذورار''، وهي عمل اقتبسه موحيا عن مسرحية ''طبيب رغم أنفه'' لموليير، ليتوجّه منظمو التظاهرة ورجال الثقافة والفن رفقة أصدقاء الراحل  يوم السابع من ديسمبر إلى قرية ''اث ارباح'' بابودرارن التي ينحدر منها الفنان، لوضع باقة من الزهور على قبره ترحما على روحه الخالدة التي أفناها في خدمة الفن والمسرح.
محند اويحيى المعروف على الساحة الفنية باسم ''موحيا عبد الله'' ولد في أوّل نوفمبر 1950 باعزازقة، حيث استقرت عائلته بحكم اشتغال والده خياطا هناك، ثم رحل إلى مدينة تيزي وزو، فدرس في ثانوية ''عميروش'' وبعد حصوله على شهادة البكالوريا سنة 1968م، انتقل إلى جامعة الجزائر، فتحصّل بها على شهادة الليسانس في الرياضيات سنة ,1972 وخلالها تعرّف على مولود معمري ونهل من دروسه الخاصة بالأمازيغية، قبل أن يهاجر إلى فرنسا، وهناك بعيدا عن الأضواء والسياسة، وبمعية بعض أصدقائه، نجح في إثراء الأدب الأمازيغي، بالإبداع والترجمة، وظلّ يعمل بكدّ وحزم إلى أن وافته المنية يوم 7 ديسمبر ,2004 تارك وراءه قصيدة بعنوان: ''أيَنْ ابْغِيغْ'' (ما أصبو إليه)، تمحورت حول الهم الثقافي الأمازيغي، ألقاها أثناء رحلة ترفيهية إلى منتجع ''ثاله 'يلاف'' بجبال جرجرة، رفقة مولود معمري الذي أبدى إعجابه بالقصيدة، وقد تلقّفتها الفرقة الغنائية ''إمازيغن إمولا'' فكانت بمثابة الانطلاقة لمساره الثقافي الداعم للأدب الأمازيغي في العصر الحديث.. ثم انشأ سنة 1983م، فرقة مسرحية سمّاها ''أسالو".  
 

ألهبت فرقة ''نسيم الأندلس'' للطرب الغرناطي لمدينة وجدة المغربية، الجمهور التلمساني الحاضر بقصر الثقافة في إمامة، واستطاعت أن تستقطب أعدادا كبيرة من المولعين بالطرب الأندلسي الأصيل، وقد امتلأت القاعة فرحا واستمتاعا وتجاوبا مع الفرقة التي ركّز قائد فرقتها عمر شهيد على فتيان وفتيات ليبرز أنّ الفن الأندلسي العريق بين أيدٍ أمينة ستواصل الحفاظ عليه.
في المشاركة الأولى لها بالجزائر؛ بثّت الفرقة في السهرة الثالثة من عمر الطبعة الثالثة للمهرجان الثقافي للموسيقى الأندلسية الحماسة في أوساط الجموع التي حضرت بقوّة، عكس اليومين السابقين، حيث افتتحت عرضها الموسيقي بطبع ''الصنعة'' المعروف بالجزائر وأدّت الفرقة شذرات من نوبة السيكا، ثم تبعها استهلال من طبع ''الآلة'' المعروف بالمغرب وكان يفترض أن تختمه بمديح ''يا المصطفى غير عليا'' للشاعر سيدي لخضر بن خلوف، إلاّ أنّ الجمهور الذي استلطف الأجواء طالب بإلحاح إضافة أغنية أخرى فاختارت الفرقة الأغنية الشهيرة ''الزين الفاسي'' من الأنماط المجاورة من الطرب الأندلسي.
وفي حديث لـ''المساء'' قال السيد عمر شهيد قائد الفرقة إنّ الفن الأندلسي الحقيقي متواجد بالجزائر، وأهم موروث في هذا الحقل موجود في مدارس ''الصنعة'' في كلّ من تلمسان، الجزائر العاصمة، البليدة ومستغانم، وأشار إلى أنّ ما يؤدى في المغرب يسمى بطرب ''الآلة'' وما يؤدى كذلك في تونس وليبيا يسمى ''المالوف''، وأنّ الأغنية والموسيقى الأندلسية حافظت عليها مدرسة ''الصنعة'' المندرجة بما يسمى بالأغنية الجزائرية الكلاسيكية وهو مطابق لما تناقله الأجداد منذ القدم.
وفي تعريفه للجمعية؛ أفاد المتحدّث أنّها تأسّست سنة 2005 بمبادرة من محبي الموسيقى الغرناطية، والغرض من تأسيس هذه الجمعية هو ضمان استمرارية التواصل الحضاري والتراثي بين المغرب والأندلس، وقد انصبت جهود أعضائها منذ التأسيس حول مجال إحياء التراث الغرناطي وتحبيبه للجمهور، وبعد مرور ست سنوات على ميلاد الجمعية، استطاعت أن تحتل مكانة مرموقة في الميدان الموسيقي وأضحت تشارك في مختلف التظاهرات الفنية على الصعيد الإقليمي والدولي.
وأخذ رئيس الجمعية وقائد الفرقة على عاتقه مهمة تنظيم لقاءات احتفائية برواد الطرب الغرناطي بوجدة والمغرب سنويا في مهرجان صغير يسمى ''ربيع الأندلس''، إذ أكّد أنّه في كلّ مرة يصرّ على دعوة نجم من نجوم الأغنية الأندلسية الجزائرية، تعبيرا منه على محبته للفن الجزائري وولعه بالأصوات الجزائرية، وقد سبق وأن استضاف نصر الدين شاولي وريم حقيقي، وقال في هذا الشأن، إنّ مثل هذه المهرجانات -على غرار المهرجان المغاربي بالجزائر- قادرة على أن تكسب جمهور النخبة، ليكونوا سببا في الحفاظ على الموروث الثقافي الأندلسي.
وكان جوق كمال بودة القادم من قسنطينة قد استهل السهرة الثالثة بتقديم نفحات من المالوف بدأها بنوبة رصد الذيل، استمتع بها الجمهور التلمساني وصفّق له بقوّة.

شكل الصالون الدولي السادس عشر للصناعة التقليدية الذي اختتمت فعالياته مؤخرا بقصر المعارض الصنوبر البحري بالعاصمة، فضاء لترويج وتسويق منتجات الصناعة التقليدية المحلية، وفرصة لتبادل التجارب والخبرات بين الحرفيين الجزائريين بشهادة الكثير منهم. كما شكل من جهة أخرى فرصة لجمهور المواطنين للتعرف عن قرب على الحرفي وعلى حرفته والوقوف على ابتكارات وإبداعات الحرفين، خاصة وأن مثل هذه الصالونات تتيح فرصة اِلتقاء بين الصانع والزبون.
''التعريف بتقاليدنا'' هو الشعار المختار هذه السنة لصالونات الصناعة التقليدية التي حملت خلال المعارض الجهوية المقامة عبر كامل التراب الوطني طيلة نوفمبر المنصرم، هدف الحفاظ على التراث الحرفي والعمل على استمراريته باعتباره جزء من هويتنا الوطنية، إلى جانب التعريف والترويج بمختلف الحرف التقليدية، وكذا تحفيز وتشجيع الحرفيين على بذل المزيد من الجهود في مجال الابتكار والإبداع.
والملاحظ خلال زيارة ''المساء'' للصالون اِستقطابه لعدد كبير من الزوار بمختلف مهنهم وشرائحهم وفئاتهم العمرية، والذين يعربون في كل زيارة عن سعادتهم ورضاهم تجاه مثل هذه المعارض التي تعنى بجانب هام من الهوية الوطنية الأصيلة، ومنها الحرفة اليدوية التقليدية.
اختلاف يغذي  فضول الزوار
وبصالون الصناعة التقليدية، تحاورت ''المساء'' مع عدد من المواطنين الذين قدموا من مختلف جهات الوطن، سألتهم عن الهدف من زيارتهم للمعرض فكان أن أجابنا شاب كان يتجول رفقة صديق له بقوله أنه يزور الصالون لكونه حرفي في الفخار ولكنه لم يسجل نفسه بعد بالغرفة الجهوية للصناعة التقليدية بولاية إقامته البليدة، وأضاف أن الفضول دفعه لزيارة الصالون بهدف الاطلاع على جديد الحرف خاصة صناعة الفخار، بهدف تبادل الخبرات مع غيره من الحرفين بغرض تطوير نفسه وحرفته.
وقالت مواطنتان أنهما مواظبتان على زيارة مختلف المعارض التي تقام بالعاصمة بين الفترة والأخرى، وقد رحبتا كثيرا بفكرة الجمع بين الخدمات في معرض واحد أي التنويع بين ديكور المنازل من مفارش وزرابي تقليدية وتحف مصنوعة بإتقان سواء من الخزف أو الزجاج أو حتى الخشب، إلى الملابس التقليدية التي أدخل بعض حرفييها لمسات عصرية أضفت عليها مزيدا من الجمال والأناقة. وأردفتا بأن زيارة صالون مماثل يمكنهما من الاطلاع على جديد كل حرفة بزيارة واحدة قد تدوم عدة ساعات لمكان واحد..
ولمست ''المساء'' شغفا لدى النساء ـ على وجه الخصوص ـ للوقوف على حرف لطالما مارستها الجدات في الخفاء على غرار الطرز والنسيج وصناعة البرانيس وكذا الخياطة التي تشهد من جهتها ابتكارات جميلة، إلى جانب صناعة الحلويات والحلي التقليدية وغيرها.. واتضح من حديث بعضهن لنا أن الهدف من زيارتهن للصالون كان بغرض الاطلاع على ابتكارات الحرفيات على وجه الخصوص أو لتبادل الأفكار على اعتبار أن من الزائرين كذلك حرفيون ومبدعون قصدوا المكان للزيارة ولمآرب أخرى...

تتواصل مساعي مسؤولي جامعة التكوين المتواصل لإيجاد حل في أقرب الآجال لمشكل عدم توفر قاعات التدريس، والذي تأخر بموجبه حوالي 400 طالب مسجل في فرع جامعة التكوين المتواصل بالجامعة المركزية (العاصمة) عن موعد الالتحاق بمقاعد الدراسة في الفترة المسائية، حسب ما كشفه نائب الرئيس للدراسات والبيداغوجية بجامعة التكوين المتواصل عبد القادر ناصري.
وأوضح السيد عبد القادر ناصري لـ''المساء''، خلال لقاء بمقر جامعة التكوين المتواصل أنّ هذا المشكل الذي تواجهه هذه المؤسسة لأول مرة مرتبط بارتفاع عدد الطلبة الذين استقبلتهم الجامعات الجزائرية خلال هذه السنة، إثر تطبيق نظام ''أل.أم .دي'' الجديد، لاسيما على مستوى العاصمة التي تعرف اكتظاظا كبيرا نظرا لتوافد الطلبة عليها من مختلف ولايات الوطن، لافتا النظر إلى أن هذا المشكل الخارج عن إرادة جامعة التكوين المتواصل اعترض طلبة الجامعة المركزية فقط، في الوقت الذي انطلقت فيه دروس باقي طلبة التكوين المتواصل  في مختلف الجامعات الأخرى.
وجاء في معرض حديث نائب الرئيس للدراسات والبيداغوجية بجامعة التكوين المتواصل، أنّ تطبيق المعايير الدولية لنظام الـ ''أل.أم.دي'' في الجامعات الجزائرية خلق مشكل عدم توفر قاعات لتدريس طلبة فرع جامعة التكوين المتواصل بالجامعة المركزية، ذلك أنّ هذا النظام الجديد يفرض أن لا يفوق عدد الطلبة في القاعات 25 طالبا، لتجسيد هدف تقريب الأستاذ من الطالب وتمكينه من أداء دوره الرقابي، الأمر الذي لا يسمح بإخلاء القاعات لفائدة طلبة جامعة التكوين المتواصل في حدود الساعة الخامسة مساء، كما كان الحال عليه في سنوات النظام الكلاسيكي.
وتبعا لتصريحات المصدر، فإنّ الاجتماعات المتعلقة بهذه المسألة مازالت جارية بين كل من جامعة التكوين المتواصل وجامعة الجزائر، أملا في إيجاد صيغة تخول استغلال مخابر الجامعة المركزية لتدريس الطلبة الذين ينتظرون مباشرة الدروس منذ منتصف شهر أكتوبر المنصرم.
وطمأن السيد ناصري الطلبة بأنّه في حال التوصل إلى حل، فإنّه يمكن استدراك الدروس بسهولة، باعتبار أنّ جامعة التكوين المتواصل تسير وفق نظام السنة البيداغوجية، وليس وفقا لنظام السنة الجامعية.
والجدير بالذكر أنّ جامعة التكوين المتواصل تلقى إقبالا ملحوظا، لاسيما على التخصصات المتعلقة بالفروع القانونية، الفروع الاقتصادية وعلوم التسيير وفروع اللغات التقنية، نظرا لأهميتها في تقديم دروس مسائية تتوافق مع الأوقات القانونية للموظف، وتمنح شهادات عليا، حيث بلغ عدد الطلبة المسجلين على المستوى الوطني للتعلم عن بعد هذه السنة حوالي25 ألف طالب مقابل 22 ألف طالب في طور التدرج (التدريس حضوريا)، في مقابل 34 ألف طالب مسجلين في طور ما قبل التدرج (تحضيري)، بحسب نائب الرئيس للدراسات والبيداغوجية بجامعة التكوين المتواصل.
للإشارة، نذكر أن جامعة التكوين المتواصل مؤسسة عمومية ذات طابع إداري، أُنشِئت بموجب المرسوم التنفيذي 90 /149 المؤرخ في 26 ماي 1990وتعمل تحت وصاية وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، وهي تضم 52 مركزا للتكوين المتواصل على المستوى الوطني. علما أنّها تقترح تكوينات مكللة بشهادة جامعية تتطابق مع احتياجات سوق العمل. وقد شهدت استحداث فرعي الإعلام الآلي للتسيير وتكنولوجيات الإعلام والاتصال في اطار الشراكة مع المؤسسات والجامعات الأجنبية.
المعاقون.. أنصفهم القانون وظلمتهم نظرة المجتمع!

ملفات كثيرة متراصة في المكاتب أو محبوسة في أدراجها، ويطول بها الزمن لتنسج العنكبوت غبار النسيان عليها.. هي العبارات التي يمكن أن تختصر واقع العديد من المعاقين الذين يرغبون في الوصول إلى ممارسة حقهم في الاندماج المهني طبقا لما تنص عليه النصوص القانونية، وهي المسألة التي تطالب بموجبها جمعيات ومنظمات تهتم بشؤون الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، الجهات الوصية بضرورة التدخل العاجل لإرساء سياسة واضحة تسمح بانخراطهم في عالم الشغل.
بنبرات مليئة بالحسرة ودون مقدمات، اندمجت سيدة متقدمة في السن في حوار دار بين ''المساء'' وأحد أعضاء جمعية الأمل للمعاقين بالرغاية، حيث قالت: ''لقد جئت لأسأل هل عثر أعضاء الجمعية على وظيفة لابني''؟.. ثم استرسلت: ''منذ عامين، أودعت ملفا لطلب العمل لفائدة ابني المعاق الذي يقترب من سن الأربعين.. لكن لا حياة لمن تنادي إلى يومنا هذا، رغم أنّه يملك قدرة بدنية تخول له أن يعمل كحارس على الأقل.
ابن هذه الأم ليس سوى واحد من مئات المعاقين ممن أنصفهم القانون وظلمتهم نظرة المجتمع القاصرة، لتبني جدار ''برلين'' بينهم وبين مسعى إدماجهم في الحياة المهنية والعامة للبلاد.
وبناء عليه، أصبح تحسيس أجهزة العمل وأرباب العمل حول شغل الأشخاص المعاقين عاملا أساسيا لتحقيق هدف الإدماج الإجتماعي والإقتصادي لهذه الشريحة التي تتضاعف معاناتها بسبب غياب سياسة واضحة للإدماج، والنظرة السلبية للمجتمع. وهذه النظرة تعد في حد ذاتها ''إعاقة'' تحول دون تفجير طاقات العديد من ذوي الإحتياجات الخاصة الذين يملكون قدرات ليست سوى بحاجة إلى من يضعها في الطريق الصحيح.
وفي هذا الصدد، تنص المادة (27) من قانون حماية وترقية حقوق المعاقين، الصادر في ماي ,2002 على أنّ كافة أرباب العمل مطالبون بتخصيص 1 في المائة على الأقل من مناصب الشغل لفئة المعاقين، إلاّ أنّ تطبيق هذه المادة القانونية ما يزال مرهونا بوضع سياسة إدماج لتقبل فكرة إلحاق المعاقين بعالم الشغل، بعيدا عن ذهنية التهميش التي لا تقر
بالمؤهلات البدنية ولا العلمية التي يمتلكها العديد من المعاقين.
لا للشفقة، ولا للمنحة.. المطلوب: إدماج
السيدة ''فريدة موسي''(مكفوفة)، خريجة كلية الحقوق، كانت ذات يوم فريسة للشعور بالإحباط الناتج عن ذهنية المجتمع السلبية تجاه شريحة ذوي الاحتياجات الخاصة.. تروي حكايتها لـ ''المساء'': ''سمعت منذ مدة عن إعلان يخص مؤسسة تبحث عن موظفين بشروط تتوفر كلها فيّ. اتصلت بالمؤسسة المعنية وأطلعت المشرفين عليها على ما أحمله من شهادات ومؤهلات، فتحمسوا لفكرة توظيفي، لكن سرعان ما عدلوا عنها بمجرد أن أخبرتهم بأني كفيفة، وحجتهم في ذلك أنّ توظيفي يتطلب منهم توفير وسائل عمل خاصة على غرار تقنية البراي.
وانطلاقا من تجربتها كرئيسة لجمعية النجدة لذوي الأمراض المزمنة والمعاقين (الكائنة بالرويبة)، تقول السيدة فريدة موسي أنّ حوالي 60 بالمائة من مؤسسات العمل الخاصة، ترفض توظيف ذوي الاحتياجات الخاصة، بغض النظر عما يملكونه من كفاءات وشهادات وقدرات في غياب آليات تضمن التطبيق الفعلي للنصوص القانونية. أما النسبة المتبقية، وإن كانت لا ترفض مبدأ توظيف المعاقين، إلاّ أنّها تفعل ذلك من باب الشفقة.
وتفسر مسؤولة الجمعية الظاهرة بنظرة المجتمع القاصرة، والتي ترسم المعاق دائما في وضعية الضُعف والشلل. لكن الشلل برأي المتحدثة في فكر المجتمع الذي يقف حجر عثرة في طريق التجسيد الفعلي لحقوق المعاق المنصوص عليها في القانون.
وتضيف مستنكرة هذا الواقع المؤسف، إنّ رسالة المعاق لكافة الجهات المعنية مطابقة تماما للمثل الصيني الذي مفاده ''علمني الصيد، ولا تمنحني الحوت لأتناوله''. وفي ذلك إشارة إلى أنّ العديد من ذوي الاحتياجات الخاصة بإمكانهم أن يساهموا في التنمية الاقتصادية بما يغنيهم عن انتظار منحة.
ويجمع بعض المهتمين بشؤون ذوي الاحتياجات الخاصة أنّ هذا الواقع يجعل هذه الفئة سلبية في المجتمع، إذ يخلق لديها روحا إتكالية على الدولة، فبدل أن يساهم المعاق في بناء الاقتصاد وتحقيق التنمية، يبقى مجرد عالة في انتظار منحة زهيدة لا تصل إلى الجيب إلاّ بعد سنة.
ومن جانبها، تعلق رئيسة جمعية تنادر وليامس وبوران فايزة مداد بأنّ البطالة هي المصير الحتمي للعديد من المعاقين، معتبرة أنّ المادة (27) من قانون حماية وترقية حقوق المعاقين لم يغير الكثير من واقع هذه الشريحة مثلما هو الحال مع باقي النصوص القانونية التي تكفل حق السكن، التعليم وغيرها.
وتطالب السيدة مداد، على غرار العديد من مسؤولي الجمعيات التي تناضل من أجل تحسين وضعية ذوي الاحتياجات الخاصة، وزارة التضامن الوطني بالتدخل للنظر في هذه المسألة، مبدية رفضها لنظرة الشفقة التي يطوق بها المجتمع المعاقين، والذين يمتلك العديد منهم مؤهلات وحرفا تخول لهم المشاركة الفاعلة في عالم الشغل وتحقيق الاستقلالية المالية.
عضو بجمعية الأمل للمعاقين بالرغاية، يضم صوته أيضا إلى المطالبين برفع الحواجز التي تحرم المعاق من الإندماج في عالم الشغل، مبرزا من خلال حديثه أنّ عددا معتبرا من ذوي الاحتياجات الخاصة في عدة جهات أودعوا ملفات لطلب العمل؛ منها الوكالة الوطنية لدعم وتشغيل الشباب، غير أن ملفاتهم تتراكم يوما بعد يوم دون نتيجة، رغم أنّ المعنيين لا يعانون من إعاقات ثقيلة.
ويستكمل حديثه قائلا: ''بعض مناصب الشغل لا تتطلب جهدا كبيرا مثل حراسة حظائر السيارات، الإشراف على المراحيض العمومية ومكاتب الاستقبال، إلاّ أنّها توكل للأشخاص العاديين بدلا من المعاقين.
والواقع أن مكافحة ذهنية التهميش مازالت تتطلب بذل مجهودات على مستوى عدة أصعدة، أبرزها في المجال التحسيسي الذي يفرض القيام بحملات التوعية في أوساط العمل العمومية والخاصة وكذا وكالات العمل المحلية، لتسهيل التكفل بطالبي العمل من فئة ذوي الإعاقة، لاسيما وأنّ المعطيات تظهر على صعيد آخر أنّ المعاقين قليلا ما يقتربون من جهات العمل، ذلك أنّ لديهم فكرة سلبية عن قدراتهم.
ووعيا منها بذلك، أطلقت فيدرالية إتحاد المعاقين حركيا منذ سنتين مشروع مرافقة الشباب المعاق لإدماجه إجتماعيا وإقتصاديا، بمساهمة كل من وزارة الفلاحة التضامن والعمل، إضافة إلى أرباب العمل وبعض الوكالات، سعيا لإطلاع هذه الأطراف على الصعوبات التي تحول دون إنضمام المعاقين إلى عالم الشغل ودفعها بالتالي إلى تقريب برامجها من هذه الفئة.
وفي انتظار تحقيق نتائج ملموسة على الميدان مستقبلا، فإنّ الوضع الذي يعيشه المعاقون في الجزائر حاليا مؤسف، حيث أنّ تقلص حظوظ تواجدهم في سوق العمل عنوان لهذا الوضع، إذ رغم المجهودات المبذولة، ما زال التهميش لاسيما في المجال المهني يضاعف درجة إعاقة ذوي الاحتياجات الخاصة.
فالمجتمع بنظرته السلبية يكرس إقصاءهم من أجندة الحياة اليومية التي تركز الإهتمام على الأشخاص العاديين. وكمثال على ذلك النمط العمراني السائد والذي يتميز بوجود الأدراج في كل الإدارات، المصالح ومختلف المباني، إضافة إلى الجسور التي لا يمكن لذوي الإعاقة استعمالها.. وكذا المترو الذي انطق مؤخرا دون أن يراعي المشرفون فيه حاجة المعاقين إلى استعمال هذه الوسيلة التي انتظرها الجزائريون لعدة عشريات.

سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)