الجزائر

250 مليار دينار سنويا خسارة تبذير الخبز سنويا



أرجع الخبراء الاقتصاديون والمنظمات المجتمع المدني في تصريحهم ل ” الحوار” خسارة الخبز بكميات مذهلة ولتي تعد بالملايين من الوحدة يوميا إلى غياب ثقافة الاستهلاك لدى المستهلك الجزائري، داعيا إلى ضرورة ترشيد اقتنائها بما يوجه مباشرة لاستهلاكها بدل رميها في سلة المهملات، علما أنها المادة التي تقتني الجزائر مادته الخامة بالملايير الدولارات من الأسواق الدولية، والتي تعبر أيضا غذاء أساسيا للفرد الجزائري.
لهذا السبب يتم تبذير الخبز
من جهته، أوضح رئيس الاتحادية الوطنية للخبازين الجزائريين، يوسف قلفاط في حديثه ل ” الحوار”، أن ظاهرة تبذير الخبز، أضحت عادة الأسرة الجزائرية، التي تشكي غلاء المعيشة، متناسية أن هذه المادة الحيوية الواسعة الاستهلاك والمدعمة من طرف الدولة ستشكل خطرا كبيرا على قدرتها الشرائية، في حالة استمرارها وقد يؤدي ذلك إلى إعادة النظر في تسعيرته، مشيرا إلى أن هذه الظاهرة تتواصل على مدار السنة، ومن أجل إحداث تنوع في مادة الخبز، يتفنن الخبازون في صنع أشهى أنواع متعددة من الخبز التي تثير شهية المستهلك، ويقوم الأخير باقتنائها تلبية لصوت معدته، ويترك الجزء الأكبر إن لم نقل كل الكمية من الخبز التي اشتراها نتيجة إعداد القائمة على شؤون المطبخ في بيته بتحضير بدائل أخرى عن الخبز مثل “المحاجب ” والبتيز، وأطباق ذات الصلة التي لا تحتاج إلى الخبز.

غياب ثقافة الاستهلاك عند الفرد الجزائري,,,
ومن الأسباب المؤكدة التي تؤدي إلى ضياع كميات كبيرة من مادة الخبز، أوضح قلفاط أن ذلك راجع إلى غياب ثقافة الاستهلاك عند الفرد الجزائري، حيث نجد ربت البيت قد تساهم بنسبة مئوية معتبرة المتسببين في هدر الخبز، حيث تجدها تعد أطباقا شعبية التي لا تحتاج إلى استهلاك معها الخبز على غرار طبق الكسكسي أو المعكرونة والرشتة والشخشوخة وغيرها من الأكلات ذات الصلة، إلا أنها لا تعلم أفراد عائلتها بذلك، حتى لا يأتون في المساء بالخبز ولا يتم إستهلاكه، حتى لا يكون مصيره الرمي به في سلة المهملات.

طالب بإنقاص وزنه من 250 غ إلى 150 غ
وعن مرجعية اللامبالاة لأسرة الجزائرية في الحفاظ على الخبز، وعدم ضياعه، إلى انخفاض سعره في السوق الذي لا يتعدى النوع الواسع الاستهلاك منه عن 10 دج للوحدة بوزن 250 غ، مما أدى إلى ضياع كميات كبيرة من الخبز، في المزابل والقمامات دون وجه حق، داعيا إلى ضرورة إيجاد صيغ أخرى للإعادة النظر في تسعيرة ووزن الوحدة من هذه المادة الحيوية التي هي تعد الغذاء الأساسي وضمن القائمة المواد المدعمة من الدولة، وعن الحلول التي يمكن من خلالها للقضاء على مشكلة تبذير الخبز، اقترح قلفاط ضرورة إنقاص وزن الوحدة من الخبز من 250 غ إلى 140 أو 150 غ، مع إبقاء التسعيرة المعمول بها الآن، بدل إصدار قرار برفع سعره إلى 24 دج، والجزائر تعرف وضعا حرجا منذ انطلاق الحراك الشعبي، ويرى أن هذا الاقتراح سيخدم الثلاثية الدولة والخباز والمستهلك، وفق معادلة حسابية دقيقة، خفض وزن الوحدة يساوي خفض اقتناء المستهلك، يؤدي بالخباز إلى تقليل من شراء مادة الفرينة الموجهة الى صناعة الخبز، وتكون بالتالي نتيجتها النهائية خفض الدولة لفتورة استراد القمح في الأسواق الدولية وهدر الملايير الدولارات، وتوظيفها في مقتنيات أخرى، داعيا إلى إعادة النظر في المرسون التنفيذي الصادر سنة 1996 الذي يحدد قانون وزن الخبز.

ما يربو عن 12 ملايون خبزة تلقى في حاويات القمامة يوميا
وحول المعدل الوطني لانتاج الخبز المنتجة يوميا ، أوضح يوسف قلفاط أن نعدل إنتاج الخبز يوميا يصل إلى 68 مليون وحدة من الخبز وطنيا، وإذا أخذنا على سبيل المثال لا الحصر أنه عند اقتناء الفرد 6 وحدة من الخبز، ويستهلك 3 منها عند الوجبات، وعند إجراء عملية حسابية نجد أن 12 مليون خبزة كنسبة تقريبية من مجموع كمية الخبز المنتجة التي يتم اقتناءها دون استهلاكها من قبل المستهلك وأصحاب المطاعم والمؤسسات الأخرى، ورميها يوميا ، وقال أن هذا العدد غير دقيق، لأنه من الصعب احتساب كميات الخبز المرمية، لأن القضية لا تتعلق فقط بمخلفات الأسرة الجزائرية، بل حتى على مستوى المطاعم المدرسية وتلك التابعة للشركات والمؤسسات عبر الولايات خلال الأيام العادية.

250 مليار دج سنويا في اقتناء الخبز ولا يستهلك
من جهته، قال عضو في المنظمة الوطنية لحماية المستهلك سمير القصوري في تصريحه ل ” الحوار”، على غرار كل سنة، ومع نهاية شهر الفضيل، تطرح إلى الواجهة مسألة كميات الخبز التي ترمى في حاويات القمامة، وهي القضية التي أنهينا عليها في وسائل الاعلام، وأكد أن من أسباب الخسائر الفادحة من الخبز راجعة إلى عدم مراعاة المستهلك الجزائري في أغلب الأحيان طرق اقتنائه، وقال لو نأخذ على سبيل المثال اقتناء الفرد 3 وحدات من الخبز في أسرة تتألف من فردين نجد كل واحد منهما يستهلك خبزة ونصف ويترك العشر ” 10/1″، علما أن الجزائر تضم أكثر من 40 مليون نسمة، فنجد أن كمية الخبز الملقاة في المزابل قد تصل إلى 6 ملايين خبزة يوميا دون أن نشعر، وهو ما يسبب خسارة 60 مليون دينار قيمة خسارة اقتناء الخبز لا يستهلك خلال شهر واحد، و 216مليار دج سنويا، وهذا الرقم يضيف القصوري تقديري، دون حساب مخلفات المطاعم والعمومية والمدرسية والجامعية، مرجعا ذلك إلى عدم وجود ما يسمى بصناعة الخبز في الجزائر المعمول بها دوليا، من خلال عدم مراعاة الخبازين طريقة تحضيره وفي مقدمتها مادة الفرينة البيضاء المنزوعة من عناصرها المعندية الطبيعية، مع إضافة جرعات زائدة من مادة ” المحسنات” إلى عجينة الخبز والمحددة ب 200 غ في كل قنطار، وأن أي تجاوز لهذا القيمة قد يضر بصحة المستهلك، بالإضافة إلى مشكلة غياب ثقافة اقتناء الخبز عند المواطن الذي أضحى يشتري هذه المادة على الأرصفة وذلك المعروض على الطاولات في الشوارع حيث يتعرض إلى اللمس بالأيادي، فيتحول من مادة صالحة للإستهلاك إلى مادة سامة لأنه يستهلك مباشرة دون غسله عكس الخضر والفواكه.

10 ملايين خبزة ترمى يوميا فهل من مغيث
وعلى صعيد مماثل، دعا الدكتور سليمان ناصر في حديثه ل ” الحوار” المستهلك الجزائري إلى إعادة الاعتبار في اقتنائه للخبز وعدم شراء ما لم يستهلك، خاصة وأن مسؤولو النظافة وجمع النفايات منذ بضع سنوات أن حوالي 3 ملايين خبزة ترمى في المزابل يومياً على مستوى العاصمة لوحدها في شهر رمضان المبارك، أما على المستوى الوطني فيصل الرقم إلى 10 ملايين خبزة يومياً، وهو رقم غير دقيق حسبه، وأضاف أنه مهما كان الأمر بشأن تضارب الأرقام فالمهم أن هناك تبذير كبير للخبز بسبب أنه سلعة مدعمة من طرف الدولة وفي متناول جميع المواطنين، لكن المواطن البسيط يجب أن يعلم بأن الجزائر تستهلك حوالي 12 مليون طن من الحبوب سنوياً، تنتج منها ما بين 3.5 إلى 4 مليون طن وتستورد حوالي 8 إلى 9 مليون طن أي تستورد ثلثي حاجاتها الاستهلاكية وبفاتورة سنوية تقدر بحوالي 3 مليار دولار، ومؤخراً استطعنا الوصول إلى إنتاج حوالي 6 مليون طن أي أصبحنا ننتج نصف احتياجاتنا، ونستطيع تقليص فاتورة الاستيراد أكثر بالعمل والإنتاج طبعاً، وأيضاً بتخفيض التبذير.

الاستمرار في عملية رمي الخبز قد يدفع بالدولة لرفع سعره
وواصل ناصر يقول : صحيح أن استيراد الحبوب لابد له من ضبط وإعادة النظر، بعد أن وصلت فاتورة هذه المادة إلى 3.1 مليار دولار سنة 2018، وهو ما يمثل 36 % من واردات المواد الغذائية في هذه السنة وبتطور 11.55 % عن السنة الماضية، وأعتقد أن ما يساهم في تزايد هذه الفاتورة سنوياً هو التبذير الكبير لمادة الخبز، وما يسبب هذه التبذير الكبير هو سعره المدعّم، لذلك أعتقد أنه وإلى جانب التوعية والتحسيس بمحاربة التبذير خاصة من طرف الوعاظ في المساجد، يمكن رفع سعر الخبز ولو نسبياً، مثلاً من 10 دج إلى 15 دج للخبزة، لأن هذا لن يضر كثيراً بالمواطن البسيط من جهة، وسوف يشعره بأن الحكومة ماضية ربما في رفعٍ أكبر لسعر الخبز في المستقبل من جهة أخرى فينقص من التبذير ولا يستهلك إلا بقدر حاجته. هذا بالإضافة إلى فرض رقابة صارمة على استعمالات القمح لأغراض أخرى خاصة صناعة الحلويات، إذا لا يمكن للخباز أن يحصل على القمح بسعر مدعّم من الدولة ثم يبيعه على شكل حلويات باهظة الثمن للمواطن وبهوامش ربح عالية.
نصيرة سيد علي


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)