الجزائر

230 جزائري يعيشون في خيمة بباب العزيزية



يعيش اليوم في ليبيا بعد أربعة أشهر من اندلاع الأزمة ما بين ألفي وثلاثة آلاف جزائري، من أصل حوالي 10 آلاف جزائري حسب آخر إحصائيات سنة .2010 هؤلاء انتقلوا على سنوات للعيش في مختلف المدن الليبية لكنهم غادروا البلد في الأيام الأولى للأزمة، وتحديدا بعد صدور القرار الأممي بفرض الحظر الجوي، حيث سارع قرابة خمسة آلاف منهم للمغادرة.بالأرقام الرسمية التي تحوز عليها ''الخبر'' قبل الحرب وبعدها، أحصت القنصلية الجزائرية حوالي 7500 جزائري، لكن هناك عددا آخر من الجزائريين المقيمين في ليبيا ولكنهم غير مسجلين بالقنصلية لأسباب مختلفة، أبرزها عدم الإقامة الدائمة بليبيا.
جغرافيا، تتواجد الجالية الجزائرية في معظمها بالعاصمة طرابلس ومدينة الزاوية القريبة من العاصمة بحوالي خمسين كيلومترا. أما في بنغازي فيوجد بها حوالي ألف جزائري، وفي منطقة مصراتة التي تشهد مواجهات يومية عنيفة يوجد 700 جزائري، لكن في مدينة مصراتة يقيم حوالي 300 جزائري، بعضهم تم ترحيله في الأيام الأولى للأزمة (حوالي 195 جزائري)، والآن من بقي يبلغ عددهم حوالي 100 جزائري مقيم في مصراتة. وهؤلاء اختاروا البقاء لأسباب مختلفة بعضها لدوافع عائلية.
رحلة البحث عن أفراد الجالية بطرابلس
''الخبر'' بحثت في العاصمة الليبية طرابلس عن أفراد الجالية، فتم توجيهنا لباب العزيزية، مقر إقامة القذافي، حيث توجد مجموعة من الجزائريين نصبوا لأنفسهم خيمة هناك. وتضم الخيمة الجزائرية 230 مواطنا جزائريا مسجلين في دفتر يشرف عليه الشاب أمين بوديسة من ولاية البليدة الذي يمارس أعمالا حرة وانتقل لباب العزيزية منذ الأيام الأولى للقصف، وهو الآن يتحدث باسم هؤلاء المعتصمين في العزيزية.
وخلال اللقاء الذي جمعنا بهم في الخيمة الجزائرية ليلة الأحد وحتى الساعات الأولى من صباح الاثنين الماضي، أمكن لنا معرفة بعض ظروف الحياة في ظل الحرب على ليبيا. وفي هذا السياق يصف أمين بوديسة ل''الخبر'' ظروف مغادرة أكثر من ألفي جزائري ليبيا في بداية الأزمة، بالقول ''حدثت حالة إرباك شديدة لدى كل الناس هنا بمن فيهم الجزائريون، فقد سرت إشاعات قوية نتج عنها خوف الناس، وأنا كنت في مطار طرابلس ورأيتهم كيف يتدافعون للخروج. بالنسبة للجزائريين، العديد منهم غادر عندما علم أن السلطات أرسلت لهم طائرة لنقلهم مجانا إلى ديارهم، وأنا شخصيا ساعدت بمطار طرابلس في عملية سفر هؤلاء الجزائريين''.
سألت أمين بوديسة عن سبب بقاء بعض الجزائريين في ليبيا رغم الحرب، فأجاب أن الأسباب مختلفة ولكنها تتلخص في سببين بارزين ''هناك جزائريون متزوجون من ليبيات ولهم أولاد أو العكس يعني جزائريات متزوجات بليبيين. وهناك جزائريون بنوا حياتهم هنا في ليبيا منذ سنوات وليس لهم أملاك في الجزائر، والجزائريون لا يشعرون بالغربة في ليبيا، كما أن الحياة يسيرة هنا مقارنة بالجزائر''.
ويشير بوديسة في سياق حديثه أن معلومات وصلته عن رغبة بعض الجزائريين الذين غادروا قبل ثلاثة أشهر في العودة، لأن هناك من ترك بيته وسيارته ومحله وأغراضه ورحل بسبب الخوف الشديد.
وعن دوافع نصب خيمة جزائرية في باب العزيزية، أوضح أمين بوديسة أن ''الجزائريين المقيمين في خيمة الصمود هنا، والتي يزيّنها العلم الوطني، يريدون أن يوصلوا رسالة للعالم هي التضامن مع الشعب الليبي ورفض قصف الناتو''.
لم نجد العمل في بلادنا فخرجنا نبحث عن لقمة العيش
وداخل الخيمة التقت ''الخبر'' بعدد من الجزائريين من مختلف المهن والأعمار والولايات، وفي هذا السياق قالت الشابة عائشة برور من بلدية الرحوية بولاية تيارت إنها ''موجودة في طرابلس للعمل وهي مقيمة بها منذ 12 سنة''، أما موسى حريري وهو شاب في مقتبل العمر من حاسي دحو ببلدية بوعيش بولاية سيدي بلعباس، فيقول إنه ''يقيم في ليبيا منذ ثماني سنوات ويشتغل صباغا ويكسب قوت يومه، ولو وجد العمل في الجزائر لما هاجر''. ومن جهته، يؤكد مراد بوبطيطة القادم من بوسماعيل بولاية تيبازة منذ سنتين ونصف، ويقول ل''الخبر'' إن تواجده بليبيا له ''علاقة بتكوين مهني في شركة نفطية تشتغل في البحر، ولا يستطيع أن يضيّع هذا التكوين المهم في مستقبله المهني، ولهذا يجب أن يبق حتى يحصل على الدبلوم''. ويؤكد سليمان قلودة من واد الفضة بولاية الشلف أنه ''انتقل للعيش في ليبيا لكسب لقمة العيش بعدما ضاقت عليه بلده، وهو يشعر بالراحة هنا، لكنه مستعد للعودة في حال وجد ظروفا أفضل في الجزائر''.
سألت هؤلاء المقيمين في طرابلس عن أوضاع الجزائريين في المدن الخاضعة لسيطرة المعارضة، كبنغازي مثلا، فأجابوا ''لا نعلم الكثير عنهم، ما نعرفه هو أن هناك جزائريين في بنغازي وحتى في مصراتة، لكن لا توجد اتصالات بيننا''. ومما يلاحظ من خلال كلام الجزائريين المقيمين في طرابلس أن ''الليبيين يبدون حبا كبيرا للجزائريين في ظل التضامن معهم ضد حرب الناتو، بل هناك من قبل العلم الجزائري في الشارع''. وبخصوص قضية مقتل الشاب الجزائري قدي حمزة بمدينة الزاوية، فقد حققت ''الخبر'' في الموضوع، واتصلت بمختلف الأطراف. وفي هذا السياق، فقد علمت ''الخبر'' أن السلطات الليبية فتحت تحقيقا في الأمر بطلب من السفارة الجزائرية في طرابلس. وحسب المعلومات الشحيحة جدا التي أمكن الوصول إليها ومن خلال إحدى الروايات المتداولة، وليست هي الرواية الأكيدة، فإن الحادثة وقعت عندما كان الشاب حمزة راكبا في سيارة خاصة بها أربعة ركاب، ومرّت السيارة على حاجز أمني. وفي الحاجز نزل شابان ليبيان بطلب من حراس الحاجز لتفتيش السيارة، بينما بقي حمزة برفقة السائق الشاب في السيارة الذي مشى بالسيارة خوفا من شيء ما، وهنا تعرضت السيارة لإطلاق نار من حراس الحاجز الأمني، فقُتل الجزائري حمزة، بينما نُقل السائق للمستشفى وهو يرقد الآن في العناية المركزة.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)