من يقف وراء المضاربة بالأسعار؟
اتسعت رقعة أزمة الأسمنت لتشمل عديد مناطق ولاية عين الدفلى، حيث اشتكى عدد من المواطنين الذين ذكروا أنهم تفاجأوا بنقص الأسمنت بكميات كبيرة في هذه الأيام، متسائلين عن الأسباب التي جددت معضلة ندرة الاسمنت وغلاء أسعاره من جديد، وقابلت “البلاد” عددا من المتضررين من هذه الأزمة، بينهم أصحاب مشاريع سكنية، حيث ذكر أحدهم أنهم اضطروا لتوقيف ورشات أشغالهم وتكبدهم خسائر طائلة بسبب غلاء أسعار الاسمنت وندرة هذه المادة الإستراتيجية التي عادت لتصنع الحدث في المنطقة، مطالبا الجهات المعنية بالتحرك الميداني للوقوف على دوافع هذا الغلاء وتحديد المسؤوليات ومعالجة المعضلة بشكل جذري. فيما قال أحد المقاولين إنه من غير المنطقي السكوت عن ارتفاع الأسعار الذي بات يهدد حتى ورشات أشغال البناء الريفي في ولاية الشلف على سبيل المثال، بما أن مصنع الاسمنت ومشتقاته بوادي سلي يزود أكثر من 9 ولايات حسب الخريطة الإنتاجية للمصنع نفسه، حيث قفز سعر الاسمنت إلى 900 دج للكيس الواحد ذي وزن 50 كلغ، وتجاوزه 1900 دج للقنطار الواحد، وسط تلاعب بالأسعار بشكل واضح، واختلاف سعر الاسمنت من محل لآخر دون وجود رقابة ميدانية من قبل الجهات ذات الاختصاص، وقد أكد عديد المتتبعين لسوق الاسمنت في الولاية، أنه في الوقت الذي تتباهي فيه إدارة المصنع بقدرتها الإنتاجية السنوية التي تعدت سقف 2.5 مليون طن سنويا وتفكيرها في تجاوز ذلك إلى 4 ملايين سنة 2014، يبقى المواطن يعاني عقبات الحصول على حقه من الاسمنت.
غرباء يقصدون المنطقة وبحوزتهم سندات بيع الاسمنت
وأوضح بعض الزبائن أن أزمة الاسمنت تسببت في نشوء سوق سوداء هائلة في المواقع القريبة من المصنع والتي ازدهرت في الشهور الأخيرة بعد اختفائها منذ 4 سنوات، نتيجة غياب الأجهزة الرقابية على مواقع التوزيع، ورصدت “البلاد” خلال جولة أجرتها على بعض النقاط السوداء الواقعة على الطريق الوطني رقم 04، تردد غرباء عن الولاية عليها وبحوزتهم سندات مهيأة للبيع، الأمر الذي اضطر الكثيرين إلى الرضوخ للأمر الواقع ومسايرة الأسعار التي تفرضها شبكات المضاربة غير المشروعة في أسعار الاسمنت، التي قدرت الكيس بما يناهز 900 دينار جزائري بدلا من السعر المرجعي والمعتمد بحوالي 320 دج لدى إدارة المصنع، بمعنى خضوع الزبون لشراء حمولة 400 كيس التي تعادل 20 طنا بأكثر من 36 مليون سنتيم وهو مبلغ باهظ بالنسبة لأصحاب المشاريع السكنية الخاصة وبالتحديد أصحاب الإعانات الريفية الذين دفعتهم الأزمة إلى التوقف عن استكمال بناء مبانيهم. وعلى ذات الصعيد، تقول المعطيات الميدانية، إنه إلى جانب هؤلاء المضاربين المتوافدين من ولايات مجاورة على مواقع السوق السوداء القريبة من المنطقة الصناعية، دخل بعض أشباه المقاولين والمستثمرين ووجوه محسوبة على الحقل السياسي، وآخرين ليسوا حتما من أبناء المنطقة، في نفس الخط مع أباطرة المضاربة، وتكشف الروايات عن استخراجهم كميات معتبرة من الاسمنت من المؤسسة الإسمنتية بحجة تحويلها إلى مشاريع كبرى تخدم المسار التنموي في الولاية، إلا أن هذه الأطنان سرعان ما تحول إلى السوق السوداء لبيعها بأسعار فاحشة بهامش أرباح يفوق ضعف أضعاف الأسعار المستخرجة من المصنع. وقد تداولت سندات بالجملة بأسماء شركات عدد من المقاولين في السوق السوداء وشركات وهمية لا تحمل إلا الاسم وأن الأمر حسب المعطيات نفسها لا يقتصر على مقاولي الولاية بل هناك شركات من خارج تراب الولاية باتت تتعامل بطرق غريبة مع إدارة المصنع، ظهر بعض مسيريها في ثوب “السماسرة” بمواقع السوق السوداء يروجون في سندات بحرية مطلقة يجهل طرق استخراجها، وهو ما يؤكد عودة المضاربة بقوة في ظل انتعاش أزمة الاسمنت، مما أثر على سير العمل في عدة ورشات خاصة كما هوالحال لإعانات البناء الريفي ومشاريع ترميم البناءات الهشة وحتى الفئات المستفيدة من هبات تعويض البناءات الجاهزة بالبناء الصلب والتي لا تزال تحت الإنشاء، حيث جرت العادة على وقوفهم بالساعات ينتظرون وصول الشاحنات بمؤسسات توزيع مواد البناء التابعة لمؤسسة الاسمنت “اديمكو” وقد يفاجأون بعدم وصولها دون أية أسباب واضحة. كما أن المؤسسات ذاتها بررت نقص الاسمنت بقلة الحصص الممنوحة لها طالما أنها تتلقى كميات شهرية لا تزيد عن 9 آلاف طن، ما يعني أن المتحكم الأول في هذه السوق هو المصنع الذي بات يتحكم في دواليب التسويق كما يشاء، بينما تعرف بعض وحدات “اديمكو” بشكل يومي زحاما وتلاسنا بين المواطنين نتيجة شح الكميات المعروضة التي يجهل لحد الآن وجهة نسبة معتبرة منها. وكشف مصدر مطلع، أن الأزمة مرتبطة بعدد من الجهات في مقدمتها “المصنع” الذي وصفه بغير الملتزم، وقال المصدر إنه من المفترض أن يتم تفكيك شبكات المضاربة عن طريقة عمليات شحن والتوزيع برخص وفق آلية تنظيمية أكثر صرامة، والتخلي عن طريقة منح السندات مع مضاعفة كميات مؤسسات بيع مواد البناء مع التنسيق مع الجهات الرقابية لمحاصرة الشركات الوهمية التي تستخرج حمولات معتبرة من الاسمنت عن طريق ملفات مشكوك فيها قبل تحويل الأطنان المستخرجة إلى السوق السوداء. مع العلم أن تجارة المضاربة في أسعار الاسمنت ساهمت في نمو نشاط الجريمة المنظمة من خلال الثراء غير المشروع في نشاط غير قانوني وتحول بعض المضاربين بقدرة قادر إلى لوبيات اغتنت على حساب الزبائن الأوفياء وعلى حساب المواطنين، بعدما ظلت أعين السلطات المحلية في منأى عن أي متابعة ومراقبة لطرق عملية التوزيع لمدة عقود من الزمن.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 26/04/2013
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : خ رياض
المصدر : www.elbilad.net