تشكل الجزائر رغم كونها دولة مراقبة منذ 1964في اتفاقية ''الغات'' ثم المنظمة العالمية للتجارة الاستثناء الكبير، حيث ارتأت أن تضع نفسها خارج دائرة عضوية أكبر هيئة دولية بعد منظمة الأمم المتحدة. وشكّل انضمام المملكة السعودية ثم الصين،فروسيا مؤشرا واضحا على غياب أية رؤية واضحة لدى المفاوضين الجزائريين الذين تداولوا تباعا طيلة 24 سنة وعلى امتداد 10جولات من المفاوضات، في وقت ظل فيه الاقتصاد الجزائري ريعيا بامتياز وعاجز حتى على اقتناص الفرص التي كانت متاحة والتي كانت ستوفر للجزائر الكثير من الوقت والمال.
رغم أنها كانت عضوا مراقبا في اتفاقية ''الغات'' منذ 1964
الجزائر تسجل أطول مسار تفاوض للانضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة
تظل الجزائر بعد انضمام روسيا للمنظمة العالمية للتجارة، أمس الأول، صاحبة الرقم القياسي في إجراء مفاوضات للدخول إلى هيئة تضم 154 بلد. فرغم إجراء 10 جولات من المفاوضات وتأجيل مستمر للجولة 11 لم ينجح المفاوض الجزائري في حسم الملف الذي يعود إلى 24 سنة خلت.
ولم تعرف الجزائر سنتي 2010 و2011 تحركا كبيرا على مستوى مسار الانضمام للمنظمة العالمية للتجارة، بعد أن اعتبر الجانب الجزائري بأن الأمر لا يمثل أولوية رغم إجابتها على أكثر من 1640 سؤال وتعاملها مع حوالي 40 دولة تشكل أهم الشركاء التجاريين والاقتصاديين للجزائر. ويشير الخبير الاقتصادي أرسلان شيخاوي، أن غياب رؤية واضحة لدى الجانب الجزائري أدى الى إطالة أمد التفاوض، خاصة مع تردد الجانب الجزائري كثيرا في تفصيل الملف وتغيّر الوفد المكلف بالمفاوضات طوال السنوات العشر الماضية بالخصوص. وساهم هذا التغيير في عدم تجانس المسار من الجانب الجزائري. فالجزائر التي كانت عضوا مراقبا في الاتفاقية العامة للتجارة والتعريفة الجمركية ''غات'' منذ 1964 التي خلفتها المنظمة العالمية للتجارة منذ 1995 لم تستغل الفرص المتاحة وحتى المزايا التي كانت متوفرة للانضمام بأقل تكلفة وظل التردد يطبع السلوك الجزائري، خاصة منذ تشكيل مجموعة العمل المكلّف بمتابعة ملف الانضمام وتقديم طلب الانضمام في جوان .1987 وشهد أول اجتماع رسمي للمجموعة في أفريل 1998، كما قدمت الجزائر عروضها المتعلقة بالسلع والخدمات في نوفمبر.2007 ورغم طول المسار، فإن الجزائر اكتفت ما بين 1987 و1996 بالخصوص بتسيير إجرائي للملف دون وضوح للرؤية بعدها بدأت الجزائر في تقديم المذكرات، خاصة مع الاجتماع الأول لمجموعة العمل في 1998 ولكن بعد 10 جولات ''ما بين 1998 و ''2011 لم يتم الحسم في كافة الملفات المطروحة، خاصة بعد أن وقّعت الجزائر اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي في 2002 ودخول حيز التنفيذ في ,2005 حيث اعتبرت بأنه لا يمكن الخوض في مسارين معا.
وواجهت الجزائر صعوبات في تحرير قطاعات الخدمات، خاصة أن فاتورة استيراد القطاع تراوح ما بين 2006 و2011 ما بين 10 و12 مليار دولار، لذلك عمدت إلى تأخير عملية تحرير القطاع، كما واجهت تباين وجهات نظر المفاوضين بخصوص الدعم التجاري والفلاحي وأيضا دعم أسعار الغاز المسوق في الداخل، حيث طرحت عدة أسئلة من شركاء الجزائر حول الدعم المطبق من قبل الجزائر وإمكانية تفسيره بأنه عامل يعارض مبدأ المنافسة.
في نفس السياق، واجهت الجزائر مشكل عدم التقيد بقواعد حماية الملكية الفكرية واتفاقية حقوق الملكية نتيجة استفحال ظاهرة القرصنة وسيادة السوق الموازية.
تجدر الإشارة أن المفاوضات تأخذ طابعا متعدد الأطراف، أي أن موافقة كل الدول ضرورية، في وقت لا تزال الجزائر تعاني من احتلال في بنية اقتصادها وتعتمد بنسبة 97 بالمائة على النفط، كما أنها ترتكز على النفقات العمومية. وتواجه الجزائر تحديا جديدا بعد أن فقدت بتأخرها معظم المزايا التي كانت ستتحصل عليها في وقت سابق، مع تصنيفها كدولة نامية واستفادتها من بنود المعاملة الخاصة والمتميزة، مما يجعلها تستفيد من حقوق أكبر ومن فترة إعفاء أطول والتزامات أقل من البلدان الصاعدة والصناعية.
قطاعات الخدمات حجر عثرة ونقطة ضعف الجانب الجزائري
من بين النقاط التي ظلت تشكل نقطة ضعف للمفاوض الجزائري طوال جولات المفاوضات وقامت الجزائر بتأخيرها هي الخدمات، فقد ارتأت الجزائر ترك قطاعات الخدمات واستثنائها من المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي للتوقيع على اتفاق الشراكة والالتزام بالتفاوض عليها لاحقا مع الجانب الأوروبي في إطار مفاوضات الانضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة.
وترتكز قطاعات الخدمات البالغة 11 قطاعا رئيسيا في المنظمة العالمية للتجارة، على الاتفاقية العامة للتجارة والخدمات، وهو القانون الوحيد من نوعه الذي يأخذ طابعا متعدد الأطراف لتأطير تجارة الخدمات والتي تم التفاوض بشأنها خلال دورة الأوروغواي.
وتشمل قطاعات الخدمات المصرفية والبنكية و الاتصالات السلكية واللاسلكية، منها الأنترنت والهاتف والسياحة والخدمات المهنية مثل الاستشارات ومكاتب المحاماة ومكاتب الخبرة وقطاعات التأمين وإعادة التأمين، كما تشمل الخدمات الوسائل السمعية البصرية، منها التلفزيون والراديو. وتخضع القطاعات كلها إلى مبدأ أو بند الدولة الأكثر رعاية أي تساوي كل الدول في المعاملة، فإذا وقّعت دولة ما على الاتفاقية وانضمت للمنظمة، فإنها مطالبة بتقديم المزايا المقدمة لدولة إلى كل الدول الأخرى.
وإذا حررت قطاع أو فتحته، فإنها ستفتحه للجميع أمام المنافسة. ويطبق البند على كافة قطاعات الخدمات، مع وجود استثناءات بسيطة يمكن أن تستفيد دولة ما من ترخيص مؤقت.
وظلت الجزائر تؤجل مناقشة عملية تحرير وفتح القطاعات المتصلة بالخدمات، معتبرة بأنها الأضعف في الحلقة وأنها غير جاهزة تماما.
الخبير عمار يحيى لـ''الخبر''
''الأزمة الأوروبية عطلت انضمامنا''
قال الخبير الاقتصادي، المستشار لدى المؤسسات، السيد عمار يحيى، أن الأزمة الاقتصادية الأوروبية والعالمية المسجلة خلال السنوات الأخيرة، ساهمت في تعطيل انضمام الجزائر إلى المنظمة العالمية للتجارة. مشيرا إلى أن الجزائر دخلت مرحلتها الأخيرة لإنهاء المفاوضات مع الدول الأعضاء في المنظمة. وأوضح عمار يحيى لـ''الخبر''، أن الظروف الحالية لاقتصاد الجزائر يمكن أن تساعد على إنهاء المفاوضات مع المنظمة العالمية للتجارية.
وحسب نفس الخبير الاقتصادي، فإن المسألة الجوهرية التي كانت تعيق انضمام الجزائر إلى المنظمة العالمية للتجارة، والمتمثلة في دعم أسعار الغاز محليا تمت معالجتها، خاصة بعد الإعلان مؤخرا عن انضمام روسيا إلى المنظمة والتي دافعت عن نفس المبدأ. في نفس الإطار، قال ذات الخبير، أن الجزائر قطعت شوطا في مفاوضاتها مع دول المنظمة التي انطلقت منذ سنة ,90 مثلها مثل جميع الدول التي دافعت عن مصالح اقتصادها الوطني والتي استغرقت حتى 20 سنة للانضمام إلى المنظمة. وحسب نفس الخبير، فإن الجزائر واصلت مفاوضاتها مع الدول الأعضاء بالرغم من جميع الصعوبات التي تخللت هذه المفاوضات سواء على المستوى الدولي أو الداخلي، حيث شاركت في 10 جولات من المفاوضات إلى غاية الآن. وأكد عمار يحيى أن ما عاشته الجزائر خلال العشرية السوداء التي تميزت بانعدام الاستقرار الأمني، كان السبب الأساسي في عرقلة المفاوضات مع دول المنظمة العالمية للتجارة، هذه الأخيرة التي تبقى معقدة بالنظر إلى اختلاف مصالح الدول الأعضاء. في نفس السياق، قال مستشار المؤسسات، أن الجزائر انتهت من تكييف الجانب التقني لها، بإرساء التشريعات والنصوص القانونية التي تتماشى والمعايير المعمول بها دوليا. مضيفا أن الجزائر أجابت على أغلبية الأسئلة الموجهة لها في إطار المفاوضات الثنائية مع الدول الأعضاء في المنظمة.
من جهة أخرى، أكد نفس الخبير بأن انضمام الجزائر إلى المنظمة العالمية للتجارة سيمكّنها من إرساء القواعد المسيّرة للاقتصاد العالمي وتطوير اقتصادها الوطني، خاصة وأنها قامت منذ سنوات بالتوقيع على اتفاق الشراكة مع دول الاتحاد الأوروبي.
محادثات مع سويسرا وتركيا واستراليا لانضمام الجزائر
أعلن بيان من وزارة التجارة، أن وزير التجارة مصطفى بن بادة، التقى مع المدير العام للمنظمة العالمية للتجارة باسكال لامي، وأن المفوضية الجزائرية التقت مع ممثلي سويسرا وتركيا وأستراليا في إطار مسار انضمام الجزائر إلى المنظمة.
ولم يذكر البيان إن تم الاتفاق على تحديد تاريخ لانعقاد الجولة الـ ,11 غير أنه كشف عن نشاطات الوزير ولقاءاته مع مسؤولين في المنظمة العالمية للتجارة، من بينهم المدير العام لهذه الهيئة الدولية، باسكال لامي، علاوة على الرئيس الجديد لمجموعة العمل المكلفة بانضمام الجزائر للمنظمة، البلجيكي فرنسوا رو. يشار أن وزير التجارة، مصطفى بن بادة، أعلن قبل اجتماعات المنظمة التي عقدت نهاية الأسبوع المنقضي بجنيف السويسرية، أن هذه الاجتماعات ستكون مناسبة لبعث مسار انضمام الجزائر إلى المنظمة وتحديد تاريخ الجولة الحادية عشر بعد سنتين من الجمود.
مسار انضمام الجزائر للمنظمة العالمية للتجارة
امتد مسار انضمام الجزائر على طول 24 سنة وهو متواصل حاليا
طلبت الجزائر الانضمام إلى اتفاقية ''الغات'' قبل تأسيس المنظمة العالمية للتجارة في 3 جوان 1987
* قبول طلب الجزائر الانضمام من طرف مجلس ممثلي أعضاء ''الغات'' في 17 جوان 1987 وتنصيب فوج عمل خاص بالجزائر.
* في الفاتح جانفي 1995 تم تحويل جميع أفواج العمل للانضمام لـ''الغات'' إلى أفواج مكلفة بالانضمام الى المنظمة العالمية للتجارة.
* قامت لجنة وزارية مشتركة سنة 1995 بصياغة مذكّرة حول التجارة الخارجية، ثم على إثرها طرح حوالي 500 سؤال من طرف الأعضاء.
* صياغة مشاريع الأجوبة وتقديمها لمجلس الحكومة الذي صادق عليها سنة .1997
* عقد أول اجتماع لفوج العمل المكلف بانضمام الجزائر في 22 و23 أفريل .1998
* فوج العمل يطلب من الجزائر تقديم عروض أولية حول التعريفة وتجارة الخدمات.
* تم مراجعة مذكرة التجارة الخارجية للجزائر سنة 2011 وأرسلت نسخة منها الى أمانة المنطقة في جويلية .2001
* تشكيل هيكل تنظيمي جديد لمتابعة ومعاينة مسار انضمام الجزائر في .2001
* عقد الاجتماع الثاني لفوج العمل في 7 فيفري .2002
* تقديم العروض الأولية لأمانة المنظمة في 28 فيفري 2002 والمعلومات الإضافية في مارس .2002
* تعهدت الجزائر بإعداد برنامج واسع للتحولات القانونية والتنظيمية تمس حقوق الملكية والأتاوات الجمركية والحواجز التقنية للتجارة والوسائل القانونية للحماية التجارية، إضافة إلى محاربة الغش والقرصنة.
* قدمت الجزائر برنامجا إضافيا في نوفمبر 2004 يتشكل من 36 نصا قانونيا، 17 منه متعلق بحقوق الملكية الفكرية.
* انعقاد ما بين 2005 و2009 جولات جديدة للمفاوضات في إطار مجموعة العمل وإجابة الجزائر على 1640 سؤال. ويبقى 96 سؤالا في طور التسوية بعد توقف اللقاءات في 2010 و.2011
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 19/12/2011
مضاف من طرف : sofiane
صاحب المقال : الجزائر: سمية يوسفي / الجزائر: حفيظ صواليلي/ الجزائر: سليم بن عبد الرحمان
المصدر : www.elkhabar.com