آخر عربي يحكم البحار، محرر وهران هزم أمريكا ودول أخرى فدفعوا له الجزية، تعرض للتهميش والتشويه
-
حيث في مثل هذا اليوم
-
-
كان إستشهاد بطل الجزائر والعرب الرايس حميدو بن علي الثعالبي
-
وكان ذلك في 9 رجب 1230 هجري
-
الموافق في تاريخ 1815/06/17 م
-
-
نشأته
-
-
ولد في عام 1770م في حي القصبة في مدينة الجزائر، إسمه الحقيقي محمد ولكنه لُقب بلقب حميدو الذي إشتهر به، كان أبوه خياطًا، وهو من عائلة جزائرية تعود جذورها إلى مدينة "يسر"، ويعود نسبها إلى قبيلة الثعالبة التي كانت تحكم مناطق في الجزائر قبل الحكم العثماني، والثعالبة قبيلة عربية تعود في نسبها إلى بني ثعلبة بن بكر بن وائل إحدى قبائل ربيعة بن نزار.
-
-
دخوله في البحرية
-
-
دخل في البحرية الجزائرية عندما كان عمره 10 سنوات فقط، حيث كانت وظيفته في سفينة الرايس ميمو هي (صبي المقصورة) وكانت مهامه بسيطة مثل مساعدة الطاهي ومسك عجلة القيادة لابقاء السفينة ثابتة ولكنه إستطاع أن يتعلم الكثير ويفرض نفسه في المراكب المختلفة خلال سنوات عمره، إلى أن تنبه له الرايس شلبي الذي أعجب بشجاعته وبحنكته الفريدة، ثم نجح حميدو في إختبارات طائفة رياس البحر، فترقى ليصبح قائد سفينة.
-
-
تحرير وهران
-
-
كان الظهور الفعلي له حينما شارك في حملة والي الغرب الجزائري الباي محمد بن عثمان الكبير لتحرير وهران عام 1792م، حيث إستطاع الرايس حميدو تحويل هزيمة أمام الأسطول الإسباني الأكثر عددا إلى نصر، وهذا أدى إلى تحرير وهران، فقام الباي محمد بن عثمان الكبير بتعيين الرايس حميدو زعيما على كامل البحرية في وهران، إعترافا منه بدوره في تحريرها.
-
-
حميدو يجبر أمريكا على دفع الجزية
-
-
استولى حميدو على سفن تابعة للولايات المتحدة الأميركية وساقها إلى السواحل الجزائرية، وذلك بسبب أن بريطانيا خفضت من دفع جزيتها بحجة الإستقلال الأمريكي، لذا فقد اضطرت أمريكا إلى الصلح وتوقيع معاهدة مع الجزائر في 5 سبتمبر 1795م، تدفع بموجبها واشنطن مبلغ (62 ألف دولار ذهبا) للجزائر لقاء حرية المرور والحماية لسفنها في البحر المتوسط، وتعد هي المعاهدة الوحيدة التي تعهدت فيها الولايات المتحدة بدفع ضريبة سنوية لدولة أجنبية، وبمقتضاها استردت الولايات المتحدة أسراها، وضمنت عدم تعرض البحارة الجزائريين لسفنها .
-
-
نهاية حكم وهران وهجرته للمغرب
-
-
بقي الرايس حميدو حاكما لبحرية وهران حتى عام 1797م حيث توفي الباي محمد بن عثمان الكبير الذي كان يسانده واستغل الكارهين للرايس حميدو حادثة تحطم سفن إستعملها نتيجة عواصف شديدة في حملة ضد مستعمرة فرنسية، فهاجر الرايس حميدو إلى المغرب، وقام بإرسال إحدى سفنه إلى مدينة الجزائر وقامت بإنزال العلم الجزائري قبل وصولها للشاطئ، وهذا في البروتوكولات البحرية الجزائرية أنذاك يعني أن قائد السفينة قد قتل أو هاجر.
-
-
إنتصاره على البرتغاليين
-
-
في عام 1802م تم العفو عنه تقديرا لإنجازاته، وعاد إلى الجزائر وبعد أيام قليلة قاد سفينة واستطاع بها في 8 مارس 1802م أن يهزم أكبر فرقاطة برتغالية.
-
حيث أن حميدو بعد أن شاهد التفوق العسكري للفرقاطة البرتغالية والتي لوحدها تحتوي على 44 مدفع، قام برفع علمًا إنجليزيًا ليقترب من البرتغاليين، فوقع البرتغاليين في الفخ، وما أن إقترب الجزائريون حتى هاجموهم، وصعدوا إلى السفينة، وأسروا 282 برتغاليًا، وسيطر حميدو على الفرقاطة وضمها للأسطول الجزائري وأطلق عليها إسم (البرتغالية).
وفي 28 مايو من نفس العام ، استولى حميدو على فرقاطة برتغالية أخرى فيها 36 مدفع.
-
-
زعيم البحار وقائد الاسطول الجزائري
-
-
بعد النجاحات والانتصارات التي حققها الرايس حميدو تم إستقباله في الجزائر إستقبال شعبي وتمت ترقيته عام 1802 م ليصبح قائد البحرية الجزائرية بكاملها بعد أن فرض نفسه حاكما للبحار.
وفي عام 1808م تولى الحكم الداي علي الغسال والذي اعتبر الرايس حميدو منافسا له نتيجة الشعبية التي كان يتمتع بها، فقام بالتآمر مع عدد من المحيطين بحميدو الطامعين بأخذ منصبه، وحينها قام حميدو بالذهاب إلى بيروت، ولكن في عام 1809م تولى الحكم الحاج علي خليل والذي أعاد الرايس حميدو لمنصبه.
-
-
الرايس حميدو يطور البحرية الجزائرية
-
-
قام الرايس حميدو بتطوير البحرية الجزائرية وحولها لجيش ضخم عدده 130 ألف بحار، ومن أشهر السفن الحربية الجزائرية وقتها (رعب البحار، مفتاح الجهاد، المحروسة) وغيرها، وزاد سطوع نجم البحرية الجزائرية في ذلك الوقت، وخضع البرتغاليون فوقعوا معاهدة سلام مع الجزائريين عام 1810م، ودفعوا تعويضات كبيرة في عام 1811م.
-
وفي عام 1812م صادر حميدو سفينة إنجليزية، وفي الفترة بين 1812م و 1815م صادر سفن من اليونان وصقلية والسويد وهولندا والدنمارك واسبانيا، وبعد أن قامت أمريكا بنقض المعاهدة صادر سفن أمريكية، ووفقًا لبعض المصادر، خلال مسيرته المهنية استولى حميدو على أكثر من 200 سفينة
-
-
إستشهاده
-
-
في 1815/06/17م وبينما كان الرايس حميدو يبحر في سفينة المسعودة تعرض لكمين فهاجمه 10 سفن من أمريكا والبرتغال التي نقضت معاهدتها، وعندما أدرك حميدو بأن نهايته إقتربت أمر أحد ضباطه بإلقاء جسده في البحر في حال مقتله، وكان مقتله بقذيفة مدفع أصابته حينما كان واقفا على المنصة، وتم تنفيذ وصيته بإلقاء جسده في البحر، وحاولت أمريكا مصادرة سفينة المسعودة وسحبتها نحو شاطئ إسبانيا، ولكن البحرية الجزائرية أعادتها.
-
-
تشويه صورته
-
-
1- تعرض الرايس حميدو لعملية تشويه واسعة بداية من تهميشه بعدم تسليط النور عليه وإخفاء إسمه من السجلات.
2- يتم تشويه صورته بتصويره وكأنه قرصان وهذا أمر خاطئ حيث أن جميع الدول أنذاك كانت تفرض سيطرتها على البحر بنفس الطريقة والحروب البحرية بين بريطانيا وفرنسا شهيرة، وكانت الجزائر أنذاك سيدة البحار التي تدفع لها الدول العابرة للبحر الجزية.
3- يتم ربط مقتله بنهاية السطوة البحرية الجزائرية وبالتالي حدوث الاستعمار الفرنسي، وهذا خاطئ حيث أنه في معركته الأخيرة قلب المعركة وكاد ينتصر فيها لولا قذيفة أصابته، وكما أن البحرية الجزائرية إستطاعت أن تسترد سفينته التي كانت أمريكا تسعى لأخذها، وأما نهاية السطوة الجزائرية فكانت حينما هزمت في معركة نافرين عام 1827م.
4- للأسف الأفلام العربية إستخدمت إسم حميدو إستخدام سيء، ففي أحد الأفلام تم إستخدامه بدور بحار فاشل لا يعرف ماذا يفعل، وفي فيلم آخر أستعمل بدور رجل تافه ساذج.
-
-
الضرائب التي كانت تأخذها الجزائر من الدول
-
-
كانت الدول تدفع اتاوات للجزائر في عهد رياس البحر، وأورد المؤرخ الفرنسي "ليون فالبير" قائمة بالمبالغ التي كانت تدفعها دول أوروبا إلى الجزائر لحماية سفنها في البحر المتوسط على النحو التالي:
مملكة الصقليتين: تدفع مبلغ 44 ألف بياستير سنويا منها 24 ألفا نقدا والباقي في شكل بضائع.
مملكة توسكانيا الإيطالية: تدفع 23 ألف بياستير كلما جددت قنصلها بالجزائر.
مملكة سردينيا الايطالية: تدفع مبلغا كبيرا من المال كلما جددت قنصلها بالجزائر.
البرتغال: تدفع مبلغ 44 ألف بياستير سنويا.
إسبانيا: تدفع مبالغ مالية كلما جددت قنصلها.
النمسا: تدفع هدايا دورية مباشرة وعن طريق الدولة العثمانية.
إنجلترا: تدفع 600 جنيه إسترليني كلما جددت قنصلها.
هولندا: تدفع 600 جنيه إسترليني.
أمريكا: تدفع 600 جنيه إسترليني، ثم ارتفعت إلى 62 ألف دولار.
مملكتا هانوفر وبريم الألمانيتان: تدفعان مبالغ مالية كبيرة كلما جددتا قناصلها.
السويد والدانمارك: تدفعان مبالغ مالية كبيرة سنوية في شكل مواد حربية قيمتها 400 بياستير.
*** المراجع:
1) Courcy, RAÏS HAMIDOU: THE LAST OF THE GREAT ALGERIAN CORSAIRS.
2) الرايس حميدو، علي تابليت.
3) Souidi, Grands personnages de l'histoire ancienne de l'Algérie: des origines à 1830
4) Henri Léon, Histoire d'Oran.
5) فضل العرب في ارتقاء المعارف البحرية، ابراهيم الفحام
6) تاريخ الجزائر الثقافي للكاتب ابو القاسم سعد الله
7) Le Rais Hamidou, Devoulx
*****************
كتب بقلم:
المؤرخ تامر الزغاري
*****************
تاريخ الإضافة : 07/07/2022
مضاف من طرف : patrimoinealgerie
صاحب المقال : المؤرخ تامر الزغاري