الجزائر- فتيحة زماموش: قال مسؤول ثقافي جزائري ان وزارة الثقافة الجزائرية بدات مخطط عمل لترميم مدينة "القصبة" العتيقة وانقاذها من الانهيار.
وقال الباحث في التراث والمسؤول في الديوان الجزائري لتسيير واستغلال الأملاك الثقافية المحمية محمد بن مدور لوكالة الأنباء الكويتية "كونا" اليوم على هامش ندوة ثقافية حول المدن العتيقة احتضنتها المدرسة الجزائرية العليا للصحافة وعلوم الاعلام في العاصمة الجزائرية ان مدينة القصبة العتيقة دخلت مرحلة متقدمة من التدهور مضيفا ان مجلس الوزراء رصد مبلغ مليار دولار لانقاذ هذه المدينة التاريخية التي صنفتها "اليونسكو" تراثا عالميا في عام 1992.
واضاف ان القصبة التي تعني "وسط المدينة" وهي من الأحياء القديمة في العاصمة الجزائرية ترتبط في أذهان الجزائريين بفترة الثورة التحريرية حيث أرهقت "القصبة" جنود الاحتلال الفرنسي بأزقتها الضيقة التي كانت تخفي المجاهدين وتطمس أية آثار لهم بعد تنفيذ كل عملية ضد الفرنسيين .
كما ترتبط القصبة بالفترة العثمانية التي دامت أكثر من ثلاثة قرون خلال الفترة من عام 1516 الى العام 1830 وكانت "القصبة" خلال هذه الفترة هي عاصمة الحكام العثمانيين في الجزائر.
وقال ان تاريخ هذه المدينة العريقة لا يبدأ بالوجود العثماني في الجزائر عام 1516 بل هو ضارب في عمق التاريخ اذ يعود الى القبائل البربرية التي استوطنت الجزائر منذ ثلاثين قرنا الا أن دور المدينة لم يبدأ في البروز الا بعد ظهور الفينيقيين الذين أقاموا تبادلات تجارية مع سكان المدينة وشيدوا بها عدة منشآت بحرية في القرن السادس قبل الميلاد ثم تعرضت للاحتلال الروماني الذي بدأ يقيم عدة مبان حتى حدود مسجد كتشاوة التاريخي.
من جهته قال الخبير في التراث البروفسور لخضر معقال في تصريح مماثل ل"كونا" ان مدينة القصبة تعتبر متحفا مفتوحا على الجمهور علاوة على كونها معلما تاريخيا عالميا.
وأكد معقال أنه من بين المعالم الراسخة في القصبة مسجد "كتشاوة" الذي بني في العام 1792 أي في الفترة العثمانية وهو الآن يخضع للترميم ومساجد أخرى ذات طابع معماري عثماني مثل مسجد "بتشين" الذي بني في العام 1622 علاوة على قصور الدايات الذين تناوبوا على حكم المدينة مثل "حسين داي".
وأضاف ان ترميمها يحتاج الى مخطط عاجل لحماية أكثر من 1500 منزل يعود بناؤه الى فترة الحكم العثماني في الجزائر علاوة على انقاذ 398 منزلا من الانهيار.
وتناول البروفيسور قصة كتبها الكاتب الجزائري ياسف سعدي بعنوان "معركة الجزائر" التي استلهم أحداثها الحقيقية من مدينة القصبة ليحولها الى فيلم يؤرخ لفترة تاريخية في جزائر ماقبل الاستقلال عرض في قاعات السينما العالمية ولاسيما في دول عربية وأوروبية وحتى في الولايات المتحدة.
كما الهمت القصبة الكاتب الجزائري الراحل محمد ديب حيث كتب من خلال أحداث وقعت في أزقتها الضيقة مثل رواية "الحريق" و"الدار الكبيرة" و"دار السبيطار" وكلها روايات تروي المعاناة الكبرى التي عاشها الجزائريون في اعوام الاحتلال لاسيما التعذيب الذي تعرض له الجزائريون من الجيش الفرنسي.
وأضاف أنها كانت معقلا للثوار والمجاهدين ابان الثورة التحريرية ولاسيما ما بين 1954 و1959.
وشدد على أن القصبة ارتبطت ارتباطا وثيقا بأحداث تاريخية تبقى راسخة في الذاكرة الجزائرية بسبب الشهداء فيها مثل علي لابوانت وعلي عمار والشهيدة حسيبة بن بوعلي وأحمد زبانة وعلي لابوانت وجميلة بلباشا وزيغود يوسف وجميلة بوحيرد.
من جانبه قال الأستاذ خالد لعلاوي المختص في علوم الاعلام والمجتمع والأستاذ في المدرسة الوطنية العليا للصحافة ان القصبة كانت ملجأ للمجاهدين ابان الثورة التحريرية لاحتوائها على شوارع ضيقة ساعدت الثوار للقيام بعمليات عسكرية ضد الفرنسيين.
واضاف لعلاوي أن القصبة مازالت تعج بالحركة وتحتفظ بالدكاكين والحوانيت الصغيرة التي مازالت تستقطب الزبائن من كل حدب وصوب لما تعرضه من منتجات ومهن يدوية بدأت في الاندثار مثل التطريز والخياطة على الحرير والألبسة التقليدية وصناعة السروج الخاصة بالأحصنة وصناعة النحاس والحلي الفضية وغيرها.
فيما ذكرت الأستاذة في علم الاجتماع العمراني سعيدة رباحي أن القصبة تعتبر مركز اشعاع للتراث الشعبي المتأصل في المنطقة من خلال اللهجة المستعملة في القصبة وكذلك الأواني والألبسة التي يرتادها سكان القصبة.
وقالت رباحي في تصريح ل" كونا" ان القصبة مازالت حتى يومنا هذا من الأحياء القديمة في الجزائر التي تحتفظ بعادات تتوارثها العائلات في العاصمة الجزائرية علاوة على وجود أسواق وحمامات ودكاكين خاصة بالحرف القديمة المتداولة حتى يومنا هذا.
واعربت عن ضرورة بقاء القصبة علامة خاصة بالجزائر تستقبل السياح من كل حدب وصوب وتحفظ تاريخا وفترات من صفحات تاريخ الجزائر المستقلة.
من جانبه قال الخبير في وسائل الاعلام والمجتمع الباحث بوعبيبسة عبدالكريم ان حي القصبة القديم يبقى أول شيء يلفت الزائر للعاصمة الجزائرية لتربعه على هضبة عالية تتراءى للناظر اليها من بعيد لاسيما من الواجهة البحرية.
واعتبر أن هذا الحي يبقى شاهدا على قصص وحكايات في تاريخ الجزائر لأنه يحافظ على تراث البلد وخصوصيته التي تميزه عن باقي الأحياء والمدن القديمة في الجزائر.
كما تناول الباحث في علوم الاعلام والاتصال بلال بوسام القصور التركية التي شيدت في مدينة "القصبة" مثل قصر أحمد باي الذي تم تحويله الى مقر للمسرح الوطني و"قصر "دار عزيزة بنت السلطان " وقصر "سيدي عبدالرحمن" و"قصر دار الصوف "وقصر "مصطفى باشا".
وأشار بوسام الى أن هذه القصور تم تحويلها بعد الاستقلال الى مكتبات ثقافية ودور للثقافة تشرف عليها اللجنة الوطنية لحماية أملاك الدولة الجزائرية. -كونا
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 05/07/2011
مضاف من طرف : infoalgerie
المصدر : www.alarabonline.org