الخبير خنشلاوي رفقة صحفي الشروق
أكد الخبير الدولي في علم الأديان والإنسان الدكتور زعيم خنشلاوي، أن ما تقوم به الدولة الجزائرية من وقوف في وجه المد التبشيري الغربي، منسجم تماما مع النصوص المؤسسة للجمهورية
لأنه في المقابل "لا أحد منّا يحتج على القوانين الأوروبية التي تمنع رفع الأذان وتقيّد شروط بناء المساجد حفاظا على راحة مواطنيها وطمأنينتهم، بل توجد في فرنسا لجنة لمراقبة الحركات الدينية التي يتعارض نشاطها مع قوانين الجمهورية الفرنسية"، مشيرا إلى أنه "يحق للدولة الجزائرية ذات السيادة عدم السماح بدق النواقيس وتقييد منح رخص بناء الكنائس والمعابد لغير المسلمين حفاظا على وحدتها الترابية وحماية لمشاعر مواطنيها وانسجامها الثقافي والاجتماعي"وفي هذا السياق، أوضح أننا »دخلنا فعلا ومنذ سنتين في الحرب الصليبية التاسعة مع الغرب بعد الخطاب الشهير للبابا بنديكت السادس عشر« وقال خنشلاوي في هذا الحوار مع »الشروق«، إن أزمة بريان عابرة ولا مجال للحديث عن صراع طائفي في الجزائر، مرجعا ظاهرة التنصير إلى »انهيار خطاب المسجد وتشدده«.
في البداية وبصفتك متخصصا في الأنثروبولوجيا الدينية، كيف تنظر إلى طبيعة الثقافة الجزائرية؟ بمعنى آخر ما الذي يحرك هذه الثقافة أو ما هي المفردات التي تشكل جوهر الثقافة الجزائرية في رأيك؟
جميع الثقافات بما فيها ثقافتنا الوطنية تصبو إلى المطلق كفضاء طوباوي يرمز للخير والجمال. بيد أن الثقافة الشعبية متمردة بطبعها يصعب إلجامها كما هو الأمر مع الثقافة الأكاديمية التي غالبا ما تكون بعيدة عن واقع وأحلام الجماهير منطوية على إشكاليات فلسفية مستعصية المنال. ترتبط الذاكرة الشعبية عندنا بالأرواح النورانية كالأولياء والصالحين الذين يرمزون لدولة الخير والكائنات الظلمانية على غرار الجن والعفاريت التي ترمز لدولة الشر. والصراع بين هذه القوى الثنوية المتناحرة قائم ملموس في الحكايات الشعبية والطقوس الموسمية والأعياد الدينية وغيرها من التعابير الشفهية والممارسات الفلكلورية كالتحواف المعروف بالبوقالة وشعائر الزيارات والموالد وفنون الحياكة والنسيج والفخار وطقوس الطعام وفي سائر السلوكات اليومية ثمة أقوال وحركات وإيماءات تنقل لنا العديد من المعلومات التراثية المخزنة والمتوارثة جيلا عن جيل. وأما ثقافة النخبة فهي عندنا شبه معدومة لانعدام الطبقة الارستقراطية في بلادنا وانحصار المجتمع في طبقتين اثنتين فنحن ماديا ننقسم إلى أغنياء وفقراء ولكن ثقافيا كلنا بسطاء.
ثمة من ينظر إلى بعض مفردات الثقافة الشعبية في الجزائر على أنها تنتمي إلى مرحلة الجهل والتخلف التي كرسها الاحتلال الفرنسي. هل ترى أن هذا الرأي فيه جانب من الحقيقة؟ وهل فيه مبالغة؟
هذا رأي فاسد ورثناه عن الحقبة الاشتراكية التي قامت ـ عن حسن نية ـ بمحاربة الثقافة الشعبية بدعوى أنها مظهر من مظاهر الرجعية والإقطاعية وغير قابلة لتطبيق »الخطط الإنمائية« الرامية إلى تشجيع »الإنتاج والإنتاجية«... هذا كلام عفا عنه الزمن ولم يعد يجرؤ أحد على التفوّه به، لضحالته بل ولخطورته. إذ بسبب هذه النظرة الدونية لتراثنا الشعبي فقدنا العديد من مكونات شخصيتنا الوطنية وهويتنا الروحية التي علينا الآن تداركها قبل أن تقرضنا قوارض العولمة.
يرى البعض أن الدين اختلط بالمعتقدات الوثنية في الثقافة الشعبية كما هي الحال بالنسبة لبعض الطرق والممارسات الصوفية مثل »قناوة« وغيرها. كيف تنظر إلى هذا الموضوع؟
الدين ظاهرة حيوية وليست مجرد منظومة أخلاقية جامدة، بخاصة الدين الإسلامي الذي على خلاف المسيحية مثلا، يحترم الخصوصيات الثقافية للمجتمعات التي تعتنقه ولا يدعو لإلغائها أو تهميشها ومحاربتها كما حصل مثلا مع الهنود الحمر الذين أجبروا على اعتناق المسيحية قهرا وعلى التخلي عن لغاتهم وعاداتهم. هذا سلوك غريب على الإسلام الذي يتسم بالعالمية ويعترف باختلاف الشعوب والقبائل التي خلقت لتتعارف وليس ليلغي بعضها بعضا، كما يجعل من العرف الاجتماعي مصدرا من مصادر التشريع. وعليه فمن الطبيعي أن تختلف تعابير الإسلام باختلاف الأقاليم التي تعتنقه، فمآذن الجزائر مثلا تختلف في شكلها عن مآذن الهند، كما أن طريقة القراءة والترتيل عندنا مباينة لطريقة الترتيل والقراءة عند إخواننا من مسلمي الصين، مع أن وظيفة المسجد واحدة ونص القرآن واحد لدى جميع المسلمين. كذلك الأمر بالنسبة لبعض التعابير والمعتقدات الشعبية التي تجسد هذه التعددية الثقافية والتي قد ترجع مكوناتها إلى أصول وثنية كما تفضلتم عبر إثارتكم لنموذج »القناوة« القائم على تقديس الدم والأرواح وقوى الطبيعة والذي تضرب عروقه في أدغال إفريقيا السوداء. لكن هذا الإرث الثقافي الغزير، الذي وإن كان لا يمتّ بصلة مباشرة للتصوف وإن صار من روافده الفلكلورية، إلا أنه قد أعيدت صياغته وتكييفه في قالب توحيدي وهذا هو الأهم.
هل ثمة خوف على استمرار الثقافة الشعبية في الجزائر؟ إذا كان الجواب نعم، ما هي الأسباب؟
الجواب لا خوف. لأن الجزائر أيقنت في نهاية الأمر بشرعية الثقافة الشعبية وضرورة الحفاظ عليها وترقيتها. فكانت أول دولة في العالم تنضم إلى الاتفاقية الدولية لحماية التراث الثقافي اللامادي من طرف منظمة اليونسكو. (راجع المرسوم الرئاسي رقم 04-27 المؤرخ بـ16 ذي الحجة 1424 ـ 7 فبراير 2004 ـ بشأن انضمام الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية للاتفاقية الدولية لحماية التراث الثقافي غير المادي المصادق عليها في باريس يوم 17 أكتوبر سنة 2003. قانون رقم 98-04 بتاريخ 20 صفر من عام 1419 الموافق لـ15 يونيو 1998 المتعلق بحماية التراث الثقافي بشقيه المادي وغير المادي. مرسوم تنفيذي رقم 03 - 325 مؤرخ في 9 شعبان عام 1424 الموافق 5 أكتوبر سنة 2003، الذي يحدد كيفيات تخزين الممتلكات الثقافية غير المادية. وثمة قرارات وزارية قيد الصدور تتعلق بحماية الكنوز البشرية الحية وإجراءات وطنية أخرى كتدشين المركز الوطني لحماية التراث الثقافي غير المادي والذي سوف يحتضنه قصر محيي الدين العتيق الذي يجري ترميمه حاليا، إضافة إلى إنشاء مركز إقليمي لحماية التراث الثقافي غير المادي في العاصمة، الخ...) كل هذه التدابير الاحترازية تدل على مدى وعي السلطات الجزائرية بضرورة تفعيل وإنعاش التراث الشعبي وحتمية توريثه للأجيال.
ثار في الآونة الأخيرة جدل واسع على أعمدة الصحافة الوطنية حول موضوع التنصير بين الشباب الجزائري، كيف تقرأ هذه الظاهرة من وجهة نظر أنتروبولوجية؟ وهل ترى أن فيها نوعا من المبالغة؟
يتعيّن علينا عدم تهويل الأمور والتحلي بالرزانة وبرودة الدم لاستيعاب هذه الظاهرة التي تعد نتيجة متوقعة أملتها حتمية العولمة. نعيش اليوم في عالم تقاربت فيه الأمم والمسافات والتحمت فيه العقائد والأفكار مع التكنولوجيات الحديثة حتى صار من غير الممكن إلزام الناس بنمط فكري معيّن مهما اشتدت وسائل القهر والمراقبة. جميع الحدود سقطت مع انهيار حائط برلين عام 1989. لا يعني هذا أن الأمور تصير مسيبة بلا حسيب ولا رقيب. فمن حق الدولة الجزائرية أن تعيد ترتيب أمور بيتها بسن قوانين تنظم وتسير شؤونها الدينية بما تراه مناسبا لمصالحها العليا، وليس في هذا تعارض مع مبدإ حرية الاعتقاد الذي يكفله الدستور الجزائري بمقتضى المادة 36 من الفصل الرابع التي تقول: »لا مساس بحرمة حرية المعتقد، وحرمة حرية الرأي«، فلا أحد منّا يحتج على القوانين الأوربية التي تمنع رفع الأذان وتقيد شروط بناء المساجد حفاظا على راحة مواطنيها وطمأنينتهم. بل توجد في فرنسا مثلا لجنة برلمانية لمراقبة الحركات الدينية منعت بمقتضى تقاريرها عدة جمعيات على غرار الكنيسة السيونتولوجية التي يوجد مقرها في الولايات المتحدة كما يجري حاليا التضييق على كنيسة »شهود يهوه« لمخالفتها المتكررة لقوانين الجمهورية الفرنسية. في المقابل يحق للدولة الجزائرية ذات السيادة عدم السماح بدق النواقيس وتقييد منح رخص بناء الكنائس والمعابد لغير المسلمين حفاظا على وحدتها الترابية وحماية لمشاعر مواطنيها وانسجامها الثقافي والاجتماعي ووقاية لنسقها العمراني.
ما هي الأسباب الثقافية وغيرها، التي يمكن أن تدفع الشباب الجزائري نحو التنصر؟
أسباب هذه الظاهرة تتمثل، حسب رأيي، في عاملين اثنين: أولهما انهيار خطاب المسجد وغلقه لأبواب الرحمة بتشدده وقسوته وترهيبه مع تفاهة محتواه وركاكته وسخافة أسلوبه وتعاسته. ثانيهما يتمثل في ظاهرة البطالة العارمة التي تفترس شرائح كبيرة من الشباب الجزائري من ضمنها حملة الشهادات العليا والكفاءات المهنية المتخصصة. كل هذا اليأس من الدنيا والآخرة يجعل الشاب يلجأ إلى فردوس السراب. لكن هذا لا يمنع من وجود حالات تنصير فردية ولو نادرة قائمة على القناعة والإيمان، فليس كل من تنصر يعد معوقا ذهنيا أو منحرفا أخلاقيا. علينا أن نتخلص من هذه النظرة المتعصبة غير الأخلاقية التي تتعارض مع مبدإ »لا إكراه في الدين«. فعلينا واجب احترام جميع الحساسيات الدينية. فهؤلاء مواطنون جزائريون مثلنا علينا معاملتهم بالعدل والإحسان. فكل محاولة لإقصائهم سوف تعزز من انغلاقهم على أنفسهم، مما سيحدث على المدى البعيد شرخا طائفيا في المجتمع فيصبحون بمثابة »مسمار جحا« تعلق عليه مشاريع الهيمنة وأدوات التقسيم. وعلى رأي إخواننا المشارقة، الدين لله والوطن للجميع.
ثارت في الآونة الأخيرة أزمة حادة في ولاية غرداية بين المزاب والشعانبة، والملاحظ أن هذه ليست المرة الأولى التي يثور فيها مثل هذا الصراع. كيف تقرأ هذه الأزمة؟
الجزائر بيتنا جميعا سنيّين كنّا أو إباضيّين سلفيين أو صوفيين، مادمنا نعيش في ديمقراطية تحكمها قوانين جمهورية. فلا مجال للصراع المذهبي في بلد ينص دستوره بمقتضى المادة الثانية من الفصل الأول على أن »الإسلام دين الدولة« دون اعتماد مذهب معيّن، ما يشكل ضمانة دستورية لعدم انحياز الدولة لمذهب على حساب المذاهب الأخرى، فالدولة فوق المذاهب. وعليه، كل المسلمين سواسية في نظر المشرّع الجزائري الذي لا يفرق بين أحد منهم. فالجزائر ليست خلافة ولا إمامة بل نظام جمهوري ديمقراطي تتعايش فيه مختلف التيارات الإسلامية. وهنا أرى أن التأكيد على الإرث المالكي للشعب الجزائري لا يعني إقصاء أتباع المذاهب الأخرى على غرار الإباضية مثلا، فضلا عن الحنابلة الجدد الذين هم في تكاثر مشهود خاصة بين الشرائح الشابة وغير الشابة فكم من حجاجنا الميامين الذين يذهبون مالكيين ويرجعون حنابلة بفضل المطبوعات والمنشورات التي توزع عليهم مجانا من قبل المطوفين وفي المطارات وعلى متن الطائرات. فلا بأس من الاحتفاظ بالتراث المالكي كخصوصية وطنية وثابتة من ثوابت القومية الجزائرية في الفتوى والتشريع القضائي، دون أن ننسى أننا مارسنا عبر تاريخنا مذاهب إسلامية متعددة، منها ما اندثر ومنها ما بقيت شواهده كالمذهب الحنفي والفاطمي والموحدي الذي أقامه المهدي بن تومرت والذي يعد خليطا من الفقه الشافعي والمالكي، إضافة إلى المذهب الظاهري. كل هذه التعددية المذهبية لها قداستها التاريخية كونها تعد ثراء فكريا وكنزا حضاريا يتعيّن علينا تبنّيه والاعتزاز به لأنه تراثنا الوطني. وعليه أعتقد أن أزمة بريان عابرة ولا مجال للحديث عن صراع طائفي في بلادنا. كل ما في الأمر أن بعض العوامل الخلافية قد تطفو على السطح للتعبير عن واقع اجتماعي مزرٍ كظاهرة البطالة أو غياب المرافق العمومية والخدمات الاجتماعية. في مثل هذه الحالات غالبا ما توجه أصابع الاتهام للخصم الحميم، لكن سرعان ما تعود المياه إلى مجاريها بمجرد تفعيل عجلة التنمية ومحاربة البطالة وتشغيل الشباب، لأن الشاب الذي يملك منصب شغل ويتمتع بحق السكن والعلاج والنقل لا يفكر في إثارة القلاقل المذهبية بقدر ما يفكر في بناء أسرة مسالمة. وأنوّه في هذا الصدد بروعة التضامن الوطني الذي سجلناه خلال الفيضانات التي مست منطقة غرداية والتي تعد أبلغ جواب على كل من يشكك في تلاحم المجتمع الجزائري.
ثمة أمور أهم من الصراع الطائفي
حذر الدكتور يوسف القرضاوي مؤخرا في حوار مع إحدى الصحف المصرية، من »خطر انتشار المذهب الشيعي في مصر والسودان والجزائر والمغرب«... كيف تنظر إلى هذه المسألة؟
المثل الشعبي عندنا يقول »الشامي شامي والبغدادي بغدادي«. أنا شخصيا لا يهمني ما يقوله شيخ مصري مقيم في قطر لصحيفة شرق ـ أوسطية. أنا باحث جزائري وتحليلي جزائري وأولوياتي جزائرية. وإن كان لا بد من التعقيب على هذه التصريحات الأجنبية، فلا شك أنها صادرة عن خلفيات سياسية أكثر منها روحية، بحكم ما يجري حاليا في منطقة الشرق الأوسط من صراعات شرسة على السلطة ومحاولات هيمنة القوى العظمى على مصادر الطاقة لا أكثر ولا أقل. وعلى رأي المثل »اللي فينا يكفينا«. فعلينا كجزائريين أن لا نقحم أنفسنا في أزمات لا تعنينا. بل علينا أن ننأى بأنفسنا عن الخصومات التي لا طائل منها بحكم قيمنا الصوفية ومبدأ الحوار وعدم الانحياز حتى نبقى محايدين وأصدقاء لجميع الفرقاء. كما ينبغي أن لا ننسى أننا نعيش في القرن الواحد والعشرين، وأن زمن الحجاج بن يوسف قد ولّى، وأن العالم المتقدم ينظر إلينا ويضحك علينا. بالأمس فقط وقعت الكنيسة الكاثوليكية الغربية على ميثاق »وحدة الإيمان« مع الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية بعد عشرة قرون من الفرقة والخلاف، كما تم بالأمس ولأول مرة في تاريخ النصرانية استدعاء ممثلين للديانة اليهودية لحضور السينودوس (المجمع المسكوني لأساقفة العالم) الذي جرت أشغاله مؤخرا في حظيرة الفاتيكان كإشارة للتقارب والتحالف المسجل على المحور المسيحي ـ اليهودي، بينما المسلمون الأغبياء يتكالبون بينهم كالحمقى فيكفّرون بعضهم البعض ويتبرأون من بعضهم البعض حتى صاروا فرجة للعدو والصديق. أقولها صراحة، أولويتنا كجزائريين تكمن في تفعيل عجلة التنمية، والتحكم في التكنولوجيات الحديثة، والعمل على ترقية الديمقراطية وثقافة حقوق الإنسان، وليست في تأجيج الخصومات والسعي لإقامة محاكم التفتيش والعودة إلى غياهب العصور الوسطى. بلادنا انطلقت بحمد الله، إلى الأمام وليس بإمكان أحد أن يرجعها إلى الوراء.
في سياق استراتيجية »الفوضى الخلاقة« التي تتبناها الولايات المتحدة الأمريكية، انطلقت الصراعات والحروب المذهبية والطائفية من العراق لتمتد إلى أكثر من دولة عربية في محاولة لإشعال فتيل الحروب الدينية والمذهبية مجددا في العالم كله من خلال الاستفزازات التي تثور من حين لآخر ضد المسلمين مثل قضية الرسوم المسيئة إلى الرسول، صلى الله عليه وسلم، ورواية سلمان رشدي وغيرهما. ما هي قراءتك لهذا الموضوع؟ وهل ترى أن العالم مقبل فعلا على حروب دينية؟
الحروب الدينية ليست مقبلة بل أقبلت فعلا فنحن دخلنا منذ عامين في الحملة الصليبية التاسعة التي انطلقت بالتحديد يوم 12 سبتمبر 2006 ، يوم ألقى البابا بنديكت السادس عشر خطابه الشهير براتسبون في ألمانيا والذي وصفنا فيه بما وصفنا فكان ذلك بمثابة إعلان حرب علينا. لكن يبدو أن المسلمين نسوا بسرعة وسهولة هذه الحادثة الخطيرة لانشغالهم بصراعاتهم الداخلية وانهماكهم في خصوماتهم العقائدية التي سوف تقضي عليهم جميعا في النهاية.
التصوف رأسمال استراتيجي مهمل
في هذا السياق، ثمة من يرى أن التصوف في الجزائر رأسمال استراتيجي مهمل، ما رأيك؟
الحقيقة أننا في الجزائر المرابطة نملك ورقة استراتيجية رابحة لو عرفنا كيف نوظفها بانضباط وإحكام لتحولنا من بلد مستهلك للأفكار الدينية إلى بلد مصدر لها يعقد له لواء القيادة الروحية ليس في منطقتنا المغاربية فحسب بل وحتى في عمق إفريقيا وإلى حدود الشرق الأوسط وضفاف البحر المتوسط. فننقلب بفضل التصوف ـ الذي صار يحظى برعاية الدولة أكثر من ذي قبل ـ من وضعية الدفاع السلبي كمبشَّرين (بفتح الشين) إلى وضعية الهجوم الإيجابي كمبشِّرين (بكسر الشين). وفي انتظار تحقيق هذه الانتفاضة الروحية التي هي من صميم ثقافتنا الوطنية سوف نواصل حوار الحضارات كل الحضارات، حتى تلك التي ترفض الحوار معنا وتنعتنا بشتى العيوب والمثالب من منطلق كوننا ندعو إلى السلام والحوار بالتي هي أحسن فإذا الذي بيننا وبينه عداوة كأنه وليّ حميم.
تاريخ الإضافة : 10/07/2011
مضاف من طرف : soufisafi
صاحب المقال : حاوره: سعيد جاب الخير
المصدر : www.echoroukonline.com