هذه قصة غزو الباي محمد الكبير (باي معسكر من 1779م إلى 1792م ووهران من 1792م إلى 1797م) للشلالة الظهرانية أواخر جوان وبداية جويلية 1786م، كما رواها الشيخ محمد بن بلقاسم الزاوي في أول ربيع الأول 1255 هـ الموافق ل 15 ماي 1839م، مترجمة باللغة الفرنسية L.J. Bresnier، ونعيد ترجمتها إلى لغتها الأصلية التي كتبت بها وهي اللغة العربية، ونظرا لطولها سننشرها في عدة أجزاء.
الجزء الأول:
في سنة 1786م أراد الباي محمد الكبير أن يخضع سكان الشلالة ويجعلهم تحت سلطته، ولهذا الغرض وجه إليهم تحذيرا عبر بعض الوجهاء من العرب، غير الخاضعين لسيطرة السلاطين، إلا أن الشلاليل رفضوا هذا التحذير، وأصروا على عدم الخضوع للباي.
غير أن الباي الذي لم يسبق أبدا أن تعرضت سلطته المستبدة والمطلقة لأي مقاومة في هذه البلاد، بفضل قواته الكبيرة التي أنشأها، لم يكن ليتقبل هذا الرد والمشاعر التي ينم عنها. من جهة أخرى، فقد توسط بيننا وبينه بعض الكذابين والخداعين.
الباي الذي غضب بسبب رفضنا، قاد قواته بنفسه وسار إلى بلادنا، وكان تعداد جيشه (7) سبعة آلاف تركي من النخبة، مدعمة بوحدات من القياد وقطاع الطرق الأكثر إندفاعا، القادمين من شرق وغرب الإقليم، كما كان من بين قواته أيضا المحاربون الأكثر خبرة والأكثر شهرة. خيمت حملة الباي في الخيثر، وقد كان ذلك في بداية الصيف، حين كان الإحساس بالجفاف، ولم يكن من الحكمة التخلي عن المعذر، أو المحطات المعتادة لقطعان الماشية بالقرب من المياه. وبعد أن غادرت قوات الباي ''الخيثر'' اتجهت نحو الشط أو ''السبخة''، ثم ''السينية'' و''مشرع النجوع''، ثم خيمت في ''بلاد المالحة'' (جبل المالحة).
في اليوم الثاني من شهر رمضان قدم إلينا فرسان من قبيلة ''بني مطهر''، وكان هدفهم التعرف على وضعنا وحالتنا المعنوية في انتظار الأحداث، حيث وجدوا أهلنا في أحسن استعداد، ولا يبدو عليهم أي خوف من الباي، بل كانوا يشجعون أبناءهم على التصدي لقوات الباي. وقد أعلمنا هؤلاء الفرسان أن الباي في مكان معين، وأننا سنمضي معه الليلة المقبلة بكل تأكيد. أرسلنا رجالنا إلى الجبل للاستطلاع، فرؤوا في الليل الكثير من الأضواء ورجعوا ليؤكدوا لنا تلك الأخبار.
استأنف الباي مسيرته حتى وصل إلى ''بلاد المريجة'' أين توقف وقت الظهيرة، ليبيت بعدها في ''البيقلة'' بين الشلالة وعسلة. في تلك الليلة قدم إلينا بعض الفرسان من عربنا، والذين جاؤوا ليزودونا بالأخبار، كما نصحونا بالذهاب لملاقاة الباي، لأنه وحسب قولهم ما إن تبدأ الشمس في الطلوع فإن العدو سيأتي من الثتية المعروفة ب''خناق الطيب''. لكن لم يكن باستطاعتنا فعل ذلك في الحين، وكان من الواجب علينا الانتظار إلى الصباح.
وقبل طلوع الشمس، أعددنا بعض الهدايا، المتكونة من ''عبد'' وكل الأموال التي أمكننا الحصول عليها. كنا في يوم السبت، ذهبنا إلى أحد جوانب القصر من أجل توديع مبعوثينا وهم: ''محمد بن خرباش''، و''جلول بن عمارة'' (من أولاد جبارة)، وما إن أتممنا ذلك، قدم إلينا فرسان الباي المرسلين في تلك الصبيحة وهذا بعد أن انطلق جيش الباي باتجاهنا، وقد كانوا ثلاثة أشخاص، وهم: ''الشيخ برياح الأنقادي''، وقايد مخزني، وقايد عربي، حيث تصادفوا مع خروج مبعوثينا مرفوقين بالسكان، وقد أخبرونا أن الباي متجه نحونا، ويجب أن نضع في حسباننا أنه سيغير علينا، وسيتعامل معنا إما بحلم أو بطريقة أخرى حسب الحالة، في حين اتجه مبعوثينا إلى الباي، وقد بدأنا في الاستعداد لتحمل معارك شرسة مع العدو.
مع إطلالة أولى إشعاعات الشمس وصل مبعوثانا إلى ''حاسي الكرمة''، أين وجدا الباي يسير بجيشه باتجاهنا. قدم ممثلانا نفسيهما على الفور للباي، حيث استقبلهما وهو على فرسه، وسألهما من يكونان فردا عليه: ''نحن مبعوثا الشلالة''.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 09/12/2021
مضاف من طرف : patrimoinealgerie
صاحب المقال : الدكتور لحبيب بلية
المصدر : facebook.com/chellala.tv