مستغانم - 08- La guerre de libération

""من كرامات الجهاد في الجزائر""





""من كرامات الجهاد في الجزائر""

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين والعاقبة للمتقين، أما بعد: فإنّ من معتقد أهل السنة والجماعة إثبات الكرامة التي هي أمر خارق للعادة، يجريه الله تعالى على يد ولي من أوليائه، معونة له أو لغيره على أمر ديني أو دنيوي، ولهذه الكرامات الربانية دواعيها وحِكمها كما أن لها أهلها ورجالها، وإن من أهلها المجاهدون الذين وهبوا أنفسهم لله عز وجل، وضحوا بأغلى ما لديهم في سبيل إعلاء كلمة الله تعالى، وليس لهذه الكرامات زمان محدد بل هي مستمرة استمرار وجود المؤمنين المخلصين الذين يستحقونها، وإن من أزمنة ظهور هذه الكرامات وتجليها أيام جهاد الجزائريين ضد المستعمر الصليبي الحاقد، هذا الجهاد الذي قاده رجال صادقون أكرم الله تعالى جلهم بالشهادة، ووصفهم العقيد محمدي السعيد رحمه الله في بعض مقالاته بأنهم كانوا ساهرين على أمور الدين والشريعة، قائمين بالجهاد والتعليم وبالغ في وصف استقامتهم حتى شبههم بالملائكة (ثوار عظماء لمحمد عباس (314)).
وقد رأيت أن أنقل في هذه المقالة الموجزة بعضا من هذه الكرامات التي سجلها بعض المؤرخين، تقريبا لها من القراء وإشهارا لهذا الموضوع لعلنا نجد من يتفرغ لجمع أطرافه بما هو أوسع من هذه الشذرات المنثورة، وإنّ هذه القضية من القضايا الجديرة بالاهتمام في هذه الأيام قبل أن يفنى جيل هؤلاء الرجال الذين عاشوا أيام الجهاد، وذلك ليظهر للأمة أن قتال الجزائريين كان من أجل العقيدة وإعلاء كلمة الله، وأنّ النصر لم يأت بحنكة مفاوض أو مظاهرة مساند متعاطف أو تأييد دول الكفر والإلحاد، وإنّما جاء بفضل نصرة الله تعالى للرجال الصادقين الذي تسلحوا بسلاح العقيدة والإيمان لمجابهة قوى الشر والطغيان.
أولا: إسقاط الطائرات ببنادق الصيد
ومما هو معلوم ومشهور في أثناء الحرب أن المجاهدين كان تسليحهم متواضعا وأغلبهم كان يعتمد بنادق الصيد وأسلحة تقليدية قديمة، وقد التحقوا بالجبال تلبية للنداء ولم يسبق لهم تدريب على الرمي أو غيره، ومع ذلك كان رميهم مسددا وكانوا يصيبون العدو المدجج بأنواع الأسلحة المتطورة في المقاتل، وأكثر من ذلك كانوا يواجهون الدبابات والطائرات بهذه الأسلحة المتآكلة، وكم من طائرة يُنقل أن المجاهدين أسقطوها ببنادقهم، وكم من دبابة دمروها بقنبلة يدوية، ومن المؤكد أن ذلك ليس من قوة سلاحهم أو خبرتهم في الرمي ولكنه من التأييد الرباني، كما قال عز وجل: (فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) [الأنفال/17] (انظر شيئا من ذلك في العقيد عميروش أمام مفترق الطرق لجودي أتومي (184))
ثانيا: النعاس الذي يثبت القلوب
إنّ المجاهدين إضافة إلى ضعف عدتهم كانوا يعانون في المعارك من قلة عددهم بالمقارنة مع جيوش فرنسا الجرّارة، وربما واجهوا من جيوش العدو ما يرعبهم ويهزّ كيانهم، ولكن الله تعالى يربط على قلوبهم فيثبتون ويصمدون فيحققون الانتصارات التي لم تكن بالحسبان، ومن طرق تثبيت المولى عز وجل للمجاهدين في ساحات القتال أن يلقي عليهم النعاس قبل المعارك أو في بداياتها حتى يتجدد عزمهم وتعلو هممهم وقد قال عز وجل: (إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ) [الأنفال/11]، قال ابن كثير في تفسير الآية: "يذكرهم الله بما أنعم به عليهم من إلقائه النعاس عليهم، أمانا من خوفهم الذي حصل لهم من كثرة عَدُوِّهم وقلة عَدَدهم، وكذلك فعل تعالى بهم يوم أُحُد، كما قال تعالى: (ثُمَّ أَنزلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ) [آل عمران: 154]. وكأن ذلك كان سجية للمؤمنين عند شدة البأس لتكون قلوبهم آمنة مطمئنة بنصر الله. وهذا من فضل الله ورحمته بهم ونعمه عليهم".
وهذه الكرامة من الله تعالى ممّا تواتر نقله عن المجاهدين في الحرب التحريرية فقد نقل المجاهد المؤرخ محمد زروال وقوعه عن عدد من المجاهدين ثم قال: "وعندما ألقيت محاضرة في الملتقى الوطني الأول عن جمع مادة تاريخ الثورة في مدينة باتنة يوم 22/10/1989م تناولت فيها ظاهرة النعاس بالشرح والتحليل، فقد أثار هذا الكلام جدلا كبيرا في القاعة، وكان للمجاهد الكبير الحاج لخضر أعبيدي (ت: 1998) قائد الولاية الأولى سابقا الفضل الكبير في الحد من حدته عندما وقف في الناس وقال: "هذه الحقيقة ومثلها مما جربته ثلاث مرات في الثورة التحريرية"، وأما المجاهد الأستاذ مصطفى هشماوي فأكد لي هو الآخر صحة وقوع ظاهرة النعاس في القتال، وذلك بعدما خرجنا من قاعة المحاضرات، وبمناسبة إحياء الذكرى الرابعة والثلاثين للثورة فإني دعيت إلى إلقاء محاضرة في قسمة المجاهدين بباب الزوار بالعاصمة تكلمت فيها عن ظاهرة النعاس في القتال، وعندما أنهيت كلامي وقف المجاهد محمد بهلول من مجاهدي الولاية الثانية فقال: "في إحدى المعارك بالولاية الثانية كان النعاس قد غشي المجاهدين فكنت أوقظهم الواحد بعد الآخر" (الحياة الروحية في الثورة الجزائرية لمحمد زروال (77)).
وفي الولاية التاريخية الخامسة وبالضبط في "مركالة" (على بعد 80كم غرب تندوف) بتاريخ 25/07/1956م حدثت معركة ضارية بين جيش التحرير الوطني وجيش العدو، ولم تكن القوتان متكافئتين، وقد تحصن أكثر المجاهدين بعد أن حوصروا بجبال "باني أولكرب" بصخوره وكهوفه، بينما بقي آخرون في العراء بعيدين عن الجبال معرضين لمدافع العدو وطائراته، والأمر الذي جعل استشهادهم أمرا مؤكدا، لكن فجأة أصابتهم غفوة وجيزة غمرهم نعاس، سرعان ما استفاقوا منه وانتبهوا وهم أكثر قوة وعزم على القتال والمغالبة، فشقوا ثغرة مكنتهم من الانسحاب إلى المناطق المحصنة بالصخور والتحقوا ببقية رفاقهم فسلموا بفضل الله عز وجل. (انظر البعد الروحي وأثره في نجاح ثورة النار والنور خلال ثورة نوفمبر المباركة، لأحمد تواقين، أعمال الملتقى الوطني الثاني حول البعد الروحي في ثورة التحرير المباركة (190)).
ثالثا: نزول الأمطار وتراكم الضباب
ومن تلك الظواهر العجيبة التي كانت تحدث للمجاهدين أثناء القتال وفي حالات الشدة نزول الأمطار وتراكم السحب وانتشار الضباب، مما كان يحول دون مواصلة القصف الجوي والمدفعي لمواقع المجاهدين أو كان يسمح لهم بالانسحاب في حالة الحصار، وقد قال تعالى: (وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ) [الأنفال/11]
وفي هذا يقول المجاهد محمد زروال: "وإذا تتبعنا الكرامات الربانية الغريبة في الثورة الجزائرية طالعتنا ظاهرة أخرى أشد غرابة هي ظاهرة نزول المطر من السماء في غير وقته، كما وقع ذلك في غزوة بدر الكبرى.. أمّا عن هذه الظاهرة عينها في الثورة الجزائرية فإن أمرها معروف عند المجاهدين الذين يرون فيها تأييدا معنويا لهم من الله تعالى، ذلك أن العدو يتوقف عادة عن الرمي عندما يغطي الضباب الأفق وتتراكم السحب وينزل المطر، فتتعذر إصابة الهدف بسبب عدم الرؤية الجيدة، فقد حدثني الكثير من المجاهدين الذين حضروا معركة الجرف الشهيرة أن المطر نزل من السماء في اليوم الرابع من هذه المعركة عندما كانوا يتأهبون للانسحاب وعندما تعذر عليهم ذلك بسبب تطويق العدو إياهم من جميع أقطارهم، عندئذ انتهز المجاهدون هذه التغطية الجوية الطبيعية فانسحبوا دون أن يكشفهم العدو" (الحياة الروحية في الثورة الجزائرية لمحمد زروال (77)).
وحكى عن بعض المجاهدين الذين كانوا في المركز الاستشفائي "قسنطينة" وهو "جبل قرب أريس"، بلغهم إحدى ليالي شهر رمضان من عام 1957م أنّ قوات العدو خرجت من مركز "النوادر" سيرا على الأقدام لتباغت المجاهدين الجرحى والمرضى في ذلك المركز، فسارع المجاهدون إلى إخلاء مكانهم لكن الوقت كان أسرع منهم، وفي الصباح لما لم يبق إلا نحو خمس كيلومترات تفصل قوات العدو عن المركز، ظهرت سحابة غطت الأفق، ثم بدأت الأمطار تهطل بغزارة، فسهل أمر انسحاب المجاهدين، بل وكان لتلك الأمطار –التي دام وقت نزولها ساعتين كاملتين- فضل محو آثار أقدام المجاهدين فلم يستطع العدو أن يتبين خط سيرهم ولا الوجهة التي قصدوا إليها، ورجع العدو يجر أذيال الخيبة والهزيمة، قال راوي القصة أنه سأل الناس بعد ذلك عن هذه الأمطار المفاجئة فأكدوا له أن أفقها لم يتجاوز المحور الرابط بين قرية "منعة" ومدينة "أريس"، وهي المنطقة التي كان العدو يخطط لتطويق المجاهدين فيها (انظر الحياة الروحية في الثورة الجزائرية لمحمد زروال (77-78)).
ومن الوقائع التي تراكم فيها الضباب ليكون بمثابة الستر الذي يتسلل المجاهدون تحت جناحه ما رواه أحد المجاهدين إذ قال: "في صيف 1956م اكتشف رجال العدو أحد عشر مجاهدا بينهم الأخضر بن طوبال (ت:2010) في أرض عارية في "بني صبيح" بالميلية، وبينما كان أولئك المجاهدون في حيرة من أمرهم أرسل الله سبحانه وتعالى سحابة كثيفة غطت الأفق، فانتهزوا هذه الطبقة السميكة من الضباب فلاذوا بالفرار، وقد شهد هذه الكرامة المجاهد الحاج لخضر أعبيدي حين قال معقبا على هذا الخبر: "وأنا أشهد أن العدو حاصرني ثلاث مرات لم أنج في كل واحدة منها إلا متسللا تحت غطاء من الضباب لا أرى له تفسيرا إلا أنه عامل من عوامل النصر الربانية الخفية" (الحياة الروحية في الثورة الجزائرية لمحمد زروال (79)).
رابعا: سقي المجاهدين وتفجير ينابيع الماء
ومن الكرامات سقي المجاهدين حين يحتاجون إلى الماء ولا ماء، ولا نتحدث عن بركة الطعام القليل الذي كانوا يتناولونه فيعطيهم قوة أعظم من قوة رجال العدو الذين كانوا يطعمون كما تطعم الأنعام بغية السمن أو أكثر، ولكن هذه وقائع لا تخص البركة ولكنها أمور خارقة يحدثها المولى عز وجل في وقت الشدة والحاجة.
ومن تلك الوقائع أن بعض المجاهدين كانوا متمركزين في صيف 1961 في جبل "شلية" بالأوراس، ونظرا لانعدام مورد الماء هناك كانوا يرسلون يوميا قافلة من الحمير لجلب الماء، ولكن هما كبيرا كان يتعبهم وخوفا كبيرا كان يتملكهم من أن تكتشف تلك القوافل طائرات العدو التي تحوم حول الموقع كل صباح، وفي يوم من أيام ذلك الصيف الحار تغير الجو وتلبدت الغيوم ونزل مطر غزير لم يكد يتوقف حتى انفجر ينبوع قرب المركز كفاهم شر تنظيم تلك القافلة التي كانت تعرض المركز يوميا للخطر، وقد سقوا منه أكثر من عشرين يوما (الحياة الروحية في الثورة الجزائرية لمحمد زروال (79-80)).
ومن تلك الوقائع خبر هؤلاء الخمسة من المجاهدين الذين آووا إلى كهف في جبل "تانقوت" (بلدية السبت نواحي عزابة) في شهر جوان 1957م، وقد حاصرهم العدو وركز قذائف مدفعيته على ذلك الكهف تدكه دكا على أهله إلى أن انسد مخرجه بسبب انهيار الحجارة والأتربة، وقد مكث هؤلاء الخمسة داخل الكهف سبعة أيام بلياليها يسعون إلى الخروج حتى كادوا يهلكون فيها من شدة الجوع والعطش، ولكن الله تعالى أكرمهم بأن فجر لهم في الكهف ينبوعا فشربوا منه واغتسلوا، وكان ذلك عونا لهم في محنتهم. حتى أزاحوا التراب والحجارة عن فوهة الكهف وتمكنوا من الخروج، ثم إنهم رجعوا بعد مدة مع بعض أصحابهم إلى ذلك المكان لمعاينة الينبوع الذي أكرمهم به الله عز وجل فلم يجدوا له أثرا (الحياة الروحية في الثورة الجزائرية لمحمد زروال (86)).
ومما يندرج في هذا السياق خبر ذلك المجاهد الذي ألقى الاستعمار الفرنسي القبض عليه في صيف 1957 بنواحي "بريكة"، وبعد أن أمعنوا في تعذيبه رموه في مطمورة مدة ثمانية أيام لم يذق فيها طعاما ولا شرابا حتى أشرف على الهلاك، فتوجه بالدعاء إلى الله عز وجل قائلا: "اللهم لا تجعلني ألقاك عطشانا"، وبعد أن دعا بهذا الدعاء بوقت قصير بدأ المطر ينهمر حتى غمرت المياه تلك المطمورة وتمكن ذلك المجاهد من الشرب حتى الارتواء. (انظر الحياة الروحية لزروال (79)).
خامسا: ثعبان يصد العدو عن مخبأ للمجاهدين
ومن الكرامات الواقعة أن ييسر الله تعالى من الأسباب ما يجعل العدو ينصرف عن أماكن تحصن المجاهدين واختبائهم، ومن ذلك قصة ذلك الثعبان العظيم الذي قبع في فوهة كهف وصل إليه العدو بدلالة بعض الخونة وقع ذلك في عام 1957م ولقد كان ذلك كهف الواقع في جبل "السراق" بالقرب من "عين الطاية" بولاية قالمة يحوي أسلحة وذخائر حربية ومعدات وأطعمة وأشياء أخرى كثيرة مما يحتاج إليه المجاهدون، وقد أعد العدو عدته لمحاصرة الكهف والهجوم على من فيه، وبعد القصف المدفعي تقدم المشاة نحوه، فلما اقتربوا من فوهته انتصب لهم ثعبان عظيم كأنه يريد منعهم من الدخول، فلما رأوا ذلك رجعوا خائبين، دون محاولة اقتحامه وهم يقولون لو كان يتردد إليه المجاهدون حقا لما اتخذ منه ذلك الثعبان ملجأ يأوي إليه (الحياة الروحية لزروال (86-87)).
سادسا: صدق فراسة المجاهدين
ومن الكرامات الواقعة أيضا صدق الفراسة وقوة الحدس، وقد ظهر ذلك في ميدان القتال كما ظهر في تصريحات المجاهدين الذين كان لهم دور في القيادة والسياسة، ومن الأول ما حدث في الولاية الثالثة في ضواحي عين الحمام حيث كان مقررا انعقاد اجتماع لقادة المناطق هناك، وصادف ذلك مرور كريم بلقاسم وكان في طريقه إلى تونس بعد تفكيك المنطقة الحرة بالعاصمة، فرأى طائرة استطلاعية تحوم حول المنطقة فسأل بعض المجاهدين فأخبر بأن اجتماعا عاما سيقام في الغد فأصدر أوامره -ولم يكن هو قائد الولاية آنذاك- للمجاهدين بالتفرق وإلغاء الاجتماع لأنّه شم رائحة الخيانة، وفعلا فإن القوات الفرنسية حاصرت القرية التي برمج فيها الاجتماع فقتل كل من رفض أمر كريم بلقاسم، في حين نجا الآخرون وهم الأكثرون بفضل الله تعالى وعونه، لولا تدخل العناية الإلهية لقضي على قادة الولاية الثالثة جميعهم (انظر العقيد عميروش بين الأسطورة والتاريخ (78-90)).
وكذلك العقيد عميروش رحمه الله تعالى قد عرف بذلك وهو من وصف برائد المشاة لكثرة مشيه وتنقله بين أطراف ولايته لمتابعة سير الجهاد عن قرب، ولكنه مع ذلك لم يقع قط في كمين للعدو بل وحتى خارج ولايته لما ذهب إلى الأوراس وإلى تونس ورجع، وذلك من حفظ الله تعالى لهذا القائد المغوار ومن حدسه وحسن اختياره للمسالك وأوقات التنقل، ولما شاء المولى قبضه فإنه استشهد في أول كمين وقع فيه وذلك خارج حدود ولايته في صحراء الولاية السادسة (انظر العقيد عميروش بين الأسطورة والتاريخ (121).
ومن الجنس الثاني أي الفراسة السياسية مقوله ديدوش مراد: "يجب علينا أن نجاهد ثماني سنوات تكرس السنوات الأربع الأولى منها لمحو فكرة الجزائر الفرنسية، أما السنوات الأربع الأخرى فهي التي سنحقق فيها الاستقلال بحول الله"، بهذا اللفظ رواها محمد زروال ثم علق عليها بقوله: «لقد تمخضت نبوءة هذا المجاهد فجرت مجرى الواقع إذ اعترف ديغول رئيس فرنسا بالجزائر الجزائرية في السنوات الأربع الأولى من الثورة أي عام 1958، وأرغم على الاعتراف في السنوات الأربع الأخرى باستقلال الجزائر عن السيادة الفرنسية وذلك عام 1962م... حقا لقد نظر ديدوش إلى القضية الوطنية التي آمن بها نظرة إخلاص شديد فصدق الله قوله وأفاء عليه من فيوضاته اللدنية ما انتقش به كلامه في سجل الخالدين»( الحياة الروحية لزروال (90)).
سابعا: رائحة المسك تفوح من أجساد الشهداء
ومن كرامات الشهداء التي يثبت بها الله تعالى إخوانهم المجاهدين الأحياء أن أجسادهم لا تبلى وأنها لا تتعفن بل تفوح منها روائح العطر والمسك، ولم تعدم حرب الجزائر ممن شهد بذلك، فكم من شهيد توفي وهو باسم الثغر وكم من شهيد عثر على جثته بعد أيام وليالي في الصيف الحار وهي لم تتغير، وكم من شهيد فاحت منه تلك الروائح العطرة، ومن تلك الحوداث التي عرفت طريقها إلى التدوين ما رواه الشيخ محمد الشبوكي قال: "ذات يوم من أيام صائفة عام 1955م وقع اشتباك في جبل القعقاع بالشريعة وكان ممن استشهد فيه أحمد بن ساعي فرحي وشهيد آخر، وقد منعت السلطة الفرنسية الأهالي من أن يقتربوا من جثتي الشهيدين ليدفنوهما، بل إنها نقلت تينك الجثتين من ميدان المعركة وسجتهما على قارعة الطريق الرابط بين الشريعة وتبسة ليراهما الناس، هي إنما كانت تستهدف من ذلك الضغط النفساني على أولئك الأهالي المدنيين لكي يمتنعوا عن تأييدهم للمجاهدين، ولكي لا يلقوا مثل ما لقي هذان الشهيدان... وقد أردت أن أرى ذينك الشهيدين رأي العين وأقف أمام جثتيهما وقوف المتمعن"، ثم يقول: "وما إن وصلنا إليهما حتى طلبت من مرافقي أن يوقف السيارة فامتثل للأمر، وعندئذ نزلت منها وذهبت إليهما ونزعت الغطاء عن كل منهما لا أكاد أشعر بشيء من حولي حتى أنّني نسيت رجال العدو أنفسهم وما سنتعرض له من نقمتهم إن هم رأونا على تلك الحال، ولكنني كنت أمام مشهد روحي كبير أستلهم منه الشعور بالحياة وأستشف منه معاني التضحية بالنفس في أجمل وأروع صورها؟ كان الشهيدان باسمي الثغر وضاحي الوجه متوردي الخدين تعبق منهما رائحة كرائحة الياسمين". وقد كان ذلك بعد أن قضايا أربعة أيام كاملة تحت لفح شمس ذلك الصيف الحار (الحياة الروحية لزروال (93-95)).
ثامنا: فأغشيناهم فهم لا يبصرون
ومما يكرم به المولى عز وجل بعض المجاهدين أن لا يراهم العدو مع أنّ العادة تقضي برؤيتهم لظهورهم أو قربهم، ولكن الله تعالى يغشي على أبصارهم ويعمي بصائرهم فينصرفون دون أن يلحقوا أي أذى بالمجاهدين، ومن الوقائع ما حكاه لي الشيخ المجاهد أحمد قادري الذي كان ضابطا في الولاية الثالثة ومسؤولا عن الأوقاف أنه التقى دورية من الجيش الفرنسي فجأة وكان وحيدا قرب قريته فتسلق شجرة عظيمة واختفى وراء أغصانها وأوراقها وبقي يتضرع على الله تعالى بالدعاء، لكن بعض الجنود أحسوا بحركة تلك الأغصان ولما اقتربوا منه قال أحدهم إنه عصفور هيا نواصل طريقنا، فصرف الله عنه شرهم، وظنّ أحمد قادري أنه رآه لكنه رحمه ولم يرد قتله، والغالب أن الله تعالى أعمى بصيرته فلم يره، لأن الجيش الفرنسي لم يكن للرحمة مكان في قلوب أهله تجاه الأهالي العزل عن السلاح، بل تجاه الأطفال والنساء، فكيف تظهر رحمتهم تجاه مجاهد حامل للسلاح؟!
ولعل من الكرامات المندرجة في هذا السياق حادث هروب الشهيد مصطفى بن بولعيد من سجن الكدية بقسنطينة يوم 10 نوفمبر 1955 الذي اعتبر من ضروب الخيال، وإن من يطلع على سير ترتيب تلك العملية كما رواه شهودها يرى مظاهر العناية الإلهية والتوفيق الرباني للشيخ المجاهد أبي الثورة ومفجرها رحمه الله تعالى رحمة واسعة (انظر ثوار عظماء لمحمد عباس (62-72)).
ومما حكاه بعض المناضلين الذين كانوا معتقلين عام 1957م في معتقل "بول قازال" (عين وسارة اليوم) أنّهم كانوا مقسمين إلى مجموعات منفصلة أقيم على كل مجموعة حراسة مشددة تمنعها من الاتصال بالمجموعات الأخرى، فسمع ذات يوم هو والشيخ حمزة بوكوشة أنّ ثلاثة من أعضاء الشعبة المحلية التابعة لجمعية العلماء في مدينة الأصنام قد زج بهم في إحدى تلك المجموعات بالمعتقل فعزموا على الاتصال بهم كي يسألوهم عن أخبار الحرب وسيرها خارج أسوار المعتقل، إلا أنّهم علموا أن أية محاولة يقومون بها في هذا الشأن ستعرضهم لتسليط أشد وأقصى العقوبات عليهم ولا يمكنهم أن يفلتوا من تلك الحراسة المشددة المضروبة عليهم، إلا أن طلع عليهم الشيخ حمزة بوكوشة بفكرته التي استغربوها أول الأمر، فزعم أنّهم بإمكانهم أن يمروا على الحارس فلا يراهم ولا يمنعهم من الوصول إلى هدفهم، فعجبوا وتشوقوا، فقال لهم، ألم يقل الله سبحانه وتعالى في سورة يس: (وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ) [يس/9]، وفعلا قاموا بذلك ونجحت خطتهم ولم يخيبهم رب العزة سبحانه وقد أحسنوا الظن به الحياة الروحية لزروال.
تاسعا: قوة خارقة للعادة وبسالة منقطعة النظير
إنّه مهما تحدثنا عن شجاعة المجاهد في سبيل الله عز وجل فلن نقدر على وصفها، إنّها شجاعة تبعثها العقيدة في الله ويحدوها الطمع فيما عند الله تعالى، إنّها شجاعة من لا يخشى الموت بل من استوت عنده الحياة والموت وربما رجح عنده الموت على الحياة أو الشهادة على النصر.
ومن المجاهدين الأولين الذين كانوا يهوون الشهادة ويطلبونها الشهيد الأزهر شريط الذي شارك في حرب 1948 في فلسطين، وفي حرب التونسيين ضد فرنسا ثم دخل الجزائر وبقي معتصما بالجبال بسلاحه قبل اندلاع الثورة، ومما نقل عنه من مواقفه المشهودة أنه في إحدى المعارك التي شدد العدو فيها الخناق على المجاهدين فكاد يقضي عليهم بسلاحها الفتاك ومدرعاتها، انتصب واقفا وعض ثوبه الطويل بأسنانه وهو يطلق الرصاص، ويقول: "هل الطنك (الدبابة) رجل وأنا لست رجلا"؟؟ رحمه الله رحمة واسعة (اللمامشة في الثورة لمحمد زروال (373)).
ومن الحالات التي كانت تظهر فيها قوة خارقة للمجاهدين حالات إصابتهم بالجروح القاتلة وبتر أعضائهم، وكأنّهم يرون الجنة قد دنت منهم فقاموا يستنفذون ما بقي من قواهم وينفقونها قبل فراق الحياة والانتقال إلى العالم الأخروي، في هذا يقول أحد الباحثين: "فكم أكد لنا المجاهدون الجزائريون بأنهم رأوا رأي العين المجاهد الجريح والدم ينزف نزفا، وقد عض نواجذه، وربما بتر العضو المصاب (رجل أو يد..) وواصل الرماية مجاهدا بإيمان لا يعد له نظير وقوة خارقة للمألوف.
ويقول مجاهد في حادثة وقعت له مع بعض إخوانه من المجاهدين في "أمنوتات" (70 كم غرب بشار) سنة 1958م: إنّ بعض الجنود قد بترت إما أرجلهم وإما سواعدهم ومع ذلك كانوا يقاتلون جيش العدو بكل بسالة وعزيمة قوية، بل كانوا أكثر شجاعة وهم جرحى منهم وهم معافون! بالرغم من نزيف الدم والحروق الخطيرة التي أصيبوا بها من جراء قنابل الطائرات" (مقال البعد الروحي لأحمد تواقين (194).
عاشرا: عواصف الإنقاذ
وكما تحدثنا عن السُّحب والأمطار التي كانت تهطل فتعطل القصف الجوي وتمحو الآثار، ففي الجنوب كثيرا ما كان ينقِذ المجاهدين قوة الريح وهيجان الإعصار، "ومن ذلك ما حدث في معركة أم لعشار (تبعد عن تندوف بحوالي 100كم غربا) يوم 20/04/1958م، التي خلفت 18 قتيلا في صفوف العدو، فقد حوصر مجموعة من المجاهدين في منطقة صحرواية، فكان مصيرهم حسب القواعد الحربية هو الإبادة من دون أدنى شك، غير أن عناية الله تعالى أدركتهم فكان الأمر على خلاف ذلك، لقد كانت السماء زرقاء والجو صحوا فلما اشتدت المعركة ورأى المجاهدون أن أجلهم اقترب إذا بالأفق يحمر فجأة! وإذا بالغبار المحمل بالرمال والحصى يثور، وإذا بريح عاتية تجتاح المكان، إنها عاصفة جعلت الظلام يلف المنطقة كلها، عاصفة مكنت المجاهدين من فك حصار العدو لهم، وذلك أن الطائرات قد عادت أدراجها لشدة الريح وانعدام الرؤية، ووجه المجاهدون وابلا من الطلقات النارية إلى جيش العدو فزادته ارتباكا ودب الرعب في صفوفه، ويؤكد الشهود الأحياء أنّهم كانوا يرون العدو جيدا رغم شدة العاصفة وكأنها رياحها وغبارها لم يكن يعنيهم. صدق الله عز وجل إذ يقول وهو يخبرنا عن غزوة الأحزاب: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (9) إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا) (الأحزاب/9،10). (البعد الروحي لأحمد تواقين (195))
الحادي عشر: طي مسافات السير
ومن الكرامات التي اشتهر خبرها أثناء الحرب التحريرية طي مسافات السير للمجاهدين، ووصولهم إلى الأماكن التي يقصدونها في أوقات قياسية لا يمكن تسجليها إلا إذا كان أحدهم محمولا على آلية أو دابة غير مثقلة، ولكنهم كانوا يقطعون تلك المسافات في تلك الأوقات رغم أنهم كانوا يسيرون على الأقدام سيرا وربما يكونون محملين هم ودوابهم، التي كانت في الغالب حميرا أو خيولا تستعمل لنقل السلاح أو البضائع.
وكان من المجاهدين من كان مكلفا بالاتصال قد عرفوا بألقاب تدل على ملاحظة سرعتهم في التنقل، مثل "الهليكوبتر" و"الإكسبريس" و"البرق" و"الهاتف تراك" وغيرها. (العقيد عميروش بين الأسطورة والتاريخ (117))
من الشهادات المدونة في هذا الباب قول أحد الباحثين: "لقد انتشر خبر بين سكان الجنوب والجنوب الغربي بالخصوص مفاده إن الله تعالى قد ميّز وخص المجاهدين بخاصية اختصار المسافات أثناء تنقلهم بين الجبال والغابات والسهول وكثبان الرمال، وهو ما يعرف عندنا بتندوف بطي التراب فيقطع المجاهدون مسافات قد تصل إلى 100 أو 120 كلم في وقت قياسي (4 إلى 5 ساعات وهم راجلون أو على حيوانات وهي محملة بالعتاد والمؤن الخ)" (البعد الروحي لأحمد تواقين (198).
الثاني عشر: العباءة مثقوبة والجسم سليم
إنّ الله تعالى هو المحيي الميت وهو الذي بيده مقادير كل شيء، وكما أنه قد يصرف العدو عن المجاهدين فإنه قد يصرف نيرانهم فلا تصيب الهدف، بل ربما تعطل نيرانهم عن التأثير في أجساد المجاهدين، والله تعالى إذا أراد أمرا إنما يقول له كن فيكون، كما قال عز وجل: (قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ (69) وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ) (الأنبياء/69، 70).
وفي هذا السياق ما نقل عن أحد المجاهدين بأموالهم من عرش "الوهايبة" بضواحي مدينة "سعيدة" كان قد جعل من بيته ملجأ وملاذا للمجاهدين، فداهم جنود الاستعمار بيته يوما واعتقلوه، ولما طالت مدة التعذيب والاستنطاق ولم يفه بشيء قادوه إلى مكان بعيد ألقوه فيه، وأطلقوا عليه وابلا من الرصاص وتركوه ظنّا منهم أنهم قد تخلصوا منه، ولكن الله تعالى أنجاه فلم يصب بأذى، رغم أنّ عباءته التي كان يرتديها قد وجد عشرة خروق أحدثها الرصاص الذي رمي به، ولا يزال ابن هذا المجاهد محتفظا بهذه العباءة إلى يومنا هذا (البعد الروحي لأحمد تواقين ).
الثالث عشر: ملاك ينقذ مصطفى بن بولعيد
إنّ مصطفى بن بولعيد رحمه الله تعالى قد أدى دورا كبيرا في الإعداد للحرب، إن لم نقل بأنه كان هو أبا الثورة الجزائرية ومحركها الفعلي، وكان رحمه الله تعالى قد سخر للجهاد نفسه وماله، وأعد العدة للجهاد سنوات قبل انطلاقه، وقد أكرمه الله تعالى بكرامة تحير هو في شأنها، فقد كان رحمه الله تعالى يقوم بنفسه بنقل الأسلحة إلى مختلف المناطق، وفي يوم خرج في سيارته من باتنة قاصدا بسكرة حاملا معه ثلاثة صناديق معبأة بالقنابل اليدوية، فلما وصل إلى مكان يسمى "عقبة اليهودي" أوقفه شخص مجهول وحذره من مواصلة الطريق لأنّ الفرنسيين أقاموا حاجزا في منطقة "فج القنطرة"، فرجع من حيث أتى، وأكد بن بولعيد أنه لا يعرف ذلك الشخص، ولم يزل مستغربا كيف اطلع على ما كان يحمله معه في سيارته، قال محمد زروال معلقا: "فهل كان ذلك الشخص ملكا تمثل لمصطفى بشرا سويا؟ ومهما تكن الإجابة عن هذا السؤال فإن التاريخ الإسلامي زاخر بمثل هذه المواقف الربانية" (انظر اللمامشة في الثورة لمحمد زروال (244)).
وفي الأخير أقول إنّه لا مطمع لأحد أن يستوعب جميع الكرامات ذكرا وتوثيقا، ولكن ما لا يدرك كله لا يترك جله، وربما كفانا منه القليل، ولعل إشهار هذا القليل يفتح الباب لإبراز الكثير بإذن الله تعالى، وأؤكد على أن كتابة تاريخ حرب التحرير التي يطالب بها كثيرون في هذه الأيام لا ينبغي أن تقف عند مجرد سرد الحوادث دون وقوف على ما وراء تلك الحوادث، من مبادئ قام عليها الجهاد، وقيم تحلى بها المجاهدون، وعبر ومعان يراد توصيلها للأجيال، وحقائق مطموسة تُجلى حتى لا تبقى في طي النسيان، نسأل الله تعالى أن يجعل عملي هذا خالصا لوجهه الكريم، وأن ينفعني به وسائر المسلمين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)