تعدّ دار الحديث بتلمسان قلعة من قلاع الإصلاح الإسلامي في الجزائر في وقت اشتدّت فيه وطأة الاحتلال الفرنسي الكافر على الشعب الجزائري المسلم، وضرب الجهل أطنابه في أوساط الناس،وانتشرت الأمية وصاحبتها البدع الدينية.فقامت الحركة الإصلاحية في الجزائر بقيادة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين بنشر الوعي الديني والسياسي لدى الشعب الجزائري عن طريق ربطه بمقوماته الدينية واللغوية، والمحافظة على هويته الإسلامية والوطنية، وتحريره من أغلال الجهل والخرافة ومن ثم تمكينه من الوقوف في وجه الاستعمار الفرنسي ومقاومته وانتزاع حريته منه. وقد اعتمدت هذه الدعوة الإصلاحية على الجانب التربوي فأنشأت المدارس الحرة التي تعلم القرآن واللغة العرية وتحافظ على الهوية الإسلامية والوطنية للشعب الجزائري، ومن بين تلك المدارس كانت مدرسة دار الحديث بتلمسان التي أشرف على بنائها الشيخ البشير الإبراهيمي ممثل جمعية العلماء المسلمين بالاشتراك مع الجمعية الدينية الإسلامية برئاسة المحامي عبد السلام طالب وتمّ افتتاحها في 27 سبتمبر 1937م بحضور الشيخ عبد الحميد ابن باديس وثلة من علماء الجزائر.
إن دار الحديث بتلمسان تعدّ مفخرة الجزائر لأسباب عديدة منها :
1- شكل بنائها الهندسي المعماري الإسلامي الأندلسي.
2- هي أول دار بنتها جمعية علماء المسلمين من أولها إلى آخرها
3- تمّ بناؤها خلال سنة واحدة لتكون مركز إشعاع ديني وعلمي وثقافي لمدينة تلمسان وما حولها وتلعب دورا أساسيا في الحفاظ على الهوية الإسلامية للشعب التلمساني.
4- شكلت الدار مركز مقاومة للاستعمار الفرنسي الذي قام بإغلاقها أكثر من مرة بعد ما لاحظ الدور الكبير الذي تلعبه في نشر الوعي وطلب العلم بين الناس ونبذ الخرافة والجهل والوقوف في وجه المستعمر والمناداة بالجهاد والتحرر.
5- عدد كبير من تلامذة دار الحديث هم ممن قضوا شهداء في حرب التحرير الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي مما يدلّ على الدور الذي كانت تلعبه هذه الدار في بثّ شعور الوطنية والجهاد في سبيل تحرير الوطن من قبضة الاستعمار. وأنها شأنها شأن منهج الحركة الإصلاحية بالجزائر تربط بين الدين واللغة والهوية الجزائرية والقضايا الوطنية فكانت أكثر من مجرد مدرسة دينية لتلقين العلوم الشرعية بل هي مع قيامها بذلك تلقّن أيضا تلاميذها والشعب التلمساني كله معنى الكرامة الإنسانية ، والحرية، والبذل في سبيل الحصول عليهما بانتزاع الاستقلال من المستعمر الفرنسي والموت في سبيل ذلك إن اقتضى الأمر.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 23/02/2011
مضاف من طرف : tlemcen2011
صاحب المقال : الدكتورة:فاطمة الزهراء عواطي / Aouati Fatima zohra الإمارات العربية المتحدة
المصدر : الملتقى الدولي تاريخ حاضرة تلمسان ونواحيها جامعة تلمسان، أيام: 20-21 و 22 فيفري – شباط 2011 تظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية