بعد الآثار الرومانية التي تحتضنها مدينة تبسة، مثل بوابة كاراكالا وكاتدرائية سانت كريسبين ومعبد مينيرفا، تظل المعلمة الوحيدة التي بناها المسلمون، وهي مسجد العتيق، سليمة لتقف كشاهد حي على التاريخ.
يقع المسجد في وسط المدينة وتم بناؤه من قبل الأتراك في عام 1841، ولكن قبل الانتهاء من الأعمال، سيطرت المدينة في عام 1842 بأيدي الفرنسيين. واستجابةً لمقاومة محتملة من السكان، الذين قد يجعلون المسجد نقطة انطلاق، قام هؤلاء بإقرار قوانين للسيطرة على أماكن العبادة، ومنحوا أنفسهم السلطة في تعيين الأئمة والتحقق من محتوى خطبة الجمعة. وهذا الوضع لم يتغير حتى عام 1926، حينما عاد الإمام العربي تبسي من رحلة دراسات طويلة في تونس.
إمام تبسة العبقري كان مثقفًا وحكيمًا وكان ينشر معرفته وإصلاحاته بين السكان، محفزًا إياهم على التمرد ضد الاستعمار الفرنسي. هذا التصرف أثار استياء الفرنسيين. عرضت الإدارة الاستعمارية أن يصبح الإمام إمامًا في مسجد العتيق ليكون تحت سلطتهم، ولكن الإمام رفض بحجة أنه كان في صدد إنشاء مدرسة قرآنية ستأخذ اسمًا يعرف بـ "تهذيب". تظل قصة مسجد العتيق مرتبطة أيضًا ببعض القصص "الاستثنائية"، مثل تلك المذكورة في ذاكرة ضابط فرنسي، حيث أفاد أن ابنة حاكم المدينة الفرنسي كانت مريضة بشكل خطير.
قيل إنها تعافت فقط عندما دخلت المسجد. منذ ذلك الحين، كان سكان مدينة تبسة ومناطق أخرى يأتون بانتظام للحصول على بركة في هذا المكان.
وكانت هذه بداية جديدة لهذا المبنى. حقبة من الإصلاحات والنور، واستمرت الخطب الملتزمة حتى اندلاع ثورة 1 نوفمبر 1954، حيث كان أقدم مسجد في المدينة مكانًا للاجتماعات لمجاهدي الثورة. بعد الاستقلال، استعاد المسجد مكانته كأكثر أماكن العبادة تأثيرًا في تبسة وتأسست مدرسة قرآنية. اليوم، مسجد العتيق هو الشاهد الوحيد على تاريخ العصور الإسلامية. يُعرف العتيق، كما نحب أن نسميه، دائمًا بانطباع قوة وسكينة.
بمئذنة واحدة بنيت على حجارة مربعة ترتكز عليها قبة مدببة، يتمتع المبنى بسقف يعتمد على أعمدة من الحجر المنحوت. تزين الجدران بالفسيفساء الإسلامية الأصيلة التي تُظهر براعة اليد التركية في
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 26/09/2023
مضاف من طرف : patrimoinealgerie