الجزائر

ينتهي العالم ولا ينتهي ظلم العرب



لا يبدو أي مؤشر في الأفق على نهاية عاجلة أو قريبة للظلم الواقع على ملايين العرب في مغارب الأرض ومشارقها من طرف أنظمتهم وأجهزة تلك الأنظمة، أو من العصابات والجماعات المتطرفة والمسلحين وغيرهم.
تتخلص الشعوب أحيانا من طاغية فتقع فريسة طواغيت، وأحيانا تكسر تماثيل «الزعيم والقائد « وغيرها من الأسماء التي أطلقوها على تلك الآلهة لتعبد آلهة أخرى أكثر طغيانا.
في الغرب يقولون إن نهاية العالم بنهاية هذا العالم، وفي الشرق يقال إن الأنظمة تجدد ما سالت الدماء وسقطت الأرواح، وحده العالم العربي هو الذي يقدّم الضحايا تلو الضحايا دون أن يكف العالم الجرائم الواقعة في ساحة عالمنا الضعيف المتهاوي أمام قوة وجبروت القوى العالمية والدولية تارة وأمام تخلف المنظومات السياسية التي تؤطّرها نخبة مستكينة تعتقد أن الوطن بحاجة إلى القمع وغياب الحريات والأحادية والاستبداد حتى ينهض.
بالمناسبة نتحدث عن النخب المثقفة، هذه النخب التي لا توجد سوى في المناسبات الرسمية لا تعترف إلا بالقيم التي تخدم النظم السياسية التي تسخرها وتجرها نحو النهاية المحتومة.
في كثير من العواصم العربية سقطت الأنظمة ومعها كادت تضيع الدولة لأن السادة الحكام الذين أبهروا العالم بالمظاهر لم يؤسسوا دولة مؤسسات وإنما سلطة رجال أو مجموعة من الرجال الحاكمين برقاب الناس دون أدنى رأفة ولا رحمة بحال ملايين المواطنين في البلاد العربية.
في مصر سقط نظام فرعوني ومعه سقطت المؤسسات لولا لطف الله، ولو بنى مبارك دولة المؤسسات خلال عقود الحكم التي قضاها في مطاردة الإسلاميين لما وصل إلى تلك النهاية غير المتوقعة.
شأنه شأن القذافي وبن علي وصالح وربما تكون نهاية الأسد هو الآخر عل شاكلة من سبقوه أو أسوأ من بعضهم.
ظلم العرب لا ينتهي لأنه يستمد بقاءه من صمت النخب المترهلة التي شاخت في سرايا القصور وترف النظريات إن صح التعبير، ومن النادر أن نسمع عن مثقف معارض كاتب أو شاعر، بل لا نسمع غير المديح والإطناب في الثناء والمديح على الحاكم الملهم الذي لولاه لسقطت السماء وضربت العواصف بحارنا واهتزت الأرض تحت أقدامنا.
من أين نأتي بالنخب القائدة وهي تعيش على بقايا بيض الراكعين الخانعين السائرين وراء عباءة الحاكم، أما من يخرج عن ملة الولاء والدعاء للحاكم على الطريقة الوهابية في تبجيل الملوك وكل مستبد بحجة أنه ولي الأمر.وما يفسر قيادة الشعوب لأمرها بعيدا عن المنظّرين هو فشل تلك النخب التي ظلت تتاجر بالنظريات والقيم والمثالية.
في بلادنا على سبيل المثال كم مثقّف باع انتماءه لأحزاب ّالخردة» السياسية بحثا عن موقع أو تموقع وكم وكم وكم ..ومن المؤكد أن النخب عندنا من أسوأ ما أنتج العرب في عصرنا هذا، لأنها نخب باهتة لا تعرف قيادة الرأي العام بل لا تجيد سوى مسح الجدران لتعبيد الطريق أمام مرور المواكب التي يجمعون لها الجمع للتصفيق والهتاف ..
هذا الوضع هو من صنع التماثيل التي عبدتها الشعوب لعقود طويلة.. وهو الذي يحافظ اليوم على ما تبقى من تلك التماثيل من مختلف الأشكال والأحجام، وهو ما يحافظ أيضا على بقاء الظلم سيّدا حاكما.. ووليّ أمر..وهو ما يجعل العالم ينتهي ولا ينتهي الظلم عند العرب.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)