الجزائر

يستحيل أن يصل الجزائريون إلى “نوبل" لأن أدبهم مجرد تقليد أوروبي


حسناء شعير
ظل الكاتب المصري نجيب محفوظ منذ ما يقارب ال24 عاما، العربي الوحيد الحاصل على جائزة “نوبل" للأدب عن روايته “أولاد حارتنا"، وذلك عام 1988، ومنذ ذلك التاريخ والرواية العربية تقف بمعزل عن هذه الجائزة بالرغم من الترشيحات العديدة للكثير من الأسماء العربية وحتى الجزائرية التي تصنف ضمن أهم وأقوى الروايات لكنها لا تفوز بالجائزة لعدة اعتبارات. وناقشت “البلاد" مع عدد من الروائيين والأدباء الجزائريين مستوى الرواية الجزائرية المعاصرة وأهم المشاكل التي تعترض أصحابها للظفر ب«نوبل". وهنا، يرى الكاتب مرزاق بقطاش أن هناك شقا سياسيا مهما لنيل الجائزة، بمعنى أنه على حكومات وأحزاب البلد الذي ينتمي إليه أي أديب “قرع الطبول من أجله"، مضيفا “نحن مثلا في الجزائر لا تفعل حكومتنا هذا من أجل الأدباء". ويعتقد محدثنا أن الراحلين كاتب ياسين ومحمد ديب ومولود فرعون كانوا أحق بالفوز بهذه الجائزة، لكنهم ماتوا دون نيلها لأن الدولة لم “تقرع لهم الطبول" ولم تعمل على تنشيط كل ما يتعلق برعاية ودعم أدبهم في الفترة التي ظهروا فيها. وبالمقابل، يقول صاحب “خويا دحمان" إن هناك دولا أخرى تفعل هذا وتنشط حملات معينة لصالح كتابها وتنشئ لجانا تعمل على تنشيط حملات ترشيح الأديب، موضحا “نحن في الجزائر ننتظر حتى يموت الأديب ونحميو عليه البندير". ويرفض بقطاش ترشيح أيا من الأسماء الأدبية المعاصرة لهذه الجائزة، فيقول “أنا لا أرشح أحدا منهم بمن فيهم آسيا جبار لأن أدبهم لا يزال يبحث عن نفسه.. وأعتقد أن الرواية الجزائرية لا تزال بعيدة عن جائزة نوبل للآداب".
تتويج الصين مصالحة مع الغرب
ومن جهته، يعتقد الروائي محمد ساري أن الأديب الجزائري الوحيد الذي كان يستحق الفوز بجائزة “نوبل" هو محمد ديب لأنه خصص حياته للإبداع وتطرق من خلال رواياته إلى موضوعات إنسانية وأخرى تتعلق بقضايا الشرق والغرب، أما البقية، يقول المتحدث “فلا أعتقد أنهم كذلك.. لا لشيء إلا لأن هناك شرطا أساسيا، وهو أن يكون الروائي مترجما إلى عشر لغات على الأقل. أما بالنسبة للأحياء، فالحديث يكثر عن الروائية آسيا جبار، غير أنها مدعمة في قائمة الترشيحات للجائزة، وذلك من قبل الجهات الفرنسية على أساس أنها عضو في الأكاديمية الفرنسية، ففوزها بالجائزة هو مناصفة بين الجزائر وفرنسا". ويؤكد صاحب “الغيث" أن الروائي نجيب محفوظ كان يستحق الفوز بالجائزة ولا غبار على أنه روائي كبير رغم الكثير من الانتقادات التي تعرضت لها كتاباته بوصفها “متواضعة وبسيطة"، مضيفا أن فوز محفوظ بها لم يكن فوزا لمصر فقط بل للعرب جميعا “أعتقد أن المعيار السياسي والإيديولوجي يلعب دورا، فمثلا هذا العام فاز الصيني مو يان بالجائزة وهي المرة الأولى والوحيدة التي يحدث فيها هذا، وهو صيني لكنه فرنسي اللسان يكتب باللغة الفرنسية ومتمرد على الصين، كما أنه مترجم وله أكثر من عشر روايات نشرت في فرنسا.. أما الشق السياسي في الموضوع فهو أن الصين في أوج انتعاشها الاقتصادي وفي طريقها إلى الليبرالية.. فهي تساعد الغرب وتملك حوالي 24 ألف مليار دولار.. وأعتقد أن فوزه بالجائزة يأتي في إطار التصالح الاقتصادي للصين مع الغرب، ومع هذا هو أديب والجائزة لا تمنح لغير أديب".
الرواية الجزائرية لا تضيفشيئا لأنها تقليد للأوروبيين
يرى الروائي أمين الزاوي أن لجائزة “نوبل" للآداب تقاليد ومعايير معينة، مضيفا “عندما أقرأ الرواية العربية أو الآسيوية والكورية والصينية واليابانية، أشعر بأن العالم الأوروبي أو لجنة تحكيم الجائزة تجد في تلك الروايات شيئا جديدا يضيف إلى الأدب. ويتأسف المتحدث قائلا “الرواية العربية عموما والجزائرية خاصة، تشبه إلى حد كبير الرواية الأوروبية، فهي لا تضيف شيئا إلى النصوص الأمريكية والأوروبية باستثناء الرواية الإفريقية والآسيوية، فهي تتميز في الآداب المعاصرة". ويعتقد الزاوي أنه إذا أرادت الرواية العربية والجزائرية تحديدا إعادة شكل نفسها على مستوى المخيال والأسلوب، فعليها أن تلتفت إلى الرواية الإفريقية “السوداء" أو إلى الرواية الهندية، موضحا “لأننا وقعنا للأسف في ذوق أوروبي أمريكي، فالرواية الجزائرية بعيدة عن إمكانية حصولها على جائزة نوبل في العشر سنوات القادمة، بل من الصعب جدا أن يفوز بها جزائري.. عندما أقرأ لياسمينة خضرة وآسيا جبار أو بوعلام صنصال، وهي أكثر الأسماء الجزائرية انتشارا وتداولا، أعتقد أنه كان من الممكن أن تفوز بالجائزة قبل 20 سنة مضت لأن العالم حينها كان يدور في هذه التقاليد الأوروبية، فلجنة تحكيم جائزة نوبل اليوم تبحث عن ذوق وأسلوب أدبي جديد وليس تقليديا".
السياسة تتفوق على المعايير الأدبية
في السياق ذاته، يؤكد الكاتب ومدير المكتبة الوطنية عز الدين ميهوبي أن جائزة “نوبل" للآداب تخفي وراءها معايير فوق أدبية، بمعنى أن هناك نسبة كبيرة من البعد السياسي، موضحا “أنا شخصيا كنت أول من حاور الروائي المصري نجيب محفوظ عندما فاز بجائزة نوبل للآداب عام 1988 عن روايته أولاد حارتنا، وقال لي بالحرف الواحد (لا غبار على أنني من أنصار السلام والدعوة إلى تنمية دائمة في الشرق الأوسط، فإذا كان هذا الموقف السياسي قد حسب لصالحي فليكن). ويواصل ميهوبي بالقول إن هناك معايير أخرى إلى جانب المعيار السياسي، فيجب أن تكون وراء أي أديب “آلة إعلامية" ومؤسسات ترجمة ونشر لتقديمه بصورة أفضل، والكل يعرف أن الوصول إلى الجائزة هو صناعة منظمة ومترجمة، مضيفا “أعتقد أن الأسماء الجزائرية أو العربية التي تم الترويج لها، لا تتوفر على عنصر أساسي وهو الكتابة باللغة الأصلية، فآسيا جبار مثلا تحسب على الأدب الفرنسي أكثر مما تحسب على الأدب الجزائري، والمنظمون يفضلون من يكتبون بلغاتهم الأصلية.. فلماذا لا يكون هناك تعامل مع مؤسسة “بروتا" التي تديرها الكاتبة الفلسطينية سلمى الخضراء الجيوسي، وهي مؤسسة مقربة من مؤسسة جائزة نوبل وذات مصداقية في ترجمة الأعمال الأدبية الجيدة..فهي كانت وراء عدد من الأسماء الأدبية الجيدة التي وصلت إلى الترشيح".
هناك بعض الفردياتترشح الأدب الجزائري
من ناحية أخرى، يعتقد الروائي الخير شوار أن “نوبل" مؤسسة مستقلة ولها قانونها الداخلي، وفي كل مرة ترى أنه يجب منح الجائزة لأديب وفقا لشروط واعتبارات معينة. ومع هذا فالكثير ممن فازوا بالجائزة يستحقونها، ولا شيء بريء من السياسة. وقال محدثنا أيضا إن الجزائر ممثلة في بعض الأسماء المتداولة والتي يرتبط اسمها في كل مرة بقائمة الترشيحات للجائزة وصلت إلى مرحلة تؤهلها إلى الفوز، مضيفا “عموما الأدب الجزائري لم يصل إلى العالمية ولكن وجود بعض الفرديات يرشح الأدب الجزائري إلى مرتبة لا تقل عن مستوى الكتابات العالمية"، على حد تعبيره.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)