الجزائر - Documents personnels (Photos, Articles ...)


يحي ابن الفقيه الصالح محمد بن محمد بن عبد الله بن عيسى أبو زكرياء النائلي الشاوي الملياني الجزائري المالكي شيخنا الأستاذ الذي ختمت بعصره أعصر الأعلام و أصبحت عوارفه كالأطواق في أجياد الليالي و الأيام المقرر براهين التطبيق بتوحيده فلا تمانع فيه إلا من معاند علم مرجعه عن الحق و محيده آية الله تعالى الباهرة في التفسير و المعجزة الظاهرة في التقرير و التحرير من روى حديث الفخار مرسلا و نقل خبر الفخار مرتلا و هو في الفقه إمامه و من فمه تؤخذ أحكامه و أما الأصول فهو فرع من علومه و المنطق مقدمة من مقدمات مفهومة و إن أردت النحو فلا كلام فيه لأحد سواه و إن اقترحت المعاني و البيان فهما أنموذج مزاياه إذا استخدم القلم أبدى السحر العقول و إن جرت الحروف على وفق لسانه و فاق بين المعقول و المنقول وإذا ناظر عطل من مجاريه مجاري الأنفاس و استنبط من بيان منطقة علم جدول و القياس و بالجملة فتقصر همم الأفكار عن بلوغ أدنى فضائله و تعجز سوابق البيان عن الوصول إلى أوائل فواضله.
ولد في مدينة الجزائر من أرض المغرب و قرأ بها و بمليانة بلده على شيوخ أجلاء صالحين منهم العلامة المحقق سيدي الشيخ محمد أبهلول و الشيخ سيدي مفتي الجزائر و الشيخ علي بن عبد الواحد الأنصاري و الشيخ مهدي و غيرهم وروى عنهم الحديث و الفقه و غيرهما من العلوم و أجازه شيوخه و تصدر للإفادة ببلده و كانت حافظته مما يقضي منها بالعجب و قدم مصر سنة 1074 قصدا الحج فلما قضى حجه رجع إلى القاهرة و اجتمع به فضلاؤها و أخذوا عنه و روى هو عن علمائها كالشيخ السلطان و الشمس البابلي و النور الشبراملسي و أجازه بمروياتهم ثم تصدر للإقراء بالأزهر و اشتهر بالفضل و حظي عند أكابر الدولة و استمر على القراءة مدة قرأ فيها "مختصر خليل" و شرح الألفية" للمرادي و "عقائد السنوسي" و شروحها و "شرح جمل الخونجي" لابن عرفة في المنطق ثم رحل إلى الروم فمر في طريقه على دمشق و عقد بجامع بني أمية مجلسا اجتمع فيه علماؤها و شهدوا له بالفضل التام و تلقوه ما يجب له و مدحه شعراؤها و استجاز منه نبلاؤها ثم توجه إلى الروم فاجتمع به أكابر الموالي و بالغ في إكرامه شيخ الإسلام يحي المنقاري و الصدر الأعظم الفاضل و حضر الدرس الذي يجتمع فيه العلماء للبحث بحضرة السلطان فبحث معهم و اشتهر بالعلم ثم رجع إلى مصر مبجلا معظما مهابا موقرا و قد ولي تدريس الأشرفية و السليمانية و الصرغتمشية و غيرها و أقام بمصر مدة ثم رجع إلى الروم فأنزله مصطفى باشا صاحب السلطان في داره و كنت فقير إذ داك بالروم فالتمست منه القراءة فأذن فشرعت أنا و جماعة من بلدتنا دمشق و غيرها منهم الأخ الفاضل أبو الاسعاد ابن الشيخ أيوب، و الشيخ زين الدين البصري و الشيخ عبد الرحمن المجلد و السيد أبو المواهب سبط العرضي الحلبي في القراءة عليه فقرأنا تفسير سورة الفاتحة من "البيضاوي" مع حاشية العصام و "مختصر المعاني" مع "حاشية الحفيد" و "الحائطي" و "الألفية" و بعض "شرح الدوانيعلى العقائد العضدية" و أجازنا جميعا بإجازة نظمها لنا و كان ما كتبه في هذا .


الحمد الله و الصلاة و السلام على الظاهر المجيد و على آله أهل التمجيد:
أجـزت الإمـام اللـوذعي المعـبرا
أمينـا أمين الـدين روحا مضورا
سلـيل محب الـدين بيـت هـداية
و بيـت مـنار العلم قدما تقـررا
بـإقرائه مـتن الـبخاري الذي به
تقـاصر عنـه من عداه و قصـرا
مـوطا شـفاء و الشفـاء لمسـلم
إذ مسـلم تقـريه حـقا تصـدرا
و بـاقي الرجـال النـقل حقا مبينا
و تفسير قول الله في الـكل قـررا
أجزت المسمى البدر في الشرع كـله
كـما صـح فاتـرك مراء مكدرا
و عـلم كـلام خـال عـن أكاذب
الفـلاسفة الضـلال و العدل نكرا
أقـول لـكـل فـلـسفي بـدينه
الألعنة الـرحمن تعـلو مـزورا
أجـبريل مـلك عـاشر يـا عداتنا
أعـادي شـرع الله نـلتم تحجرا
حكـمتم على الـرحمن حجرا محجرا
و منعـكم خـلق الحـوادث دمرا
أبـري الحـبيب اللـوذعي عن الردى
مجـازا بـدين الشـرع كلا محررا
و لـكـن عليه النصح و الجد و التقى
و إن نـاله أمـر القـضاء تصـبرا
حمـاه إلـه العـرش مـن كـل فتنة
و نجـاه مـن أسـواء سـوء تسترا
و صـل و سـلم بـكرة و عشـية
عـلى مـن به أحـيا القلوب تحيرا
ثم رجع إلى مصر و صرف أوقاته إلى الإفادة و التآليف وله مؤلفات عديدة في الفقه و غيره منها حاشية على "شرح أم البراهين" للسنوسي نحو عشرين كراسا و "نظم لامية في إعراب الجلالة" جمع فيها أقاويل النحويين و شرحها شرحا حسنا أحسن فيه كل الإحسان و له مؤلف صغير في "أصول النحو" جعله على أسلوب "الاقتراح" للسيوطي أتى فيه بك غريبة و جعله باسم السلطان محمود و قرظ له عليه علماء الروم منهم العلامة المنقاري قال فيه لا يخفى على الناقد البصير أن هذا التحرير كنسيج الحرير، ما نسج على منواله ناسج في هذه العصور تنشرح بطالعة الصدور و له "شرح التسهيل لابن مالك" و حاشية على "شرح المرادي" و كان له قوة في البحث و سرعة الاستحضار للمسائل الغربية و بداهة الجواب لما يسأل عنه من غير تكلف و محاضرة بديعة.
و سافر في آخر الأمر إلى الحج بحرا فمات و هو في السفينة يوم الثلاثاء عشري شهر ربيع الأول سنة 1096 و أراد الملاحون إلقاءه في البحر لبعد البر فقامت ريح شديدة شراع السفينة فقصدوا البر و أرسلوا بمكان يقال له: رأس أبي محمد فدفنوه به بالقرافة الكبرى بتربة السادة المالكية و وصل إلى مصر و لم يتغير جسده و اتفق أنه لما أرسل ولده بعض العرب ليكشف له عنه القبر و يأتوا به إليه تاهوا عن قبره فإذا هم برجل يقول لهم ما تريدون؟ فقالوا: قبر الشيخ يحي فأراهم إياه فكشفوا عنه فوجدوه بحاله لم يتغير منه شيء فوضعوه في تابوت و أتوا به إلى مصر فدفنوه بتربة مالكية التي كان جددها و رممها و لم يلبث بعده ولده الشيخ عيسى إلا نحو ستة أشهر فمات فدفنوه على أبيه و وجدوه في حالة لم يتغير منه شيء رحمهما الله تعالى.
و ترجم له في "نشر المثاني" بما نصه: و منهم (ممن لم يقف على و فيأتهم) الشيخ العالم الشهير أبو زكرياء يحي الشاوي صاحب "الحواشي على الصغرى" و مدرس الأزهر و كان له صيت عند المغاربة و توصل بأرباب الدولة إلى الولاية قضاء المالكية و ثم و لي إمارة الحاج المغربي و حج بالركب مرتين و انتشرت القالة فيه و كثر مادحوه و أكثر منهم ذاموه و كان من أذكياء الطلبة النجباء له معرفة حسنة في علم النحو، و مشاركة في غيره مواظب على العلم و التعليم إلا أن الرياسة إذا سكنت قلب إنسان لا تقصر به عن ذهاب رأسه قال جميع ذلك أبو سالم في "رحلته" و لم أقف على تعيين زمن وفاته، وفي بعض التقاييد أنه ورد الخبر بوفاته ذي القعدة عام 1097.
و ترجم له في "صفوة من انتشر" بقوله: و منهم الفقيه العلامة أبو زكرياء يحي الشاوي الجزائري كان رحمه الله فقيها متضلعا بفنون العربية و غيرها أخذ عن الشيخ التواتي النحوي ثم رحل إلى الحجاز فدخل مصر و درس بالأزهر فاعصوصبت عليه جماعة من طلبة المغاربة فصار له صيت عند المغاربة إلى أن توصل لأرباب الدولة فتولى القضاء المالكية، و ترقت به الحال لإلى أن تولى إمارة الحاج المغربي و حج بالركب مرتين و انتشرت القالة فيه و كثر مادحوه و أكثر منهم ذاموه و لا شك أنه من نجباء الطلبة إلا أن الرياسة إذا سكنت قلب إنسان لا تقصر به عن ذهاب رأسه و لم تزل حالته في ازدياد إلى أن بلغه أن بعض الفقهاء بالمدينة المنورة أنشأ محرابا في المسجد النبوي فذهب إليه من مصر بنية قتله، فأدركته المنية في الطريق سنة 1097. و له تآليف حسنة منها "حاشية على الصغرى" و حاشية على التفسير سماها "الحاكمة" و غير ذلك اهـ.

سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)