الجزائر

وعدة سيدي عبد العزيز تعود بعد 10 سنوات



الشارف بالجلفة:وعدة سيدي عبد العزيز تعود بعد 10 سنوات
عاشت مدينة الشارف الواقعة على بعد 50 كلم غرب عاصمة ولاية الجلفة خلال الثلاثة الأيام الأخيرة على وقع أهازيج وعدة الحاج سيدي عبد العزيز بعد طول غياب لهذه الطقوس المجتمعية التي تجمع الصغيروالكبير القريب والبعيد على عادات لم تضمحل أبدا رغم ريح التحولات الاجتماعية.
ت. يوسف
امتزج الاحتفال الشعبي والجماهيري بوعدة الحاج سيدي عبد العزيز ببلدية الشارف بولاية الجلفة بنسمات الاحتفاء الرسمي بالذكرى ال 64 لاندلاع الثورة التحريرية المجيدة التي كانت موعدا لانطلاق التظاهرة ببعدها الاجتماعي حيث زادت نفحاتها رفع الراية الوطنية في مداخل ومخارج المدينة ابتهاجا بالحدثين حيث وبالقرب من الطريق المؤدي لمنطقة تاوزاة بمحاذاة النسيج الحضري للشارف اجتمعت حشود سكان المدينة والوافدين لها من مختلف ربوع ولايات الوطن وكذا القريبين من هذا الحدث ناهيك عن جموع المحبين والمولعين بالوعدات التي تثلج القلوب وتحيي النفوس بعادات مجتمعية أصيلة.

الفنتازيا و العلفة حاضرة بقوة في وعدة العبازيز
ولعل أهم ما ميز الحدث الذي حضرله العبازيز (نسبة لعرش الحاج سيدي عبدالعزيز)بكل عزيمة وإصراروقاربواالمسافة الطويلة التي كانت تبعدهم عن وعدة لاطالما تشبث بها أباءهم وأجدادهم هو الحضورالقوي للفرسان من مختلف ولايات الوطن والمناطق المجاورة لإمتاع الحاضرين ب الفنتازيا واللباس الأصيل الذي أصبحت رؤيته تكاد تذكر الكثيرين من كهول وشيوخ المنطقة بلوحات فنية ألفوها في الماضي القريب وأصبحت لهم اليوم بمثابة ذكريات في سجل الأذهان كما تم تنظيم خلال هذه التظاهرة العلفة وهي سباقات الخيالة كما يصطلح عليه محليا أيضا ب المشاوير وهي تتبع الفرسان ببعضهم بعض على خط واحد ثم يسيرون بكل أريحية رافعين رؤوسهم شامخين ثم يبدأون بالجري والتسابق مع طلقات البارود ما يجعل الأرض تهتز بجوار الميادين المخصصة مؤقتا لهذه السباقات .
وانبثق عن هذه الوعدة التي نشطت المدينة لثلاث أيام متتالية الخصال الطيبة وصفات الجود والكرم لسكان المنطقة حيث فتحت أبواب كل البيوت للضيوف بتقديمهم صينيات القهوة والفناجين المتراصة وبصحون (الروينة) التي تحضر من طحين القمح المحمص. ثم يأتي وقت منتصف النهار حتى تجد رجال المنطقة وخيرة شبابها يستوقفون الضيوف على قارعة الطريق لعلهم يحضون بمتعة مجالستهم وتقديم لهم معروف الوعدة المتمثل في الكسكسي باللحم وكل ما تجود به العائلات كرما ومقدرة.
كما أمتعت طلقات البارود هي الأخرى الحاضرين حيث دوت أصوات البرود السماء عند سماع كلمة واحد من فارس همام يطلق العنان لأقرانه بكلمة مكاحل فيقبض الفرسان أصابعهم على الزناد في لحظة واحدة تتعالى في الطلقات وتتناثر بقايا البارود في جو من الفرجة عند الكبار لكنها بالمقابل تربك الأطفال فيضعون أصابعهم على أذانهم خوفا من دويها ليعودون بعدها لأجواء الفرحة والبهجة التي تطبع المكان.
من بعيد حضرنا لعروض الفنتازيا يقول عبد الحفيظ وهو أحد الزائرين الذي اصطحب أبناءه معه من ولاية تيارت مستمتعا بكل اللحظات التي تغمر المكان ولعل أهمها على حد تعبيره الولوج إلى مخبر التصوير المتنقل للظفر بصور تذكارية تراثية حيث دخل في طابور طويل من أجل أن يلبس أبناءه لباس الفارس الأصيل ومن ثمة يمتطون الجواد المزركشسرجه بكل الألوان الزاهية وفي الأخير نال مراده وحظي بالصور التي سيعود بها للأهل لكي تحفظ في سجل الذكريات الجميلة كماكان كل من القوال و الحكواتي و المداح والشعر الشعبي حاضرين بقوة في هذا الحدث الثقافي الممزوج بعبق تاريخ الثورة المجيدة .
وبين جموع الناس تجد في كل زاوية من المكان المكتظ عن آخره حكوات حوله الناس يستمتعون بقصصه الشعبية شأنه شأن القوال الذي يمزج هو الآخر بين تراث الأمس وواقع اليوم بكلام موزون. كما تجد بالمقابل المداح وفرق الفلكور الشعبي (القايطة والبندير) تمتع محبيها على وقع غناء وأهازيج محلية بامتياز تهتز لها الأبدان وتكون فيها الغلبة لمن يرقص بتفنن جميل.
هي إذن وعدة العبازيز التي طال غيابها لمدة قاربت ال 10 سنوات والعودة التي تزامنت وهطول أمطار الخير والبركات وفي أيام مشهودة من شهر عزيز على الجزائريين عامة فهي وعدة لسكان مدينة الشارف التي يتصف أهلها بالسخاء والكرم والجود ويغازلون الفرس ويمجدون الشعر الشعبي ويحفظون تراثهم بكل عزة وآنافه وهم من نسل رجل هو الحاج سي عبد العزيز التي تعددت أساطير حياته كونه رجل صالح له من الكرامات التي كانت ثمارها من خصاله وجوده وكرمه واتصافه بحب الإيثار .


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)