الجزائر

وزير لدى وزير الاعتراف بالذنب



وزير لدى وزير الاعتراف بالذنب
جاء في التعديل الوزاري الأخير استحداث قطاع وزاري جديد أطلق على مسيره اسم وزير لدى الوزير الأول مكلف بإصلاح الخدمة العمومية، أوكل إلى والي عنابة محمد الغازي، وهو منصب يعمل بالتنسيق مع الوزارات الأخرى غرض التقرب من المواطن والعمل على إراحة كاهله من عبء البيروقراطية، وما ينجر عنها من موبقات كالرشوة والمحسوبية وغيرها من التبعات، بهدف استرجاع ثقة المواطن المهزوزة في الدولة. استرجاع ثقة المواطن ليس استنتاجا توصلت إليه أنا أو غيري من متتبعي التطورات السياسية الأخيرة في الجزائر، بل هو تصريح صريح لا تشوبه شائبة جاء على لسان الوزير الأول، عبد المالك سلال، وهو ينصّب السيد محمد الغازي على رأس القطاع، حينما قال: "نجاح الدولة مرهون بتسهيل ظروف معيشة المواطن في محيطه"، على غرار الإدارة التي "لا زال المواطن يعاني في تعامله معها". من جهتي، أدرج هكذا كلام في خانة الاعتراف بمسؤولية الدولة بمعاناة المواطنين مع بيروقراطية الإدارة منذ الاستقلال إلى يومنا، وممكن إلى أجل غير مسمى. بناء على هذا يرجع الذنب في انتهاج بعض الجزائريين للطرق الملتوية، وهم مكرهون، من أجل قضاء مصالحهم، كدفع الرشوة أو الاستعانة بالوسيط ولو لأمر بسيط، كاستخراج شهادة الميلاد، خطيئة تتحمّل مسؤوليتها الإدارة لوحدها، لأنه لو لم تدفعه إلى ذلك لما قبل أن يخسر ماديا ومعنويا في الحياة وفي الممات. الجزائريون، ومنذ الاستقلال وهم في صراع مرير وطويل مع الإدارة، فهذه الأخيرة لم تترك وسيلة إلا وأخذت بها لقهر المواطن، فلم تعد مسألة فساد الإدارة محصورة فقط في عدد الوثائق المطلوبة لأي ملف إداري، كما أشار إليه الوزير الأول عبد المالك سلال، لكن الواقع أمرّ من ذلك بكثير، فما يخيف المواطن الجزائري، ممكن، ليس في ضخامة الملف وإنما في الوقت الذي قد يضيعه من أجل ذلك، فكم واحد فينا صرف الكثير من وقته في طوابير أمام شبابيك المؤسسات العمومية، ما يدفعه طبعا للبحث عن وسيلة تقيه شر ذلك فيهتدي في غالب الأحيان إلى دفع الرشوة أو الاستعانة بالوسيط– المعرفة– لقضاء مصلحته. ما يهمنا في كل ما قيل في هذا الشأن ليس من هو المسؤول عن ذلك حتى نقدّمه للمحكمة فيأخذ جزاءه، لأن من طبع الشعب الجزائري العفو عند المقدرة ونسيان الماضي ولو كان مريرا، لكن ما نتمناه أن نلمس عمل الوزارة المكلفة بالخدمة العمومية على أرض الواقع حتى تخلصنا من مخالب البيروقراطية الرشوة والمحسوبية، ويأخذ كل ذي حق حقه، وأظن بذلك أن العدد المخيف لمرضى السكري والضغط الدموي وأمراض القلب سيتراجع في الجزائر، وهكذا تكون الدولة قد اصطادت عصفورين بحجر واحد، منها استعادة ثقة المواطن في الإدارة ومنها تقلل من فاتورة استيراد أدوية الأمراض المزمنة. [email protected]


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)