الجزائر

وزراء وقراءة الفنجان



 سمعت، هذه الأيام، التي رجّت فيها الأنظمة العربية رجّا وسقط بعضها كسقوط أوراق الخريف، بعض الوزراء والمسؤولين الجزائريين يتحدثون بنوع من الثقة الزائدة، أن البلاد لن تتأثر بما وقع في تونس ومصر وليبيا، لسبب بسيط، كما يقولون، أن الشعب الجزائري قام بثورته في أكتوبر .88 ولا يسعنا سوى أن نقول سبحان مغير أحوال مسؤولي الدولة من حال إلى حال، إذ بعدما وصفت انتفاضة 5 أكتوبر 88 بأنها شغب أطفال وبأنها طالبت بالخبز فقط، تحولت اليوم بعد كل ما جرى في تونس ومصر وليبيا، إلى ثورة بأتم معنى الكلمة.
لكن الأمر الغريب في تصريحات الوزراء، أنهم يتحدثون عن ثورة أكتوبر من باب أن الجزائريين قد سبقوا الجميع وقاموا بثورتهم، وبالتالي يتعين عليهم، أو بالأحرى، مطلوب منهم أن يتركوا المكان لقيام ثورات في الدول التي لم تشهد ذلك، وكأن الجزائريين قد استهلكوا حصتهم من الثوران ولا يحق لهم فعل ذلك مجددا، لا من باب الاقتناع ولا حتى من باب التقليد لما جرى ويجري عند الآخرين. وسمعت، أمس، وزير الخارجية الفرنسي الجديد، ألان جوبي، يقول بأنه بالرغم مما تتوفر عليه الدول الأوروبية وكذا الولايات المتحدة الأمريكية من وسائل استشراف، إلا أنها لم تكن تتوقع حدوث هذه الثورات في تونس ومصر وليبيا، وهو ما يعني أن الشعوب عندما تعقد العزم لتحقيق التغيير فيما لا تراه صالحا في أنظمتها، فإنها لا تعلن ليلة الشك لترقب هلال رمضان، ولا تنتظر الصفارة أو الإيعاز من أحد.
وكنت أنتظر أن يقوم المسؤولون في الدولة بطرح سؤال واحد والإجابة عنه، وهو ماذا ينقص الجزائريين من حقوق التي يتعين تحقيقها، حتى لا يثورون في الشوارع، عوض الاكتفاء بعبارات ''التمني'' بأن الجزائريين ثاروا مرة ولن يفعلوها مرة أخرى، مثلما سمعناه لحد اليوم من أكثـر من وزير في الحكومة.
نقول ذلك لأنه إذا كان الرئيس هواري بومدين الذي قام بانقلاب تحت مسمى ''التصحيح الثوري''، فما الذي يمنع الجزائريين من تصحيح ثورة 5 أكتوبر 88، خاصة وأن تجربة التصحيح أصبحت خاصية جزائرية بعدما نشأت تصحيحيات داخل الأحزاب والمنظمات وجمعيات المجتمع المدني ويحظى بعضها بتزكية من الجهات المسؤولة. ولذلك فإن من المهام الأساسية لحكامنا ووزرائنا هو تحسس انشغالات الجزائريين والاستماع إليها ومن ثم الاستجابة لها بالملموس في الميدان، وليس من مهامهم قراءة الفنجان أو ضرب خط الرمل، وهو ما يحدث للأسف الشديد.

h-slimane@hotmail.com




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)