الجزائر

هي طقوس ما زالت متوارثة بين سكان مدينة الورود توديع الحجيج .. تغافر، مواكب، وعدات ودموع للفرح وأخرى للفراق


هي طقوس ما زالت متوارثة بين سكان مدينة الورود              توديع الحجيج ..  تغافر، مواكب، وعدات ودموع للفرح وأخرى للفراق
لم يعد يفصلنا عن موسم الحج لهذه السنة إلا أيام قليلة، ستكون معها قلوب المسلمين معلّقة بالبيت الحرام، فهو الركن الخامس من ديننا الحنيف، الذي يحلم كل منا بتأديته للنهل من أبواب الرحمة والتوبة التي فتحها لنا الرحمن، أما من لم يستطع إليه سبيلا فيكتفي بالدعاء أن يكون له حظ أوفر لتأديته الموسم المقبل، أو يعوضها بالاجتهاد في باقي أعمال البر والطاعة   وقد يكون حينها من بين المودّعين للوصول إلى الأرض الطاهرة فيخص بمناسك خاصة قبل الوصول إلى الحرم المكي، تبدأ فصولها من البيت العائلي وكل المحيط الذي يعيش فيه، وينتهي بموكب توديع بهيج.بمدينة الورود تعد مناسك مرافقة الحاج قبل أن يحين موعد السفر راسخة لدى الجميع، فمن ذا الذي لا يفكر في أن يزور الحاج والحاجة قبل أن تحزم الأمتعة، وقد يكون الحاج هو من يبادر بالزيارة إلى أهله وأحبابه، وغالبا ما يكون ذلك لتوديعهم وطلب الصفح عنه في حال أخطأ في حق أي منهم، فهو يرغب في أن يزور بيت الله وقد خفّ حمله، حتى أن المناسبة تلمّ شمل الكثيرين ممن انقطعت صلة الرحم بينهم.وعن هذه الطقوس قالت لنا الحاجة خديجة، من مدينة الورود، “قبل سفري للبقاع المقدسة، قمت رفقة زوجي بزيارة أفراد العائلة وتغافرنا معهم، وهذا لا يعني أننا كنا على خلاف معهم بل بالعكس، ولكن لا أحد يدري فقد يحمل المرء لأخيه في نفسه شيئا وهو ما أردنا أن نطلب السماح لأجله وهذه هي عاداتنا في البليدة”.وإذا كانت كسوة الحاج واحدة لغالبية الجزائريين، فالبليدة لا تختلف عن غيرها ولا تخرج عن القاعدة، إذ توجد محلات مختصة في هذا الشأن يظهر على ملامح كل زائر لها علامات الفرحة، وهو ما أكده لنا عمي بوعلام بسوق باب السبت الذي يبيع كل ما يتعلق بملابس الإحرام قائلا “سبحان الله، النور يشع من وجوه حجاجنا الميامين، ففي كل مرة لبيع فيها كسوة من هذا النوع، إلا ورأيت نظرة واحدة في الوجوه وهي الشوق إلى الله والرغبة الملحة في الوصول إلى بيته و تأدية ركنه”.وقبل الوصول، تفضّل الكثير من العائلات البليدية أن تقيم ما يتعارف عليه بـ”الوعدة”، وهي مأدبة يدعى إليها الجميع بغية لقاء يجمع بين الأحباب والحجاج قبل السفر، وغالبا ما تتزامن مع الأيام الأخيرة فيما يفضل آخرون تأجيل تلك الوعدة إلى ما بعد العودة، وهنا كل على حسب مقدرته، فبين من يفضّل أن ينحر رؤوسا من الغنم وتقديم وجبات كاملة ومتنوعة وبين من يفضّل صحون الكسكسي التي توجه نحو المساجد ليأكلها العامة من الناس، فيما يفضّل آخرون توجيهها نحو بعض المرافق العمومية كالمستشفيات مثلا.وإذ ما كان الأبناء يعتصرون ألما لفراق الآباء والخوف الكبير عليهم، يبقى الصغار أكثر من ينتظر العودة التي ستكون مرادفة للهدايا المميزة والتي تدور في فلك ما يشبه سلسالا أو خاتما مكيا للفتيات أو نظرات بصور الحرم والمدينة للصبيان، والأكيد العديد من الهدايا المتمثلة في مسبحات أو خمارات للمهنئين الذين يأتون للمباركة للظافرين بحجة الإسلام.ويبقى موكب مرافقة الحجيج إلى المطار من قبل الأهل والأحباب من أجمل المواقف التي يعيشها هؤلاء وأصعبها في نفس الوقت، حيث تمتزج الفرحة بلوعة الفراق والأمل في العودة الميمونة، بعد أداء فريضة الركن الخامس. العاقل زهية
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)