الجزائر

هوامش امتحانان عسيران



هوامش               امتحانان عسيران
تعيش الجزائر على وقع امتحانين مهمين وصعبين في الآن نفسه، يمكنهما أن يشكّلا انعطافة حاسمة وفاصلة بالغة الحساسية في تاريخ الجزائر. أولهما الانتخابات التشريعية التي نحن مقبلون عليها، والتي تأتي في سياقات إقليمية وعالمية مختلفة، ميزتها ثورات الربيع العربي التي شهدها العالم العربي في الآونة الأخيرة وأدت إلى سقوط عديد الأنظمة العربية، وكان حلمها هو تغيير الأوضاع الوجودية للإنسان العربي هنا وهناك، لكن يبدو أن التغيير المنشود لن يكون سهل المنال أو بالسهولة التي كان يتصوّرها الجميع، والمؤكد أن الربيع العربي لن يكون غدا.هذه السياقات الخارجية يمكنها أن تكون عاملا ضاغطا، يلقي بظلاله على هذا الحدث الوطني، إذ تشكّل انتخابات العاشر من ماي المقبل محكّا مهمّا لقدرة الجزائريين على التغيير السلمي، عن طريق الممارسة الديمقراطية التي تدخل في الأجندة العادية، ولم تملها أيّة ظروف طارئة أو استثنائية، ولكنها تكتسي أهمية خاصة من كونها يمكن أن تعطي صورة حقيقية عن الجزائر أمام العالم، كما يمكنها أن تجيب عن سؤال الربيع العربي في الجزائر، ولماذا لم يحدث ؟ وهو ما حذا برئيس الجمهورية في خطابه الأخير إلى تشبيهها بوثبة أول نوفمبر. كدلالة واضحة على ما هو منتظر منها، وما يمكن أن ينجرّ عنها من تداعيات تكون لها انعكاساتها على وضعنا الداخلي والخارجي وصورتنا أمام العالم.ربط حدث الانتخابات التشريعية بأول نوفمبر لم يكن أمرا اعتباطيا أو من قبيل المصادفة ويحتاج إلى أكثـر من قراءة معمّقة، ذلك أنه يأتي في غمرة استعدادنا للاحتفال بخمسينية الثورة. ومن هنا كان هذا الربط أمرا له أكثـر من مبرّر، وهو ما يقودنا إلى الحديث عن الامتحان الثاني الذي نحن مقبلون عليه، ممثلا باحتفالات الجزائر بمرور خمسين سنة على استقلال الجزائر، وهي فرصة أخرى لتأكيد استقلال الجزائر سياسيا وثقافيا وحضاريا وجدارتها بالوجود ككيان مستقل الملامح والهوية، كما تشكّل فرصة أخرى وأخيرة للانتصار في "حرب الذاكرة" التي تشنّها علينا فرنسا منذ استقلال الجزائر.يبدو أن فرنسا قد أعدّت عدّتها لمنازعة الجزائريين على تاريخهم، واستنفرت وسائل إعلامها ومؤرخيها ومثقفيها ومن والأهم، من أجل إنقاذ شرفها الاستعماري، بعيدا عن أيّة نيّة في الاعتذار للجزائريين على ما ارتكبته في حقهم من جرائم إنسانية، لذلك فإن الاحتفالات ستكون بين باريس والجزائر،سواء بسواء، لأن فرنسا مصرّة على تقزيم هذه الاحتفالات بالنظر إليها بالاستناد إلى عقدتها الاستعمارية، كما الحديث عن الثورة الجزائرية لن يتجاوز الحديث عن "حرب الجزائر" في أحسن الأحوال، وهو المسمّى الذي يطرح أكثـر من تساؤل..هذان الحدثان الوطنيان المرتبطان ارتباطا وثيقا، يشكّلان إجابة حاسمة عن ماضينا وراهننا ومستقبلنا، فماذا اعددنا لهما ؟.أحمد عبدالكريم Hachimite5@yahoo.fr


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)