الجزائر

هوامش صداقة الشعراء..


هوامش              صداقة الشعراء..
قيل قديما "وعداوة الشعراء بئس المقتنى"، حينما كان الشاعر سلطة أولى تغير موازين الأشياء، ويخشى سطوتها الملوك ويحسبون لها ألف حساب أما اليوم، ومع تغير وظيفة الكتابة، لم تعد صداقة الشعراء ولا عداوتهم تعني الشيء الكثير بالنسبة للآخرين، بعدما فقدوا ذلك البريق الذي كانوا يحظون به، وتلك الهالة التي كانت تحيط بصورتهم، التي كانت تصل حد القداسة. لكننا لو نقبنا في حيوات الشعراء والكتاب الخاصة، لوجدنا العجاب مما يخرج في أكثره عن أخلاقيات السلوك القويم، مما يتصل بعلاقاتهم بالآخرين، بما يعتبر خطأ وتجاوزا في حقهم، وهو ما لا يليق بصورة الكاتب الذي يحمل قيم الجمال والرقة والنبل.أما ما يتصل بعلاقة الكتاب والأدباء ببعضهم البعض، فحديث آخر طويل ذو شجون، يعرف الذين عاشوا وخبروا الوسط الأدبي الشيء الكثير أو القليل عنه. ولم تكن علاقات الأدباء والشعراء تخلو من المشاحنات وكل آفات العلاقات الإنسانية من حسد وغيرة وتباغض وقطيعة، مما يسيء بشكل كبير إلى هؤلاء ويقلل من قيمتهم، وما أكثر ما فاحت راحة العفن في علاقات الشعراء ووصل مداها إلى وسائل الإعلام حتى صارت حديث الصحف والجرائد. وطالما امتلأت الصحف بعبارات التجريح والإساءة من قبل في حق بعضهم مما يندى له الجبين، ولا يرضاه طبع أو شرع، ومما هو بعيد بعد السماء عن الأرض عن الذوق والسلوك المتحضر.وقلما صادفت في معايشتي للوسط الأدبي علاقة وثيقة أو صداقة ناجحة بين كاتبن أو شاعرين، تطبعها المحبة والإحترام المتبادل والصدق، في نخبة يفترض أن يكون بعضها لبعض ظهيرا. حتى أنك لتجدهم يتتبعون عثرات بعضهم وسقطاتهم، وكلهم غل وضغينة على من أشارت إليه الأصابع بالخير وحقق شيئا ذا بال، دون وازع أو خجل أو تأنيب ضمير، حتى لا تملك غير أن تصدق ما يقال عنهم بأنهم حقل من العقد النفسية، وبأنهم مزاجيون في علاقاتهم، يصفون حساباتهم مع بعضهم بأقسى ما يمكن من الأساليب التي لا يتقنها غيرهم.. من إقصاء وتهميش وكيد ونميمة وطعن في الصدر والظهر سرا أو جهرا.. من أجل عرض زائل أو مصلحة آنية أو مكسب وهمي. لقد ولت صداقات الزمن الجميل بين الشعراء والكتاب حين كان الواحد منهم يؤثر غيره بأعز ما يملكه، ولا يتنكر له بمجرد ما يجلس على أريكة المسؤولية، وحين كان الواحد منهم يستأمن صديقه على كتاباته وجهده وماله وعرضه فيحفظه حيا وميتا، وولى الزمن الذي كانت فيه المعارك الأدبية بين الشعراء تنتج النقائض والمعارضات والنصوص الراقية والفكر المثمر. أحمد عبدالكريمHachimite5@yahoo.fr
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)