الجزائر

هذا الأسبوع ''أسباب رفض الإسعاف''


 كشفت عملية سبر للرأي أن 88 بالمائة من الجزائريين يخشون التبليغ عن الفساد. وفي تقديري، فإن الدراسة الميدانية التي بادرت بها الرابطة الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان، التي يرأسها الأستاذ مصطفى بوشاشي، لم تأت لتؤكد أمرا بديهيا، وإنما لتضع الجزائري، بغض النظر عن موقعه، الجغرافي أو السياسي أو الاجتماعي، أمام حقيقة غريبة ، وهي انتشار ظاهرة الامتناع عن إسعاف بلد يتهدده وباء الفساد، أفقيا وعموديا.
وتزامن الإعلان عن نتائج الدراسة الميدانية، ومصادقة مجلس الشعب على مشاريع شرعتها الحكومة، تتناول ضبط الإعلام والجمعيات والأحزاب.
ويتوافق هذا الضبط مع أهداف السلطة في مراقبة تطور المجتمع المدني. وهو مرشح ليكون تطورا نحو السالب، طالما أن الظروف السياسية، تغلب أسبقية الولاء للشخص أو للعائلة السياسية .
فإذا كانت صحف وجمعيات وأحزاب فشلت في وقف تنامي الفساد، كيف سيكون عليه الزحف، والأغلبية تفضل الصمت، والمنابر التقليدية شبه معوقة حركيا. وتكاد بالكاد تتحرك لتنتقد واقعا تغلب عليه صفات عدم الاستواء؟
وتعكس الأرقام والإحصائيات الخاصة بالفساد، أو نسبة المشاركة في الانتخابات، عمق الشرخ الاجتماعي الذي تتسبب فيه سياسة الأمر الواقع.
والطريقة التي يتم من خلالها تمرير القوانين التي تشرعها السلطة باسم البرلمان تبرز كيف يتم تجاهل دور باقي الأطراف الجزائرية.
إن استمرار حالة اللامبالاة، واقترانها بتزايد حالات اللجوء إلى المساومة، من قبل فئات مهنية، تخير السلطات العمومية الوصية على القطاع بين التجاوب مع مطالبها أو الإضراب، تعبر بـ صدق عن نوعية العلاقة ، ونوعية التفكير الذي يهتدي إليه الغاضبون من أجل انتزاع مطالبهم.
وفي غياب عقد اجتماعي، من صياغة أغلبية شرعية، ونظرا لاتجاه تصاعد المطالب، ستكون الحكومة، في وقت قصير، أمام امتحان التوفيق بين العجز السياسي والعجز الاقتصادي من جهة، وبين تضخم المطالب الاجتماعية من جهة ثانية. ويكون الاحتقان حادا في المجتمعات التي تفتقد لخصال ولعادات الحوار بين مكوناتها.
ونحن نعاني من أزمة حادة في عدم الحوار. والقليل الذي حفظناه عنه هو عبارة عن جمل قرأنا عنها في المدرسة أو في كتب.
دائما ما يتم طرح مسألة دور النخبة الجزائرية، عبر مراحل تطور المجتمع، في بعث مشروع افتراضي، أساسه الحوار والتواصل.
إنه من الصعب إصدار أحكام جاهزة عن دور النخبة. وإن كانت العديد من الكتابات والدراسات تميل إلى فرضية استقالة أغلبية النخبة، فإن بعض الدراسات الأخرى تفضل التركيز على الحواجز التي تقف دون استفادة المجتمع من نور علمهم ، ودخولهم عالم اليأس واللامبالاة لما يجري حولهم.
إن مظاهر تعامل المجتمع ونخبته مع ظواهر بحجم الفساد لا تؤدي حتما إلى صياغة مقاربة تقوم على اعتبار هؤلاء غير منشغلين بما يجري حولهم، أو أنهم غير معنيين بالتطورات، وإنما هو شكل من أشكال التعبير السلبي عن هذا الانشغال.   

hakimbelbati@yahoo.fr
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)