الجزائر

هاتف القضاء لم يعد يرن!؟



لم نتعود قبل اليوم أن يمتثل وزير عدل سابق، ومسؤول حالي، أو أي وزير آخر أو أي مسؤول سام، محسوب على السلطة، أمام العدالة بتهمة خطأ مهني أو ما شابه، إلا في حالات تصفية الحسابات وما أكثرها.
ولا ندري في أي خانة نصنف قضية الدعوى التي رفعها قاض ضد وزير العدل السابق ورئيس المجلس الدستوري الحالي، هل في خانة تصفية حسابات ما، أم فقط هي إجراء عادي بحكم أن لا أحد فوق القانون؟!
حتى ولو كان ”المتهم” رئيس المجلس الدستوري، وبغض النظر عن الحكم الذي ستصدره المحكمة يوم 16 جانفي الجاري، فهل ستفتح هذه القضية السبيل أمام تكريس مبدإ القانون فوق الجميع، ومن حق العدالة أن تستدعي أي شخص مهما كانت مسؤولياته، وأن يستجيب هذا إلى استدعاءات العدالة واحترام إجراءاتها، والرد على تحقيق القاضي، في إطار احترام تام للقانون.
إن كان هذا هو الذي حرك الدعوى ضد بلعيز وضد قضاة آخرين، فهذا يعني أن هناك عودة لأمل ولو ضئيل لدولة القانون، وأن العدالة الجزائرية بلغت مرحلة من النضج والاستقلالية التي يجب الانحناء أمامها.
فقط أكرر ألا يكون هذا الإجراء مدخلا لتصفية حسابات ما، من جهة ما. فنحن لم نتعود في الجزائر أن يتابع مسؤول سابق مهما بلغت درجة الجرم المنسوبة إليه، والدليل أن الكثيرين يتحدثون عن شكيب خليل وربط اسمه بفضائح سوناطراك، لكن العدالة لم تجرؤ حتى الآن وتستدعي وزير الطاقة السابق، لا أدري هل لأنه يحمل جواز سفر أمريكي يحميه من المتابعة، أم أن القضاة المكلفين بالقضية تنقصهم الجرأة للغوص أكثر في أعماق هذه القضية.
وهل يمكن أن نفهم من قضية الوزير السابق ورئيس المجلس الدستوري الحالي، أن العدالة الجزائرية صارت حقا مستقلة، وأن هاتف القاضي المكلف بالنظر في هذه القضية لم يرن من جهة ما ليطالبه بطي ملفها قبل أن تتلقفها الصحافة وتجعل منها قضية رأي عام؟
اللهم إلا إذا كانت هناك نية مبيتة لجعل منها قضية رأي عام، لأن التهم الموجهة للرجل أصلا ليست من العيار الثقيل الذي يجب التستر عليها، والهدف من نشرها في الإعلام هي لهذا الغرض، وأن تظهر العدالة الجزائرية اليوم على هامش من الحرية والاستقلالية، خاصة وأن هناك الكثير من قضايا الفساد التي يعرف تفاصيلها العام والخاص وتتعلق بمسؤولين سامين سابقين وغير سابقين، لكن لم تتطرق إليهم العدالة، ولم يفتح بشأنها تحقيق، رغم تنبؤات وسائل الإعلام بالضجة التي من المفروض أن تحدثها هذه القضايا لو طرحت بجد على العدالة.
أرجو أن تفتح هذه القضية شهية القضاة للاستقلالية والحرية، ويتجرأ القضاء ليفتح ملفات أخرى تؤسس بخطورتها بحق لمبدأ الاستقلالية، لا أن تندرج ضمن منطق ذر الرماد في العيون، أو بتعبير شعبي ”حد ما يشوف احمد”؟!


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)