الجزائر

نص خرج ولم يعد



أنثى بمعطف شتوي رجالي، أسود اللون وممزق الجيب. جيبه الآخر يبدو كامرأة حامل في شهرها التاسع على وشك الولادة. لو دققت فيه قليلا لأدركت أن جنين الجيب ما هو إلا حجر فرجيينا وولف.تمشي الأنثى بمحاذاة نهر ليس بالعميق، لكنه كفيل بإغراق الخوف الساكن في حشايا ذات بهالات بنية تميل إلى السواد. تمشي بكعب يرفع هامتها ويحولها إلى ناطحة سحاب، لكن الوحل والأرضية المضادة للشموخ تكسر مشيتها المستقيمة، التي كانت تبدو كمسطرة تخوض امتحان رياضيات.
الحجر ثقيل لكن ليس أثقل من جرح لا ينوي التعري أمام المرآة. الجرح عورة الشامخات وتعريه إهانة لعرف الكرامة، ومخالفة لقوانين تلفنا كما يلفنا المعطف.
لا ينبغي للمعطف أن يحيلكم إلى غوغول، فهذا النص لم يخرج من معطفه، بل من جلد ناعم يتعرض كل يوم للمراقبة من قبل منظمة الشعر الزائد، لذلك ينتف بقوة وبألم حاد ولو نبت آلاف المرات.
خرج من مسامات مفتوحة بفعل حمام بخار، مسامات تتهيأ لطرد الرؤوس السوداء من ملامح متعبة.
خرج أيضا من تحت أظافر طويلة مطلية بطلاء أحمر، طويلة لكنها لا تشبه المخالب، إنها مهذبة بما يكفي لمداعبة وردة. تهذيب قد يفسده فم بشفاه مزينة، يعض على الأظافر ويلتهمها كلما شعر برغبة في البوح. إنها ضريبة الصمت تدفعها الأنثى صاحبة المعطف من أظافرها.
هذا النص ربما خرج من رحم امرأة في فترة حيض لكنه حتما لم يخرج من معطف غوغول.
لأن كل النصوص التي خرجت من معطفه عادت. وهذا النص خرج من مكان آخر لكنه لم يعد ولن. فلا داعي لانتظاره لقد غرق في النهر، لأنه حجر الجيب الثقيل، ما إن يلامسه سطح الماء حتى يغوص، فتغرق بسببه الأنثى صاحبة المعطف غرقا يشبه النجاة.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)