الجزائر

نصف عدد الفرنسيين يرون أن استقلال الجزائر كان إيجابيا الجزائريون ''وقود'' حملة انتخابية فرنسية بثلاثة أبعاد


يشير الاستطلاع الذي قام به معهد ''إيفوب'' لصحيفة ''واست فرانس''، المعلن عنه أول أمس، إلى أن 75 بالمائة من الفرنسيين يرون أن استقلال الجزائر كان ''أمرا إيجابيا بالنسبة إلى فرنسا''، ما يعني أن نسبة تقارب نصف عدد الفرنسيين ترى، كذلك، أن ''استقلال الجزائر أمر سلبي بالنسبة لفرنسا''. أعلنت صحيفة واست فرانس عن نتائج استطلاع، استنتجت خلاله أن أكثـر من نصف عدد الفرنسيين، بقليل، يرون أن استقلال الجزائر كان أمرا إيجابيا بالنسبة لفرنسا ، في نسبة لا تتجاوز كثيرا، منطقيا، النسبة المتبقية (47) بالمائة، من الفرنسيين الذين يرون العكس. والملاحظ أن عدد الفرنسيين الذين يرون بإيجابية استقلال الجزائر على فرنسا، تصاعد بشكل ملحوظ، منذ سنة ,1972 حيث كانت نسبتهم لا تتعدى 38 بالمائة، بعد عشر سنوات من الاستقلال، غير أن هذا التطور الإيجابي يبقى بعيدا عن المطلوب بعد خمسين عاما من الاستقلال. ما يعني أن هناك شرائح واسعة في فرنسا لازالت تحن للجزائر الفرنسية، من منظور الاستطلاع ونتائجه، طالما أن نسبة 57 بالمائة لا تعكس غالبية الفرنسيين بقدر ما تشير إلى نصفهم فقط، حتى وإن كان 28 بالمائة ممن استجوبهم الاستطلاع لم يدلوا برأي، كما أن نسبة 25 بالمائة من الفرنسيين يرون بأن استقلال الجزائر أمر سلبي بالنسبة للجزائريين أنفسهم. الاستطلاع أفرج عنه في خضم حملة انتخابية يقودها ثلاثة مترشحين، تستهدف مباشرة الجالية الجزائرية البالغ عددها ثلاثة ملايين تقريبا من مجموع جالية مسلمة تقدر بستة ملايين. ويتقاذف المترشحون للرئاسيات الفرنسية ملف المهاجرين الجزائريين، في وطيس نقاش ضمن خمسينية الاستقلال الوطني ، بثلاثة أبعاد، بنفس مثلث التنافس (ساركوزي، هولند وماري لوبان)، وقد زج النقاش التاريخي، المتصل بخمسينية عيد الاستقلال الذي تحتفل به الجزائر وفرنسا، بتسميات مختلفة، ففرانسوا هولند الذي ينافس ساركوزي بشراسة على كرسي الإليزيه، أبان منذ إعلانه الترشح للرئاسيات الفرنسية عن أخوة حيال المهاجرين الجزائريين في بلاده، وجهر بمعارضته لسياسة الهجرة الساركوزية المنتهجة، مادا يده للجزائريين المميزين بتميز علاقات بلادهم مع فرنسا على وتر تاريخي، كثيرا ما استخدمه الإليزيه والجمعية الوطنية الفرنسية ورقة للضغط على الجزائر في ملفات سياسية واقتصادية.
واختار هولند، المرشح الاشتراكي، التاريخ لكسب ود الجزائريين، بمجرد وردة ألقى بها في نهر السين، قبل أيام، تبعها بتصريح عبر فيه عن تضامنه مع أقارب الضحايا الجزائريين الذين سقطوا في مجازر 17 أكتوبر ,1961 على أيدي شرطة موريس بابون. وتوجه فرانسوا هولند إلى جسر كليشي الشهير في قلب العاصمة باريس، قائلا: أردت أن أكون هنا وفيا للوعد الذي قطعته على نفسي، فقد جئت لأعبر عن تضامني لأبناء وأحفاد العائلات الجزائرية التي فجعت في هذه المأساة . وبقدر هذه الالتفاتة التاريخية المميزة من هولند، بقدر ما يدفع الأخير الجالية الجزائرية إلى التعاطف معه في الانتخابات الرئاسية، لمنحه أصواتهم. أما نيكولا ساركوزي فيسير على وترين، واحد رسمي باعتباره رئيسا اتخذ عشرات القرارات التي لقيت استنكارا من قبل المهاجرين، وخاصة الجزائريين، طيلة عهدته الرئاسية، على غرار عدم منح الجنسية الفرنسية للمهاجرين أبناء المهاجرين إلا عندما يبلغون سن 18 وبطلب منهم، قد يلقى الرفض، كما خير مزدوجي الجنسية بين جنسيتهم الفرنسية أو الأصلية، واتخذ قرارا في حق الطلبة الأجانب بمنعهم من البقاء في فرنسا بعد إنهاء دراساتهم، في خطوة استنكرها الفرنسيون أنفسهم. لكن ساركوزي، وهو رئيس، كان يعلم أنه سيجابه وضعا لا يحسد عليه لما يعلن ترشحه للرئاسة مجددا، لذلك قلل، منذ أشهر قليلة، من تهجمه على الجزائريين، موازاة مع ظهور وضع جديد في العلاقات مع الجزائر، يتميز بالليونة، خلافا لوضع سابق وسم بالتوتر، حيث زار مسجد باريس، الخميس الماضي، وأطلق تصريحا حول واحدة من القضايا التي اهتمت لها الجالية أو ما يعرف بقضية اللحم الحلال ، بينما أعطى ساركوزي انطباعا بأن الإليزيه يرى أن القضية هامشية وصرح أنه لا يتعين المس بمشاعر مواطنينا المسلمين بإثارة جدل لا طائل تحته وأنه يتوجب أن يجد كل مواطن مكانه في رحاب الجمهورية وأن يعيش ديانته بكل راحة .
وبالنسبة لليمين المتطرف الذي تمثله مارين لوبان، المرأة التي أبانت عن عداء أشد من أبيها للمهاجرين والأجانب عموما، فإنها تقدم مشهدا من الرفض وتشديد اللهجة، إلى حد العنصرية في تصعيد لافت للجبهة الفرنسية اليمينية المتطرفة، وبدا واضحا أن لوبان تريد الاستثمار في المهاجرين الجزائريين بفرنسا بصفة عكسية ، مخاطبة ود الفرنسيين المؤمنين بأن فرنسا للفرنسيين فقط .
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)