الجزائر

نشرت بعد رحيلها المفاجئ أعمال ذهبية عبروس وثيقة اجتماعية لمرحلة الثورة وما بعدها



 أرادت ذهبية عبروس أن تعود في روايتها الصادرة بعنوان ''دار اللوز'' إلى زمن الطفولة، لتفتح الباب على مصراعيه أمام زمن مضى، وفعلت ذلك بكثير من الإبانة والحنين، وربما الحسرة على زمن انقضى، تحوّل إلى ذكريات ظلت لاصقة تستعيدها وهي تكتب أول أعمالها الروائية لتنشر بعد رحيلها المفاجئ، تاركة عوالم أدبية تعج بالحساسية والذكريات، مثلما هو الحال في الرواية الأولى، وبالأفكار والتطلعات التي ولدت عقب الاستقلال في روايتها الثانية الصادرة بعنوان ''زمن اليقين''. وارتأت ذهبية عبروس، التي توفيت مؤخرا بعد إتمام عمليها الروائيين، أن تخصص فضاء روايتها الأولى لبطلتها ''داليا''، وهي تعيش العهد الكولونيالي بقسوته وعنفه، ما أجبر عائلتها على ترك بلاد القبائل والاستقرار بحي ''الزغارة'' في الجزائر العاصمة، فرارا من تجاوزات الجيش الفرنسي الذي فرض حصارا كبيرا على أهالي المنطقة، بالأخص بعد مجيء الجنرال ديغول للحكم سنة .1958 ورغم قسوة الفترة التي قضت فيها ''داليا'' طفولتها، إلا أن الالتصاق بالأسرة، وبشخصية الجد الشيخ محند، والجدة لا يمينة، وما يمثلانه من تقاليد وقيم عائلية، وضعها في محيط أسري يصون الفرد ويحميها من تقلبات الوضعية القاسية التي كانت تمر بها البلاد آنذاك. ويتحوّل المكان، وهو ''دار اللوز''، إلى فضاء يحمي الأفراد بتقاليده وشخوصه الذين يسهرون على ما يمكن تسميته ''وضعية قابلة للعيش''. وتكمن أهمية رواية ''دار اللوز'' في كونها تسرد تفاصيل كثيرة عن الحياة الاجتماعية خلال مرحلة حرب التحرير، وهو ما يعطي العمل تلك القدرة على التحوّل لوثيقة تاريخية عن أوضاع البلاد خلال تلك الفترة العصيبة. وبإمكانها كذلك أن تشكل نافذة ومرجعا عن حياة الأفراد وهم يواجهون النظام الاستعماري، ما يعطيها القدرة على مناقضة الأطروحات التي سادت بخصوص تاريخ حرب التحرير، والتي كانت تصور نضال الشعب برمته وليس نضال الأفراد.  وفي الجزء الثاني من الرواية الذي حمل عنوان ''زمن اليقين''، فتحت ذهبية عبروس أبواب مرحلة ما بعد الاستقلال، وأخذت بطلتها إلى التطلعات والآمال التي ولدتها الثورة، لتصبح الرواية فضاء لطرح ومناقشة مختلف الأفكار التي كانت تعج بها الجزائر خلال تلك الفترة.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)