الجزائر

نجاح تونس وفشل الجزائر



نجاح تونس وفشل الجزائر
تجربة ديمقراطية حقيقية تمنيناها عندنا في الجزائر، فظهرت وليدة في تونس وعليه قد نتفق على أشياء وقد نختلف في أخرى، لكن الأمر الذي يجب أن نقدره ونحترمه أن تونس رسمت طريق الديمقراطية وحددت آلياتها، بصرف النظر عن من جاء ومن لم يوفق، تونس التي انطلقت منها شرارة الربيع العربي تنطلق منها قواعد إرساء الديمقراطية وتداول السلطة وعدم تدخل الجيش في الحياة السياسية.هذه هي المكاسب التي نجحت فيها تونس وتصدرها للدول العربية، لأن إرادة الشعوب هي الأقوى ومن يتحدى إرادة الشعوب هو الخاسر، كذلك واهم أو مخطئ أيضا من يتوقع أنه بين عشية وضحاها تنتهي النظم البائدة ولكن يظل التجاذب بين الثورة الناشئة الضعيفة وبين الثورة المضادة ذات القوة الرأسمالية والمتغلغلة في المؤسسات التي هرمت، ستظل فترة من الزمن ثم تنتصر الثورة، لأنها ثورة الشباب وإرادة الشعب.ومن خلال القراءات في الانتخابات التونسية نجد أن الشباب لم يشارك بقوة في الانتخابات الرئاسية، ولكن أعتقد أيضا أن تونس لم تتراجع عن الديمقراطية التي وضعت آليات يتقيد بها الجميع، انظر إلى الثورات التي تمت في العالم لم تحصد ثمارا إلا بعد سنوات يتم فيها المقارنة من خلال تداول السلطة، عملا بمنطق من الذي يحقق أرضية وشعبية يقود المسيرة باحتكامه لقواعد اللعبة السياسية شريطة أن تسودها الشفافية والاحترام المتبادل.نتائج الانتخابات التونسية خلقت حالة من الاستغراب والدهشة انتابت الكثير من المتابعين لما أسفرت عنه، نتيجة فوز السبسي 84 سنة بالرئاسة. السبسي يمثل ظل النظام السابق والمرزوقى يمثل ظل الثورة، ولكن النتيجة قالت قولتها، حدث ما حدث، الاحتكام للصندوق لابد أن يُحترم مهما كانت النتيجة حتى لو اعتبرنا النتيجة هي فوز للثورة المضادة بتونس ولكن دون إراقة دماء نتيجة وعي الشعب التونسي وثقافته التي ستمنع أي نكوص حقيقي في اتجاه التغيير المنشود، لأن التغيير الفجائي قد لا تُحسن التعامل معه الشعوب العربية، كما أن الرئيس الفائز لابد أن يخضع لآليات الديمقراطية واحترام الدستور المتفق عليه.أعتقد أن تونس ستظل الدولة العربية الوحيدة التي سعت للديمقراطية وحققتها وذلك لوجود جيش يحمي الثورة التونسية، إلى جانب يقظة الشعب التونسي وإيمانه بالحرية والديمقراطية وتعطشه لها والصبر عليها، ومما زادها متانة وعي التيار الإسلامي ممثلا في حزب النهضة وعزوفه عن تولي الرئاسة، مفضلا عدم مزاحمته لباقي الأحزاب في الانتخابات التشريعية، حتى أنه ترك بعض الدوائر لم يرشح فيها، مكتفيا بأن تنجح التجربة الديمقراطية ويجعلها تنطلق ويكون هو حارسا من حراس الديمقراطية ووقودا لها ومعاونا على ترسيخ تداول السلطة التي ستكون يوما له، لأن الشعب كأفراد لن يستطيع أن يفعل شيئا.. دون منظمات وجماعات وأحزاب التي تشكل رافعة يركبها الشعب وتصعد به إلى الحكم.الشيء المؤكد، أن إخوان تونس، كانوا أكثر ذكاء ووعيا وإدراكا للعمل السياسي الصحيح، ولهذا تعاملوا بحرص شديد مع القوى السياسية الأخرى في مجتمع أقل ما يوصف به أنه تجاوز أخطاء الآخرين واستفاد من تجاربهم خاصة تجربة الإسلاميين في الجزائر التي كانت سيئة، مؤلمة وفاشلة بكل المقاييس. الجوانب المهمة في قضية الخلاف بين إسلامويي تونس وإسلامويي الجزائر، أنهم في تونس استفادوا من تجربة فشل الأحزاب الإسلامية في الجزائر، بل إنهم راهنوا وأصروا.. على عدم تكرار ما حدث في الجزائر وما يحدث في مصر الآن. اللحظات المثيرة والفريدة التي تشهدها تونس المعاصرة بخوضها تجربة ديمقراطية فتية لكنها مثيرة ومفيدة، مرت دون صخب، فصار من الطبيعي أن يتساءل المرء، وهو يتابع تلك التفاصيل، لماذا نجحوا وفشلنا؟ رغم أنه لنا السبق عليهم في التعددية السياسية. أما الإجابة عن السؤال، فهي أنهم نجحوا في تونس لأنه كانت هناك إرادة سياسية جادة سعت إلى احترام إرادة الشعب الحقيقية وإعلانها على الناس احتراما لدور المناضلين وجبرا وتعويضا للذين ضحوا بأنفسهم، وهم يدافعون عن حلم المجتمع في الحرية والكرامة والعدل، بعدها تأتي العوامل الأخرى التي تمثلت في نزاهة اللجنة التي أنيطت بها مهمة إشراف وإدارة العملية الانتخابية وإصرارها على تحري النزاهة والشفافية واحترام إرادة الشعب. أعرف أنه ستولد أسئلة واستفهامات أخرى كثيرة أراها محرجة وأتصور أنه عند هذا الحد ينبغي لي السكوت. [email protected]




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)