الجزائر

من يبكي زيتون هذه الأرض؟!



من يبكي زيتون هذه الأرض؟!
إذا تأكد ما تداوله الإعلام، أن النار التي أتت على الأخضر واليابس والتهمت أشجارا معمرة وعرت الثروة الغابية بصورة غير مسبوقة حتى في زمن قنابل النابالم وسياسة الأرض المحروقة التي مارسها الاستعمار لتضييق الخناق على المجاهدين في الجبال، وراءها عصابات، استغلت الظرف لتوفير فحمها لبيعه بمناسبة عيد الأضحى، أو لأن الرئيس أعلن عن تعويض المناطق المتضررة في القبائل، فاستغل بعضهم سخاء السلطة وراحوا مثل ”نيرون” يضرمون النار في محيطهم ليستفيدوا بدورهم من التعويضات، فإنه على هذا الشعب السلام، وإن الخسارة ستكون أكبر من خسارة الغابات والثروة الحيوانية التي ستهجر حتما إلى مناطق آمنة، مثلما حدث في حرائق التسعينيات عندما فرت العصافير من بحيرتها في الطارف والأيائل والحيوانات البرية الأخرى نحو تونس، فليس هناك خسارة أكثر فداحة من خسارة الإنسان عندما يفقد كل صفات التمدن، بل عندما يفقد آدميته وعندما يكون مستعدا لفعل أي شيء ليحقق ربحا، ولو ضئيلا، على حساب المصلحة العامة وعلى حساب البيئة؟وهذه المرة ليس مشكل السلطة وحدها، فخطأ السلطة هو في تسيير ومواجهة الكارثة بالتقصير في توفير الوسائل، وأيضا في الإبقاء على شيخ طاعن في السن على رأس الحماية المدنية التي يتطلب تسييرها شابا يواكب عصرنة الوسائل والتقنيات التي تتطور بسرعة لمواجهة آفة الحرائق.لكن ماذا عساها تفعل السلطة أمام المئات إن لم أقل الآلاف من الفاقدين للوعي والحس الحضاري، ومعنى الحفاظ على البيئة، يعرفون قيمة الغابة والشجرة، ويدركون كم من سنة يجب لتستخلف الغابة غطاءها وكم من سنة لتكبر الأشجار؟ فهم يتلفون في رمشة عين ما أمضت الطبيعة عقودا في بنائه؟أعود وأقول إن مصيبتنا هي المدرسة أولا، والتي لم تعد تزرع القيم الحضارية في التلاميذ وأهمية الحفاظ على البيئة، مثلما تعلمهم قواعد الوضوء وأركان الصلاة، وكان من المفروض أن تعطى لدروس الحفاظ على البيئة، نفس الأهمية التي تعطى للدروس الدينية، بل إن الحفاظ على الشجرة هو من صميم أخلاق المسلم.وعلى عاتق الأسرة أيضا تقع كامل المسؤولية في تربية الأبناء على احترام المحيط ونظافته وعلى احترام الغطاء النباتي وتشجيع الأبناء على الغرس، مثلما عودونا عليه ونحن صغار عندما كنا نخرج في حملات تطوعية لغرس الأشجار، فهؤلاء لو لامسوا التربة وساهموا في حملات التشجير، لما اقترفوا هذا الجرم في حق الطبيعة، وفي حق أنفسهم، لأنهم لم يتعلموا يوما أهمية الشجرة في التوازن الطبيعي وفي توفير الهواء الذي يتنفسونه.ما زال أمامنا الكثير لنبني مجتمعا تتوفر فيه صفات المجتمع المتحضر، وما زال أمامنا الكثير لنبني الإنسان المسؤول للأسف!فمن يبكي زيتون هذه الأرض؟!


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)