الجزائر

من كتاب بأكرم الخلق كنّا أكرَم الأمم


نرى كما قال الأستاذ الفاضل عفيف عبد الفتاح طباره ادعاءهم لا يقوم على أيّ دليل عقلي مقبول، بل تتراءى لنا هذه الحقائق الّتي تنقض مزاعمهم وهي: لو كان سيّدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم تلقّى شيئاً من المعارف عن الرّاهب بَحِيرَا أو غيره من الأحبار والرُّهبان لنقل ذلك أتباعه الكرام الّذين لم يتركوا شاردة ولا واردة من أفعاله الشّريفة إلاّ ودونوها في كتب السِّيرة والأحاديث النّبويّة. الرّاهب بَحِيرَا كان بالشام وسيّدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم موطنه الحجاز. والتعلم لا يتم في السرّ وفي جلسة واحدة أو جلسات متفرّقة بل لا يتم إلاّ إذا اختلى المتعلِّم إلى المعلّم أزمنة متطاولة، ولو كان الأمر كذلك لاشتهر بين العرب أنّ سيّدنا محمّداً يتعلَّم العلوم من فلان وهذا ما لم يثبت تاريخياً. الرّاهب بَحِيرَا ليس من بُلغاء العرب وفصحائهم، وسيّدنا محمّد لم يشتهر عنه أنّه كان من بلغاء العرب. فمن أين مصدر هذه البلاغة القرآنية الّتي فاقَت جميع بلاغة العرب والّتي تحدّى القرآن بها جميع البلغاء وعجزوا عن محاكاتها بما لا يمكن تعليلها إلاّ بأنّها وحيٌ الهي. إذا كان الرّاهب بَحِيرَا في هذه المنزلة العظيمة من المعارف، فلماذا لم يفاجئ بها عصره ويحصل على الشّهرة والمنزلة الرّفيعة في قومه؟ ولماذا يرضى أن يكون مطية لغيره؟ ثمّ ماذا كان يمنعه بعد نجاح سيّدنا محمّد أن يدعي هذا الفضل عليه كما يحصل عند كثير من النّاس ويظهر تفضّله عليه في العلم والمعرفة؟ القرآن يشتمل على أكمل ما يعرفه رجال الدِّين في عصر سيّدنا محمّد وبعده، فقد اشتمل على أحكام وتشريعات لا يمكن أن تكون مستمدة من الرّاهب بَحِيرَا أو غيره بل القرآن تراهُ كثيراً ما يخالف العهدين القديم والجديد فيما يذكران من الحوادث التاريخية والدينية.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)