الجزائر

..من عراق الحضارة إلى جزائر الثورة



- عبد المجيد شيخي مستشار رئيس الجمهورية مكلف بالذاكرة: ندوة علمية عن البروفيسور كاظم العبودي قريبا- أصدقاء ورفقاء الدرب : الراحل موسوعة علمية وأدبية
أحيت أمس "الجمهورية" أربعينية الدكتور الراحل كاظم العبودي الذي غادرنا إلى الأبد قبل شهر، لتستحضره الجريدة التي تبقى شاهدة على خطاه وعلى مداخلاته في منتدياتها وحوارات له نشرت على صفحاتها، فكان الحاضر دوما في العلم والأدب والفلسفة، إنه كاظم العبودي العراقي ابن الجزائر.
اللقاء حضره مستشار رئيس الجمهورية مكلف بالذاكرة السيد عبد المجيد شيخي، والسيدة مونيا صاري أرملة الراحل، والسيد فريد الأطرش نائب رئيس جمعية مشعل الشهيد، والسيد محمد محمودي منسق جمعية 13 فبراير وثلة من الأساتذة الجامعيين و الباحثين وأصدقاء ورفقاء درب المرحوم. وجاءت المداخلات في إطار فعاليات أربعينية الفقيد كاظم العبودي لتستذكر مآثر وخصال الإنسان والعالم والكيميائي والفيلسوف والأديب الشاعر، وأجمع الكل على أنه رجل لن يكرره التاريخ، وبعد أن كانت تفجيرات رقان قضيته، أصبح اليوم قضيتها، فلا تذكر تلك الجرائم البشعة إلا ويذكر اسم العبودي، عالما وباحثا ومناضلا ومدافعا عن الضحايا وعن الحقائق المغطاة تحت أنقاض المآسي التي تركها الإستعمار في الصحراء الجزائرية. تكلم رفقاءه عن سيرته، عن الموسوعة الشاملة التي حضيت بها الجزائر، وقال فيه الرئيس المدير العام لجريدة "الجمهورية" محمد عالم أنه قامة فكرية وموسوعة جمعت بين العلم والأدب وبين الجزائر والعراق، أفنى حياته باحثا عن الحقيقة محاولا فك شفرتها، متحدثا عن مشاركته الواسعة في الفضاء الثقافي بولاية وهران فضلا على محاضراته وندواته العلمية التي ستبقى مفخرة للجزائر.
رجل حمل على عاتقه ملف التفجيرات النووية لربع قرن
وأكد بدوره السيد عبد المجيد شيخي مستشار رئيس الجمهورية مكلف بالذاكرة إنسانية كاظم العبودي ووطنيته وصلابته قائلا:«هو من شعب صلب وجاء إلى شعب صلب.." مشيرا إلى البيئة التي غادرها "العراق" والبيئة التي أتى إليها "الجزائر"، وقال شيخي عن الرجل الذي عرفه في سنوات التسعينات أنه كرس حياته للعمل الجاد متحدثا عن ملف التفجيرات النووية في الصحراء الجزائرية الذي وصفه بالخطير والهام والدقيق، وأضاف:«كان وفيا لعباءة ارتداها ولم يتركها حتى وفاته...كرس حياته لملف أخرجه من العذاب.."، وروى السيد شيخي بعض التفاصيل عن مرافقته للمرحوم في رحلاته إلى رقان وإلى موقع التفجيرات، وقال في الأخير أن هذا الشبل من ذاك الأسد، وأن دخوله إلى الجزائر سنوات السبعينات كان بمثابة ولادة جديدة. كما أعلن السيد عبد المجيد شيخي عن تنظيم ندوة علمية كاملة حول الدكتور كاظم العبودي ضمن ملف الذاكرة الوطنية في الأيام القليلة المقبلة
وعن الإنسان، عن الزوج والحبيب تكلمت أرملته السيدة مونيا صاري وهي تحاصر حزنها وعبراتها،قالت:«أنا هنا لأتكلم عن الإنسان، عن الغائب الأكبر عن الضمير الحي.."وواصلت كلماتها المغطاة بحزن عميق بين رثاء ومدح، وكأنها تخاطب روحه في خجل وشوق، لتنهي كلامها بشكر الجريدة التي أحيت أربعينيته في مبادرة أسعدتها وأرجعتها إلى ذكريات بعيدة من خلال لقاءها برفاقه وأصدقائه ومحبيه، علما أن السيدة مونيا صاري تلقت التعازي من قبل كل الحاضرين من الذين تعذر عليهم حضور الجنازة على هامش اللقاء. وعنه أيضا، عن الرجل العربي القومي تكلم السيد فريد الأطرش نائب رئيس جمعية مشعل الشهيد الذي رافق دربه طيلة 40 سنة، وحكى عنه كمدرس في الثانوية بولاية عنابة سنة 1972، ثم عن أبحاثه في ملف التفجيرات النووية برقان، وأوصى السيد الأطرش بإتمام ما تبقى من جهوده وتحقيق أحلامه التي كان قد أخبره بها، منها إخراج مؤلفين هما عصارة بحثه وفكره إلى النور، وإنجاز نصب تذكاري لضحايا التفجيرات النووية بولاية وهران، وقال أن كاظم كان كاظما لعديد المآسي التي تحمل وزرها إلى غاية رحيله. وكشف السيد محمد المحمودي المنسق الوطني للتفجيرات النووية قيد التأسيس، وأحد ضحايا التفجيرات النووية، عن ما قدمه العبودي للقضية وقال :«هو من ساعدني ودعمني لجلب ضباط فرنسيين لمشاهدة ضحايا التفجيرات في رقان، وضَمن أخذ شهاداتهم في القضية.."
دعوة إلى تحقيق حلم الراحل في تأسيس جمعية وطنية لضحايا التفجيرات النووية
أما الباحث وصديق الراحل السيد منصوري عمار فتوقف أيضا عند مسار كاظم العبودي الذي قال أنه جاء من عراق الحضارة إلى جزائر الثورة، ليكشف عن حقائق ويقوم بعمل جبار، وتكلم عن مشاركته في الملقيات العلمية وآخرها ملتقى بسطيف سنة 2018، وأشار إلى مشروع المركز الوطني للدراسات والبحث المتمثل في إنجاز كتاب عن التفجيرات النووية برقان. وأضاف السيد منصوري:« برحيل كاظ العبودي كسر جناح من أجنحتنا، فكنا نعتمد عليه في كل الملتقيات.." وتكلم أيضا عن مشروع تأسيس جمعية وطنية لضحايا التفجيرات النووية التي كان فيها العبودي عضوا مؤسسا..
وتكلم الشاعر ورفيق الراحل الحبيب عبد المالك عن الرجل الأديب وعن الإنسان الروحاني أكثر منه علمي –يقول الحبيب، والشاعر المتميز الذي يقدس الكلمة، ابن البصرة الجزائري الذي جمع بين كل الفنون، وقال أيضا:«هو من احتضنني كمبدع في الشعر والأدب، له إتصالات عجيبة في عالم الميثافيزيقيا، يحاول تفسيرها علميا"، وألقى بالمناسبة قصيدة شعرية يرثي فيها الرجل. وتحدث ايضا صديقه ومستشاره القانوني المحامي عبدالقادر بن داون بشجون مقدما اعتذاره عن التقصير في حقه وقال:«عمود من أعمدة العلم سقط، غُيب في السنوات الثلاث الأخيرة عمدا.." وأشار إلى كتابين له لم يطبعا، وأضاف قائلا:« كان رجل وحدة وطنية وقومية وعلينا أخذ العبرة من تجربته ، ويجب تحقيق حلمه في تأسيس جمعية وطنية لضحايا 57 تفجيرا في رقان.." وتكلم الأستاذ بن داود أيضا عن الجانب القانوني التاريخي لفرنسان في قضية الإعتراف والتعويض. كما تكلم الأستاذ محمود بوزيد الذي رافق المرحوم كاظم العبودي في الحقل الثقافي عن زوايا أخرى من اهتماماته لا يعرفها الكثيرون إلى جانب تخصصه العلمي في الفيزياء النووية واهتمامه بملفي التفجيرات النووية والتجارب الكيميائية، والأدب هو معتم بالرسم الكاريكاتوري وخبير في التصوير الفوتوغرافي، وقال أنه ترك نص روائي عن مدينة وهران بكل تفاصيلها.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)