الجزائر

من ''بوعلام زيد القدام'' إلى ''الموجة ولات''



 تعوّد محترفو السياسة والرأي العام إطلاق وصف مسرحية على كل فعل سياسي غير جاد أو مطعون في مصداقيته. لكن المتتبع للراهن السياسي في الجزائر والمهازل اليومية التي يشهدها، يدرك بسهولة أن في هذا الوصف إهانة أو جريمة في حق الفن الرابع لما فيه من سمو معنى وجماليات وحس استشرافي لمستقبل الوطن وأزماته. فمن لا يتذكر أعمال كاتب ياسين حول الحكام العرب وسليمان بن عيسى وآخرين. فما أشبه لجنة بن صالح الثلاثية للتشاور حول الإصلاحات السياسية التي قررها رئيس الجمهورية مؤخرا، برائعة بابور غرق للمسرحي سليمان بن عيسى في سنوات السبعينيات والتي تدور أحداثها حول ثلاثة أشخاص كانوا على متن زورق في عرض البحر، اضطروا لاختيار أحدهم بصفة ديمقراطية للتضحية به وأكله، بعد أن تأكدوا من نهايتهم. وهي صورة مقربة لأجنحة السلطة المتناحرة على الحكم ومواجهة غضب الشعب للإجابة عن سؤال: بمن سيضحي النظام لإنقاذ نفسه؟ ولا ينقص سوى إضافة بن صالح زيد الفدام ليكتمل مشهد تعنت السلطة في فرض منطقها وتحديد رزنامة الإصلاحات التي تراها هي المناسبة دون أن تأبه بالأصوات المنادية بإشراك الجميع في مسار الإصلاح. مسار سيفضي بالضرورة إلى تحقق نبوءة سليمان بن عيسى في عمله بوعلام زيد الفدام التي كتبها سنوات الثمانينيات لانتقاد نظام الحزب الواحد المفلس، وتسييره الكارثي الذي دفعت الجزائر ثمنه من خلال أحداث أكتوبر وآلاف القتلى خلال العشرية السوداء. فهل بعد هذا كله يجوز لنا عقد مقارنة بين الفعل السياسي الرديء والعمل المسرحي؟ أكيد لا. وفي الأيام الأخيرة عاد إلينا نفس المسرحي بعمل آخر موسوم بـ الموجة ولات ، حول أحداث الربيع العربي واستفاقة الشعوب لتقرير مصيرها وطرد الأنظمة المستبدة ورد فعلهم ضد الحكام الديكتاتوريين، فوقع الموجة سيكون عنيفا كما حدث في مصر وتونس وحاليا في اليمن وليبيا. واقعية الأعمال المسرحية والتصاقها بطموحات وانكسارات الشعوب تجعلنا ننصح السلطة بأن تتخذ العبرة من الماضي، لأننا نخشى عليها من الموجة إذا ولات ، وبالتالي سيغرق البابور بسبب تعنت بوعلام زيد الفدام .


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)